أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

العراق في قمة الفشل والفساد السياسي بعد عشرين عامًا من الاحتلال

التخادم الأمريكي الإيراني دفع الأحزاب والميليشيات الطائفية لحكم العراق فقسمت المجتمع ونهبت ثروته وساهمت في تخلفه العلمي والاقتصادي والزراعي.

بغداد– الرافدين
صعد العراق منذ احتلاله عام 2003 من قبل القوات الأمريكية والبريطانية، قمة مؤشر الدول الفاسدة والفاشلة، وتحول الكلام الذي زعم فيه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن عن الديمقراطية، إلى فشل ذريع.
وصعدت أحزاب طائفية وميليشيات فاسدة الى الحكم بدعم أمريكي إيراني مشترك، حيث سرقت من أموال العراق أكثر من 300 مليار دولار وفق تقارير حكومية. فيما ساد التخلف وانهارت المنظومات الخدمية والتعليمية والاقتصادية في البلاد.
ولا يزال العراق بعيداً عن “الديموقراطية الليبرالية” التي تحدّث عنها بوش عندما أطاح بنظام الرئيس الراحل صدام حسين قبل عشرين عاماً، فالنزاعات الدامية والفساد وعدم الاستقرار هيمنت على البلد الذي بات خاضعا إلى سياسة الهيمنة الإيرانية على المنطقة.
وكان الهدف المعلن للإدارة الأمريكية واضحاً، فالأوامر الموجهة الى القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي التي أرسلت إلى الصحراء العراقية في العشرين من آذار 2003 كانت مصادرة أسلحة الدمار الشامل المزعومة التي يملكها نظام صدام حسين. لكن قوات مشاة البحرية الأمريكية “مارينز” لم تعثر على أي أسلحة دمار شامل. الامر الذي كشف واحدة من أكبر الأكاذيب السياسية بهدف السيطرة على العراق وتقسيمه.
ومطلع تشرين الأول 2003، أكد تقرير لمفتشين دوليين عدم العثور على أسلحة دمار شامل.
وازدادت الاتهامات بالتلاعب بالمعلومات الاستخباراتية مستهدفة جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير.
وحين أنهت القوات الأميركية انسحابها من العراق في كانون الأول 2011، بعد ثماني سنوات وتسعة أشهر، كانت حصيلة النزاع هائلة. من حرب الشوارع في الفلوجة وصولاً إلى الاقتتال الطائفي، والانتهاكات في سجن أبو غريب، عاش العراقيون كمّاً هائلاً من الصدمات.
وبين 2003 و2011، قتل أكثر من 100 ألف مدني، بحسب منظمة “ضحايا حرب العراق”. بينما أعلنت الولايات المتحدة عن 4500 قتيل في صفوف قواتها وطواقمها.
ويقول المحلّل والأستاذ في الاستراتيجية والسياسة في الكلية البحرية للدراسات العليا في كاليفورنيا سامويل هيلفونت، لوكالة الصحافة الفرنسية “الولايات المتحدة كانت تجهل كلّ شيء عن العراق، لم يفهموا لا طبيعة المجتمع العراقي ولا طبيعة النظام الذي أطاحوا به”.
وتعرّض العراق إلى صدمة سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة من البلاد في صيف العام 2014 شملت نحو ثلث مساحة العراق أثناء حكم رئيس الوزراء نوري المالكي الذي عرف بسياسته الطائفية، وانتهت أواخر العام 2017 بعد معارك ضارية ودعم من تحالف دولي بقيادة واشنطن. تسبب في تدمير مدن عراقية أبرزها الموصل وتشريد أهلها.
وبات اليوم أكثر من مليون عراقي نازح يعيشون في مخيمات تفتقر إلى ابسط الشروط الإنسانية بعد تدمير منازلهم وسيطرة ميليشيات طائفية على مناطق أخرى.
وأفرزت أحداث العنف خلال العقدين الماضيين، تغييراً عميقاً في المجتمع العراقي الذي يتميز بتنوعه العرقي والمذهبي.
وتتواصل سياسة التغيير الديمغرافي لمدن العراق وخصوصا أطراف بغداد بعد سيطرة ميليشيات طائفية عليها وتغيير تركيبتها السكانية.

سامويل هيلفونت: الولايات المتحدة لم تفهم لا طبيعة المجتمع العراقي ولا طبيعة النظام الذي أطاحوا به

وتمثل منطقة جرف الصخر ما بين محافظتي بغداد وبابل مثالا على التغيير الديمغرافي وهي سياسية تنفذها ميليشيات الحشد بتخطيط إيراني، فقد شرد أهالي المنطقة وتم الاستحواذ على منازلهم وأراضيهم الزراعية وتحولت الى معسكرات وثكنات للميليشيات.
وتراجعت أعداد المسيحيين في البلاد بسبب تعرّضهم لهجمات خلال الحرب الطائفية، وانتهاكات على أيدي ميليشيات طائفية بغية السيطرة على أملاكهم، ما أنتج موجاتٍ متتالية من الهجرة.
وتوترت العلاقات بين الحكومة في بغداد وإقليم كردستان في شمال العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي ويسعى للمزيد من الصلاحيات، خصوصا بشأن ملفّ صادرات النفط التي تخرج من الإقليم.
وأواخر العام 2019، شهدت مناطق عديدة في البلاد خصوصاً العاصمة بغداد، احتجاجات واسعة غير مسبوقة في ثورة تشرين، تنديداً بـالفساد و”سوء الإدارة” و “التدخّل” الإيراني في شؤون العراق.
وأعقبت التظاهرات التي تعرّضت لقمع شديد من قبل القوات الحكومية وميليشيات الحشد، انتخابات تشريعية مبكرة في تشرين الأول 2021، وتطلّب الأمر من الأحزاب السياسية الغارقة في ممارسات الفساد والتحاصص، عاماً كاملاً قبل الاتفاق على محمد شياع السوداني رئيس جديد للوزراء مرشح من قبل الإطار التنسيقي الذي يضم الميليشيات الولائية، وبعد مواجهات دامية بين فصائل مسلحة تابعة للأحزاب الطائفية.
لكن مهمة السوداني صعبة، لأن “الفساد متجذّر في العراق”، وفقا للخبير السياسي الكندي العراقي حمزة حداد.
بالإضافة إلى ذلك، يعاني البلد على الرغم من احتياطاته النفطية الهائلة من بنى تحتية متهالكة تنعكس انقطاعا في التيار الكهربائي لساعات طويلة كل يوم وغياب شبكات توزيع المياه الصالحة للشرب، وانتشار الفقر الذي يضرب ثلث سكان العراق البالغ عددهم 42 مليونا.
ومع هيمنة أحزاب وميليشيات ولائية تابعة لإيران على البرلمان وأمام واقع أن حكومة السوداني منبثقة من هذه الغالبية البرلمانية، تعزز إيران أكثر فأكثر دورها في العراق.
في هذا الإطار، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كانون الأول، العراق إلى اتباع مسار آخر بعيد “عن نموذج يملى من الخارج”، دون الإشارة بالاسم إلى إيران.

حال العراق تحت الاحتلال
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى