أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

سوق العملة السوداء يطيح بقرار حكومة السوداني عن سعر صرف الدولار

متنفذون ومضاربون يعمقون الأزمة الاقتصادية عبر استغلال الفرق بين سعر الصرف الرسمي ونظيره في السوق السوداء.

بغداد – الرافدين
تسبب الفارق بين السعر الرسمي للدولار والسعر المتداول في السوق السوداء بمزيد من الأزمات الاقتصادية للبلاد بعد استغلال هذا الفارق من قبل متنفذين وميليشيات فضلًا عن المضاربين بالعملة الصعبة.
وسجلت الأسواق العراقية أسعارًا متفاوتة للدينار أمام الدولار الخميس، إذ بلغت 159 ألف دينار لكل مائة دولار في بغداد، وعدد من المدن الأخرى، على الرغم من بسط البنك المركزي القيمة الرسمية وهي 1320 دينارًا منذ نحو شهر.
ودفع فارق السعر عصابات الفساد إلى سوق العملة، إذ نشط المضاربون والمهربون بصورة كبيرة فيه ما أشعل السوق السوداء للدولار الذي شهد قفزة كبيرة أمام الدينار.
واستغل المضاربون حزمة المعالجات التي أقرتها الحكومة والتي كان من بينها توفير الدولار للمسافرين لأغراض العلاج أو الدراسة والسياحة، بقيمة 7 آلاف دولار للمسافر و3 آلاف دولار للمعتمر، لقاء تقديمه تذكرة سفر فاعلة وجواز نافذ، يؤهله للحصول على المبلغ من داخل المطارات التي افتتح البنك المركزي العراقي فيها منافذ لبيع الدولار بالسعر الرسمي.
وتورطت في عملية “غسيل الأموال” هذه شركات استيراد وأخرى للصرافة ومكاتب تحويل مالي، وكذلك رجال أعمال، يرتبطون بالميليشيات من خلال إرسال عشرات الشباب إلى الدول التي تتيح للعراقيين الدخول بتأشيرة سهلة للاستفادة من المبلغ الذي يتلقونه داخل المطار.
ولفت عدد من المشاركين في هذه الرحلات إلى أن شركات السفر تقدم لهم هذه الفرصة، بحيث يحصلون على المبلغ من منافذ البنك المركزي العراقي ويقدمونه لممثل الشركة، مقابل السفر إلى الوجهة التي يختارونها.
وبين المشاركون تحقيقهم أرباح تصل إلى نحو 25 ألف دينار عراقي لكل مائة دولار في عملية شراء الدولار ومن ثم بيعه عند العودة إلى العراق خلال يوم واحد.
وكانت هيئة السياحة، التابعة لوزارة الثقافة الحالية، قد حذرت، شركات السفر والسياحة العاملة في البلاد، من منح تذاكر سفر مزيفة، للمواطنين يكون غرضها استحصال الدولار.
ووجهت الهيئة، شركات السفر بـ”عدم إصدار تذاكر غير صحيحة أو قابلة للإلغاء، بعد قيام المواطن (غير المسافر) بشراء الدولار من أحد المصارف، ليقوم بتداول العملة في السوق”.
وعدت هكذا إجراء “نشاط يضر بالاقتصاد الوطني، ويقوض جهود البنك المركزي لضمان استقرار سعر الصرف في البلاد”، منذرة الشركات المخالفة بـ”المساءلة القانونية واتخاذ الإجراءات المناسبة ضدها بشكل فوري”.

حازم الرديني: الأجدر بالحكومة تحويل المبالغ لشراء المواد الغذائية الأساسية للتخفيف عن المواطن بدلًا من ذهابها لجيوب المصارف الأهلية

وقال نائب رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق المحامي حازم الرديني إن “سعر الدولار بالبورصة اليوم يلامس 1600 دينار مقابل الدولار على الرغم من بيع ما يقارب الثلاث مليارات دولار بالسعر الجديد”.
وأضاف الرديني أن “المستفيد الأول والأخير من هذا التخفيض المصارف الأهلية والتجار ممن يشترون يوميًا عشرات الملايين من الدولارات من البنك المركزي وبالسعر الرسمي الجديد وهو 132 الف دينار للمائة دولار والمتضرر هو المواطن بالدرجة الأولى لانه لم يلمس أي فرق في الأسعار المرتفعة للمواد الغذائية وفي جميع مفاصل حياته اليومية وبالدرجة الثانية الحكومة التي خسرت 45 مليون دولار خلال شهر واحد فقط”.
وأكد أن “الأجدر بالحكومة تحويل هذه المبالغ لشراء المواد الغذائية الأساسية لكان تأثيرها على المواطن أفضل بدلًا من ذهابها لجيوب المصارف الأهلية والتجار”، مطالبًا إياها “بضرورة وضع حد للارتفاع الحاصل بأسعار الدولار في السوق العراقية والذي بات يؤثر بشكل كبير على المواطن”.
ويتفق الخبير بالشأن المالي رياض عباس، مع ما ذهب إليه الرديني بالقول إن السعي للحصول على الدولار بشكل أو بآخر في العراق يدفع الى الدخول في طرق احتيال مختلفة بالنسبة لشركات التحويل والتجار على حد سواء.
وأكد عباس أن المسؤولية تقع على عاتق القوات الأمنية والاستخبارية منها على وجه التحديد، لأن الجهات المُعاقبة في العراق من قبل السلطات الأميركية كثيرة ومتعددة، وكلها جرى منعها من الحصول على الدولار، لذلك تلجأ لمثل هذه الأساليب، إلى جانب مسألة وجود شركات ومكاتب بالأساس تعمل على توفير نقد بالعملة الصعبة لتعظيم أرباحها من فارق السعر من جهة، ولتوفير الدولار من جهة أخرى.
بدوره، يقول الأكاديمي والباحث الاقتصادي الدكتور عبد الكريم العيساوي، إن ما يهم الشارع العراقي هو كيفية ردم الفجوة بين السعرين (الرسمي والموازي للدولار) الذي بلغ مستويات مرتفعة بالإضافة إلى عدم تعقد عملية الحصول على الدولار من قبل صغار التجار الذين يمولون استيراداتهم، ما نجم عنه ارتفاعات مستمرة في الأسعار.
ويرى العيساوي أن “عقد البنك المركزي العراقي اتفاقية مع مجموعة “جي بي مورغان” للعمل كوسيط وتسوية بين القطاع الخاص والجهات المصدرة للعراق، ضروري جدا ومن شأنه أن يخلق نوعًا من الشفافية في التحويلات المالية الخارجية للعراق.
ولفت، إلى أن التعامل بالتحويلات الخارجية عبر نظام “سويفت” ما زال بحاجة إلى وقت إضافي لكي يتم التكيف معه من قبل المصارف، لذا من الضروري اتخاذ معالجات تسرع الاستجابة لحاجة الأفراد العاديين للدولار والعمل على زيادة منافذ بيع العملة الأجنبية وعدم حصرها في مصارف محددة.

إيران تستنزف العملة الصعبة في العراق عبر عمليات المضاربة في السوق السوداء

وتكافح العملة العراقية منذ شهور مقابل الدولار منذ أن فرض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قيودًا جديدة على كيفية تداول البنك المركزي للبلاد الدولارات التي يجنيها من مبيعات النفط لمنع تهريبها إلى إيران.
ويعد العراق أحد أكبر مستوردي السلع الإيرانية على مدى العقدين الماضيين، وخاصة الغاز والكهرباء والمواد الغذائية ومواد البناء، ويبلغ حجم التبادل التجاري الرسمي بين البلدين حوالي 14 مليار دولار.
وبسبب العقوبات الأمريكية التي فُرضت على إيران في 2018؛ كافحت حكومات البلاد المتعاقبة من أجل دفع الديون لإيران بين 2019 و2021 التي كانت تضغط لاستلام ديونها من خلال قطع إمدادات الغاز التي يؤدي توقفها إلى انقطاع الكهرباء في أشهر الصيف خلال درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية.
وبلغت ديون بغداد لطهران أكثر من 1.6 مليار دولار عن مشترياتها من الغاز والطاقة الإيرانية وحدها بين سنتي 2019 و2021 وتشير المصادر إلى أن هذا الدين قد تمت تسويته، مع سداد الدفعة الأخيرة في تشرين الأول 2022، لكن بدلًا من الدولارات التي كانت تتلقاها إيران قبل العقوبات استخدمت بغداد الدينار العراقي للدفع، وفقًا لمسؤولين حكوميين.
واستفادت إيران من هذه الدنانير عبر تحويلها إلى دولارات وهو أمر يعود عليها بفائدة أكبر كما يرى مختصون وذلك باستخدام مزاد العملة الذي يحتفظ به البنك المركزي العراقي لتحويل الدولارات التي كسبتها من مبيعات النفط قبل العقوبات الأمريكية الأخيرة.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن إيران احتفظت بجزء كبير من الدنانير العراقية التي استغلتها في عمليات المضاربة بعد خفض قيمة الدولار أمام الدينار ما يعني تحقيقها مزيدًا من الأرباح عبر شراء الدولار بالسعر الرسمي بفارق كبير عن قيمة الدولار التي استلمته سابقًا مقابل الدينار العراقي.
وتعليقًا على هذا الأمر أوضح مسؤول حكومي أن “سداد الدين الإيراني بالدينار العراقي لم يكن خطوة محسوبة العواقب، والأزمة المالية التي نعاني منها حاليًا سببها هذه الخطوة الغبية”.
وأضاف المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن “إيران حصلت على كميات ضخمة من العملة العراقية بينما هي في حاجة ماسة إلى الدولار الأمريكي، فماذا اعتقد أصحاب القرار أن إيران ستفعل بهذه العملة؟ هل توقعوا استثمارها في السوق العراقية؟”.
ولفت “لقد اقتصر تفكيرهم على تحقيق نجاحات خيالية سريعة لإثبات أنهم الأكثر قدرة على التعامل مع مشاكل العراق المستعصية، لذلك أخرجونا من البئر ليلقوا بنا في البحر”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى