أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الكاظمي يحتمي بالسيستاني وخامنئي بحثًا عن رصيد سياسي

مصطفى الكاظمي يبرئ حكومته من عمليات الفساد الكبرى ويؤكد أنه تلميذ مخلص لكنعان مكية في تزييف الحقائق المريرة التي يعيشها العراقيون.

بغداد- الرافدين
أجمع اعلاميون وسياسيون عراقيون على أن كلام رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، عن دعم الدولة المدنية من قبل السيستاني وأنه مع عروبة العراق، وأن خامنئي يحترم الخصوصية والسيادة العراقية، تزييف معيب وساذج للحقائق.
وقالوا إن الكاظمي عندما يبرئ مرجعية النجف والمرشد الإيراني من عمليات القتل على الهوية التي مورست باسمهما في المدن العراقية، وأنهما يدفعان باتجاه السيادة العراقية، فانه لا يخدع إلا نفسه في محاولة للبحث عن رصيد سياسي ضائع بعد أن أزاحته عمليات تقسيم حصص الدولة من قبل حكومة الإطار التنسيقي.
وعدوا احتماء الكاظمي بالسيستاني وخامنئي محاولة للبقاء على حظوظه السياسية، ومنع عمليه الانتقام منه من قبل ميليشيات الإطار التنسيقي.
وسبق وأن كشفت مصادر سياسية مقربة من الكاظمي أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اسماعيل قاآني، في آخر لقاء له مع الكاظمي أثناء رئاسة الحكومة، قد نقل له تشديد المرشد خامنئي على “وحدة الطائفة” ووضعها فوق أي اعتبار وطني عراقي، وأن طهران لن تقف مكتوفة حيال أي تراجع للطائفة في حكم العراق، أو عزل الحشد الشعبي عن دوره المرسوم من قبل الحرس الإيراني في العملية السياسية.
ووصف الكاظمي في حوار له مع صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية التي تصدر من لندن، السيستاني بانه مع “هيبة الدولة، ومنع التدخلات الخارجية، وفتح ملفات الفساد الكبرى، والكشف عن المتورطين في عمليات الاغتيال والقتل في الاحتجاجات”.
وعبّر الكاظمي بكلام يزيّف الواقع الذي تدركه المرجعية نفسها قبل العراقيين بأن السيستاني “يدعو إلى المدنية، وإلى تعدد الثقافة السياسية والاجتماعية في العراق”.
وأسرف في المبالغة بلغة الاستجداء بالقول إن “الأحزاب السياسية تبدو متأخرة ومتخلفة كثيراً عن طرح السيد السيستاني. فهو يفكّر بروح وطنية عراقية عالية. هو مرجع ديني شيعي عالمي، هذا صحيح، لكن كان لديه الهمّ الوطني العراقي، الهمّ الكردي، الهمّ السني، مهتم بذلك كثيراً، ومهتم كثيراً بعروبة العراق… مهتم بالإنسان والفرد العراقي، كما هو مهتم بالهوية الوطنية الشاملة وبقضايا المجتمع وتحدياته، وهو يفكّر بمنطق الدولة الحديثة المدنية والقادرة للقيام بخدمة شعبها.”
ويتناقض هذا الكلام مع حقيقة ان السيستاني إيراني يعيش في العراق ورفض الجنسية العراقية، وأن المرجعية منذ عام 2003 تعاونت مع الاحتلال الأمريكي بشكل معلن وقامت بإدارة العملية السياسية واضفاء شرعية على أحزاب وميليشيات طائفية فاسدة.
وتتحمل مرجعية السيستاني بدعمها العملية السياسية ودستور تقسيمي وصف بالمسخ ما وصل إليه حال العراق بكونه يتبوأ المراتب المتقدمة في مؤشر الفساد العالمي، وأن أكثر من 600 مليار دولار نهبت من أموال الدولة لحساب أحزاب السلطة الطائفية المدعومة بالأساس من قبل المرجعية.
ويناقض كلام الكاظمي بأن السيستاني كان “داعماً لتعزيز الهوية الوطنية وللدولة المدنية. ويدعو إلى احترام القوانين الحاكمة في أي دولة” مع حقيقة المرجعية التي باتت تشكل دولة سياسية واقتصادية موازية داخل الدولة العراقية.
وتدير سلطة مرجعية النجف أموالًا تعادل ميزانيات دول، وتمتلك مؤسسات اقتصادية ومعاهد ومشاريع كبيرة، لا تخضع لأي متابعة اقتصادية حكومية أو ضرائب.
كما تمتلك سلطة عسكرية أو ما يسمّى حشد المرجعية، أو حشد العتبات المكون من ميليشيا “الإمام علي القتالية” وفرقة “العباس القتالية” ولواء “علي الأكبر” ولواء “أنصار المرجعية”. وتضم حوالي عشرين ألف عنصر ترفع شعارها “حاضنة الفتوى وبناة الدولة”.
ووصف صحفي عراقي عرف الكاظمي عن قرب في لندن، بانه بهذا الكلام عن السيستاني وخامنئي الذي يزيف الواقع المرير الذي يعيشه العراقيون، يؤكد بإنه “تلميذ نجيب لكنعان مكية” في إشارة الى ترحيب مكية باحتلال العراق وتشبيه الصواريخ الأمريكية التي نزلت على المدن العراقية بأنها كزهور تهبط على العراقيين.
وعمل الكاظمي مع مكية الذي يوصف بأشد العملاء ولاء للمخابرات الأمريكية والإسرائيلية طوال سنوات الاحتلال الأولى.
وتساءل كاتب عراقي “في كل هذا الكلام من قبل الكاظمي عن أهمية السيستاني في صناعة مستقبل العراق، فأن رئيس الوزراء السابق غير قادر على الإجابة على سؤال: من منح السيستاني التخويل السياسي لذلك”.
ويجمع مراقبون على أن المرجعية التي لعبت دورا خطيرا في تطبيع أحوال الدولة الفاسدة بذريعة الدفاع عن المذهب، لا يمكن أن تتراجع عن موقفها الذي يمكن تلخيصه بجملة “شيعي فاسد يحكم أفضل من سني نزيه يُشك في ولائه لآل البيت”، وهو موقف تضفي المرجعية على مكنونه الطائفي صبغة الحق التاريخي.

الدكتور رافع الفلاحي: كل الأطراف لا يمكنها أن تتجاوز الخطوط الحمر التي وضعتها المرجعية، منذ احتلال العراق وحتى اليوم
ويحمّل مراقبون سياسيون المرجعية دورا خطيرا في تدمير العراق وتمزيق وحدة نسيجه الاجتماعي. وهو ما استفاد منه السياسيون الطائفيون، فصاروا يزيّنون عمليات فسادهم بشعارات دينية ذات منحى طائفي مكشوف.
وقال الكاتب والباحث السياسي الدكتور رافع الفلاحي “الصمت عند مرجعية النجف هو كلام مفهوم عند كل أطراف البيت الشيعي، وهو أوامر واجبة التنفيذ والطاعة. ومن هنا فأن سكوت مرجعية النجف وعدم تدخلها لإيقاف المماحكات والمشاكسات التي جرت وتجري بين أطراف ما يسمى بالبيت الشيعي، هو جزء من ثقتها بأن كل هذه الأطراف لا يمكنها أن تتجاوز تلك الخطوط الحمر التي وضعتها المرجعية، على الأقل منذ عام احتلال العراق وحتى اليوم والتي بدأت بعدم التعرض لقوات الاحتلال الأمريكي وشملت الكثير من الفتاوى وفي مقدمتها عدم التفريط بوحدة ما يسمى بالبيت الشيعي وعدم ترك قبضتهم على الحكم في العراق تتراخى وبما يشجع الآخرين على العمل لأسقاطهم، والأمر هذا لا يمكن أن يسقط بوجود الفاسدين ومن لا يملكون الكفاءة في أدارة الدولة كونهم من اتباع البيت الشيعي، وتلك من الخطوط الحمر التي وضعتها مرجعية النجف الواجبة التنفيذ سواء كانت صامتة أو متحدثة”.
ويأتي استعانة الكاظمي بالسيستاني وخامنئي لحمايته بعد أن ذكرت مصادر سياسية عراقية ان رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وبدعم من زعماء ميليشيات الإطار التنسيقي يعدون لخطط انتقام من خصومهم بذريعة ملفات فساد كبرى.
وأكدت المصادر على أن خطة الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية ويدير حكومة محمد شياع السوداني في الانتقام ستبدأ بالكاظمي بوصفه الحلقة الأضعف.
وقالت المصادر المقربة من الكاظمي على أنه على علم بما يعد له المالكي وبدعم من قادة ميليشيات في الإطار التنسيقي، ووصلته رسائل واضحة عن دوره في قضية سرقة القرن التي تم فيها سرقة 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة العامة.
وقال الكاظمي في الحوار الذي نشر في عدد صحيفة “الشرق الأوسط” الصادر الأحد “أجزم أنني لم أتورط في أي قضية فساد، ولم أوفر غطاءً لأحد، بل بالعكس عندما تورط أحد المعارف بقضايا فساد وحُكم عليه لم أتدخل إطلاقاً رغم كل الضغوطات التي تعرضت لها”.
ويجمع المراقبون على أن فضائح الفساد التي كشفها وزير المالية في حكومة الكاظمي علي عبد الأمير علاوي في استقالته، أشبه بالانتقام من وضع سياسي فاسد كان شريكًا ومساهمًا فيه مع الكاظمي، ولم يعد لهما مكانا فيه بعد ترتيب الصفقة الجديدة من قبل حكومة الإطار التنسيقي.
ويرى المراقبون أن محاولة الكاظمي تبرئة نفسه من عجلة الفساد المستمرة في الحكومات قبله وبعده، لا تغير الحقائق المكشوفة أمام العراقيين، لكونه شريكا وفاعلا في كل الذي حصل قبل وأثناء حكومته.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى