أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

حكومة السوداني على خطى سابقاتها

مراقبون: مذكرات القبض على بعض المسؤولين هي للتستر على كبار الفاسدين وتبرير الفشل في الحد من الفساد.

بغداد – الرافدين
بعد فشلها في إدارة الدولة وإنهاء الفساد المستشري في جميع مفاصلها، تحاول حكومة الإطار التنسيقي الظهور بمظهر المحارب للفساد عبر الإعلان عن صدور مذكرات توقيف ضد بعض المسؤولين الفاسدين في ظل صراعات سياسية للتخلص ممن تعدهم خصومًا لها كما يرى مراقبون.
وأصدر القضاء في العراق أوامر بالقبض على أربعة مسؤولين سابقين، بينهم وزير سابق ومقربون من رئيس الوزراء السابق، لاتهامهم بـ”تسهيل” الاستيلاء على 2,5 مليار دولار من الأمانات الضريبية، والمسؤولون الأربعة الذين تستهدفهم مذكرات بالقبض عليهم وبحجز أموالهم كانوا جزءًا من فريق الكاظمي جميعهم خارج العراق.
ويرى مراقبون أن إصدر القضاء العراقي مذكرات توقيف بحق أربعة مسؤولين في حكومة الكاظمي وإن ثبت فسادهم، يأتي ضمن الاستهداف السياسي الذي تنتهجه حكومة الإطار التنسيقي بقيادة السوادني وأبعد ما يكون عن خطة محاربة الفساد التي أعلنت عنها الحكومة لأن عمليات الفساد والسرقة مستمرة بعد تولي السوداني مقاليد السلطة، دون مساءلة قانونية.
ويقول مراقبون إن الفساد مستمر في العراق منذ عام 2003 وحكومة الإطار التنسيقي ليست استثناءًا، فهي تستحوذ على جميع موارد الدولة من خلال ميليشياتها المسلحة، وتوزيع المناصب الحكومية المهمة على التابعين لها، مؤكدين أن أحزاب السلطة لا يهمها إلا تقوية نفوذها وإن كان على حساب البلد والمواطن.
واعتبر المكتب الإعلامي لمصطفى الكاظمي صدور أوامر قبض ضد مسؤولين في حكومته السابقة بأنها محاولات للتستر على المجرمين الفعليين والسرّاق الحقيقيين، لأموال الضرائب.
وقال إن ما جرى ليس سوى استعراض إعلامي بدلًا من السعي لكشف الحقيقة ليعرف العراقيون من يسرق أموالهم، بدلا من مكافئة اللصوص. وأن تسريب أوامر القبض مرتبط بقوى وأحزاب تفتقر إلى الاستقلالية.
وأضاف المكتب أن اتهام شخصيات بصورة انتقائية يشكل دليلًا على وجود دوافع سياسية واضحة تقف خلف هذا الإجراء.
وتعليقا على بيان الكاظمي قال ناشطون عراقيون أن الكاظمي لا يفرق عن غيره من الفاسدين وشهدت مدة حكمه انتهاكات كثيرة في ملف حقوق الإنسان. وأن تلويحه بامتلاك ملفات فساد ضد مسؤولين في الدولة دليل إدانة له بأنه تستر عليهم خلال حكمه ويجب أن يحاسب معهم.
حادثة سرقة الـ 2.5 مليار دولار أمريكي من العائدات الضريبية للدولة، التي جرى الكشف عنها قبل أشهر، ليست الأولى، بل إن مئات مليارات الدولارات سرقت بطرق مختلفة منذ 2003 وكانت هيئة النزاهة الاتحادية قد أعلنت في تقريرها السنوي لعام 2021 عن تورط أكثر من 11 ألف مسؤول حكومي في قضايا فساد، من بينهم 54 وزيرًا، إلا أن أي محاكمة لم تحدث لهم، وإن حدثت فهي تستهدف مسؤولين صغارًا في إطار الصراع على المناصب.
وقال المعهد العربي بواشطن في تقرير له إن الفساد تغوَّل في العراق وأصبح هو الوجه الآخر لجماعات الدولة الموازية التي تفرض نفسها بقوة السلاح والنفوذ السياسي والفساد المالي والإداري.
ووصف التقرير مزاد العملة الذي يديره البنك المركزي بأنه أحد أهم وأخطر واجهات الفساد حيث يستنزف 57% من العائدات النفطية، ويعد نموذجا على بقاء العراق أسيرا للفساد واللادولة.
وأضاف التقرير أنه بسبب عدم الكفاءة السياسية والفساد المستشري في الحكومة، وصل استياء العراقيين إلى نقطة الغليان في عام 2019، وحينها لم يستهدف المتظاهرون المباني الحكومية فحسب، بل استهدفوا أيضًا مكاتب مرتبطة بميليشيا الحشد مما يشير إلى تحميلها المسؤولية لتدهور الأحوال المعيشية.
يقول خبراء اقتصاديون إن لفساد المالي في العراق، من المواضيع الشائكة والمعقدة، لأنها ترتبط بأحزاب وميليشيات مسلحة وجهات خارجية، وهناك تواطؤ حكومي وسياسي فيه، وكل ذلك يحصل على حساب المواطن العراقي.
ويبين خبراء أن محاربة الفساد تحتاج إلى إرادة سياسية، وهي غير متوفرة في حكومة الإطار، فمئات المليارات سرقت من العراق وهربت للخارج، وتحولت إلى عقارات واستثمارات وشركات ضخمة على مرأى ومسمع من الجهات الحكومية، والتي لا تفعل سوى تشكيل لجان تحقيقية يتألف أعضاؤها من الجهات نفسها المشاركة في الفساد. مؤكدين أن الإفلات من العقاب هو السمة في التعامل الحكومي مع موارد الدولة، كون الأحزاب الحاكمة تسيطر على كل شيء، وتعد نهب أموال الدولة يندرج ضمن الحصص والاستحقاقات السياسية والانتخابية.
وقالت مجلة بروسبكت البريطانية في تقرير لها إن المسؤولين الحكوميين في العراق عقب عام 2003 فشلوا في بناء قطاع خاص اقوى حيث ما زالت الإدارية الهرمية والممارسات الفاسدة في المؤسسات الحكومية، كما فشلت الحكومات المتتالية منذ 20 عاما في بناء مؤسسات حكومية حقيقية وموثوقة ما أدى إلى انتشار انعدام الكفاءة والفساد والخلل الوظيفي.
وبينت المجلة أن البنية التحتية في العراق متهالكة لاسيما شبكة الكهرباء والمياه، بينما وصلت نسبة البطالة بين الشباب الى 35 % وفقا لمنظمة العمل الدولية.
ويصنف العراق من الدول الأكثر فسادا في العالم، إذ يحتل المرتبة 157 عالميا بين 180 دولة ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية عام 2022، مما يؤكد أن خطط الإصلاح ومحاربة الفساد التي تعلن عنها الحكومة هي للاستهلاك الإعلامي ولتصفية الخصوم السياسيين.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى