أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

المرأة العراقية في عيدها لا حكومة ترحم ولا معيل يدعم

وضع النساء العراقيات ينتقل يومًا بعد يوم من سيء إلى أسوأ في بلدهن الذي تصدر المركز الثاني في قائمة أسوأ البلدان العربية التي يمكن أن تعيش فيها المرأة.

بغداد – الرافدين
تزداد معاناة المرأة العراقية مع الاحتفال بعيد المرأة العالمي، في ظل الفوضى وضياع الحقوق السائدة في العراق، وتعدى انتهاك الحقوق بشتى أشكاله بحق هذه الفئة من عنف أسري وطلاق واغتصاب وقتل واختطاف، وتهجير إلى الحد الذي نتج عنه انحراف كبير في مسار المجتمع.
وحددت الأمم المتحدة الثامن من آذار يومًا عالميًا للمرأة تحتفي به كل عام، غير أن المرأة في العراق تعيش واقعًا مختلفًا بعيداً عن أي مظاهر للاحتفاء، حيث كشفت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، عن تلقيها خمسة آلاف شكوى بشأن العنف الأسري نهاية العام 2022. فيما تعيش مئات الآلاف من النساء في مخيمات نزوح بعد أن فقدن أزواجهن.
وعاشت المرأة العراقية محنًا مهولة منذ عام 2003 عندما فقدت مئات الآلاف من النساء أزواجهن وابنائهم بالقتل والاختطاف والتغيبب، واضطرت نساء إلى اعالة عوائل مكونة من عدة أطفال في ظروف معيشية تفتقر إلى الكرامة الإنسانية.
وبينت بعثة الأمم المتحدة في العراق أن نحو 1.2 مليون امرأة عراقية قد شرّدن من منازلهن بسبب الخوف من العنف وانتهاكات حقوق الإنسان والتهديدات بالقتل.
وتزداد معاناة المرأة والطفل في ظل الفوضى وضياع الحقوق السائدة في العراق، وتعدى انتهاك الحقوق بشتى أشكاله بحق هاتين الفئتين الى الحد الذي نتج عنه انحراف كبير في مسار المجتمع بأكمله فضياع المرأة يعني ضياع الطفل وبالتالي يظهر جيل مجبول على الفوضى والانحراف نتيجة للظروف التي ترعرع فيها.
ولا تحصل إلا نسبة قليله من النساء اللاتي ليس لهن معيل سوى على معونات مالية بسيطة من الحكومة، فيما يعيش أغلبهن في ظل دوامة من الفقر واليأس، وتتعرض أرواحهن يوميًا للخطر وتهدر كرامتهن باستمرار.
وينتقل وضع النساء العراقيات يومًا بعد يوم من سيء إلى أسوأ في بلدهن الذي تصدر المركز الثاني في قائمة أسوأ البلدان العربية التي يمكن أن تعيش فيها المرأة.
وفي مدينة الأعظمية تعيش المرأة الخمسينية فاتن عيسى التي اختطف زوجها من قبل عناصر الميليشيات الطائفية من المتجر الذي كان يعمل فيه، ولا تعلم إن كان سبب الاختطاف طائفيًا، إلا أنها رجحت، رغم أنّ لا مشاكل لزوجها مع أيّ كان، أن يكون استهدف بسبب مذهبه.
فاجعة اختطاف زوجها ليست المعاناة الوحيدة التي تواجهها عيسى، بل تتجاوز محنتها إلى المعاناة اليومية لتوفير الاحتياجات الأساسية لأسرتها.
وقالت فاتن عيسى وبصوت تعلوه الحسرة “اختطف زوجي ولا أعلم إن كان ما زال على قيد الحياة أم قتلوه، لقد أخذه مسلحون من المتجر، وإلى اليوم لا أعلم شيئًا عن مصيره، وترك لي مسؤولية كبيرة قصمت ظهري وحوّلت حياتي إلى عذاب وشقاء”.
وتفاقمت الظواهر السلبية بعد الاحتلال الأمريكي للبلاد، والتي تهدف إلى تفكيك المجتمع العراقي وتجهيله الذي تمثل المرأة الركن الأساس في بنائه، فيما أهمل النظام السياسي الهش الذي نتج عن الاحتلال الاهتمام بالمرأة وتعليمها من أجل بناء مجتمع صالح.
وطرحت هيئة علماء المسلمين في العراق في وقت مبكر رؤيتها للواقع الاجتماعي في العراق وسبل حل المشاكل الاجتماعية الناشئة فيه بعد الاحتلال، وأبانت عن ذلك في مناسبات عدة، وأظهرت بعض توجهاتها ومقترحاتها في هذا الصدد عن طريق وسائل التواصل المباشر مع المكونات المجتمعية العراقية، أو عن طريق وسائل الإعلام.
وأكدت الهيئة في إصداراتها على مجموعة قضايا، وأبانت فيه عن وجهة نظرها فيما يتعلق ببعض المفاهيم العامة السائدة في العراق فيما يتعلق بالإصلاح الاجتماعي، ووسائله، وصلته بالتغيير السياسي. ونبهت بصراحة ووضوح على أن التغيير السياسي عملية جماعية لا تقوم بجهد الفرد وحده، وأن الإصلاح الاجتماعي يمكن أن ينتج تغييرًا سياسيًا.
وركزت على تفاصيل النظام الاجتماعي أو “السياسة المثلى لبناء إنسان الأمة والعناية بالمرأة”.
وسبق أن ذكر قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق، أن المرأة من أولى ضحايا السياسات التي انتهجت بعد الاحتلال والممارسات التي تقوم بها أجهزة السلطة. فقد توالت الإجراءات والتشريعات من أجهزة السلطة التي تحطّ من مكانة المرأة.
وأوضح تقرير قسم حقوق الإنسان في الهيئة، أنه قدم إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تفاصيل تعرض عدد غير قليل من المعتقلات إلى عمليات اغتصاب من قبل الحراس أو الموظفين الرسميين، ولم تتخذ السلطات أية إجراءات لمعاقبة المجرمين، بل قامت بالدفاع عنهم والتستر على هذه الجرائم البشعة.
وفي جانب العنف الأسري، صرحت وحدة حماية الأسرة في وزارة الداخلية بأنها تتلقى نحو 100 اتصال يوميًا في العاصمة بغداد وحدها للإبلاغ عن حالات عنف ضد النساء، وتم تسجيل 17000 حالة اعتداء زوج على زوجته خلال عام 2022 في العراق.
وشهد العراق، تسجيل 5292 حالة عنف أسري خلال العام 2022 في مختلف مناطق البلاد، الأمر الذي أدى إلى مقتل العشرات، فضلًا عن جرائم قتل حصلت داخل الأسرة الواحدة تحت مزاعم الانتحار.

بان الجميلي: المرأة العراقية تعيش في كل يوم أزمة ومعاناة جديدة تجعل الشمس تغيب عن وجهها
وترى الكاتبة العراقية بان الجميلي أن وضع المرأة في بلادها قد أصبح أكثر قتامة ومأساوية وأن كثرة المسؤوليات الملقاة على عاتق النساء اليوم، وخاصة في ظل تدهور الأوضاع الأمنية وصعوبة الظروف المعيشية، أكبر بكثير من قدرتهن على التحمل.
وقالت الجميلي، إن “المرأة العراقية تعيش في كل يوم أزمة ومعاناة جديدة تجعل الشمس تغيب عن وجهها، لكن رغم ذلك تبقى أدوارها مشرقة وتضحياتها كبيرة في سبيل ضمان حياة كريمة لأسرتها”.
وأضافت، “ترمّل الكثير من النساء بسبب معاناة العراق المستمرة من أعمال العنف وعمليات القتل أو الخطف أو التفجيرات، فهناك من فقدت زوجها وهناك من فقدت ابنها وهناك من فقدت شقيقها وربما عائلتها بأكملها.. والكثير الكثير من حالات الفقدان التي نخرت قلوب العراقيات واضطرتهن لإعالة أسر كبيرة العدد بمفردهن”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى