أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

المستشفيات المتلكئة تفاقم معاناة العراقيين

عراقيون يتهكمون على مشاريع إعادة تأهيل المستشفيات ويعدونها شكلية ووسيلة هدر للأموال في الفساد.

بغداد – الرافدين

حمل مراقبون وناشطون الحكومات المتعاقبة مسؤولية التلكؤ في إنجاز مشاريع القطاع الصحي في العراق المرتبط بأرواح الناس بشكل مباشر.
ويعاني القطاع الصحي أسوة ببقية قطاعات الخدمات الإهمال وسوء الإدارة، والفساد الذي استقر في كل مفاصل الدولة.
وأعلنت وزارة الصحة الحالية عن وجود أكثر من 61 مشروعًا متلكئًا يخص بناء المستشفيات منذ سنوات موزعة على أنحاء متفرقة من العراق.
وقال المتحدث باسم الوزارة سيف البدر، في تصريح صحفي، إن “الوزارة ملتزمة بإتمام مشاريع المستشفيات المتلكئة منذ سنوات والتي يصل عددها إلى أكثر من 61 مشروعا”.
وأضاف أنه “من ضمن هذه المشاريع مستشفيات ذات الـ 492 سريرًا وهي التركية والألمانية والأسترالية، إضافة إلى مشاريع مستشفيات عملاقة وأخرى ذات الـ 100 والـ 200 والـ 300 سرير، فضلاً عن مراكز تخصصية ورعاية صحية”.
ويشير مراقبون إلى أن هناك مشاريع بلغت نسبة الإنجاز فيها 94 بالمائة، وتوقفت عند هذا الحد من الإنجاز وأن توقف المشاريع منذ الأزمة المالية عام 2014 كان بداية أزمة المستشفيات في عدد من المحافظات، إذ لم تقم الحكومات المتعاقبة بإعادة تمويلها.
ورغم التصريحات المتكررة للحكومة الحالية والسابقة حول إتمام بناء وتجهيز المستشفيات، إلا أن هذه المشاريع بقيت متلكئة في وقت يعاني فيه قطاع الصحة في العراق من نقص في المستشفيات والمعدات والطواقم الطبية التي فضل معظمها الهجرة خارج العراق بسبب تعرضهم للهجمات والتهديدات والابتزاز.
وقال ناشطون إن “مشاريع إعادة تأهيل المستشفيات شكلية ومجرد هدر للأموال”.
وأشاروا إلى أن حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني وحاشيته والمطبلون له تفاخروا بصبغ جدران مستشفى الكاظمية باعتباره منجزًا للحكومة، لكن الصور القادمة من المستشفيات الحكومية تفضح حقيقة الإنجازات الشكلية التي أصبحت ديدن الحكومات المتعاقبة، لتكون نموذجًا صريحًا يوضح حجم الفساد وهدر الأموال على ما يسمى بعمليات إعادة التاهيل التي تكشف الواقع المزري الذي يعيشه القطاع الصحي في العراق.
وتكاد الوعود الحكومية بإصلاح القطاع الصحي لا تجد لها أي صدى على أرض الواقع، فبعد تصريحات السوداني التي أطلقها بعد استلامه للسلطة بخصوص إصلاح الواقع الصحي المتردي في العراق، لم يتحقق أي تقدم.
وكان السوداني قد أعلن أنه سيعمل من أجل إنهاء ظاهرة سفر العراقيين إلى الخارج لغرض تلقي العلاج وذلك أثناء افتتاحه مستشفى السيّاب التعليمي في البصرة التي كانت مدرجة ضمن المشاريع المتلكئة بسبب الفساد، إلا أن الصور التي بدت عليها مستشفى العلوية التعليمي للولادة ببغداد بعد إعادة افتتاحه تشير إلى حجم الفساد والإهمال الحكومي لهذا القطاع.
وأثارت الصور المتداولة لمستشفى العلوية استياء واسعًا تجاه الاستهانة بحياة العراقيين، ووصف مغردون أرضية المستشفى بأشبه بمسلخ للحيوانات، على الرغم من حجم الأموال التي تصرف في مشاريع إعادة التأهيل ولا يرى منها أثر.

الدكتور وليد بريسم: الفساد جعل القطاع الصحي في العراق ينافس نظراءه في إفريقيا الفقيرة بعد أن كان قبلة الشرق الأوسط

وقال الطبيب الاختصاصي العراقي الدكتور وليد بريسم إن “ما يخصص من أموال للقطاع الصحي في العراق لا يصل ولا يستخدم بشكل صحيح للنهوض بالواقع الصحي المتردي في البلاد”.
وأضاف بريسم في تصريح لقناة “الرافدين” أن “بغداد فقط تحتاج إلى 71 مستشفى بحسب منظمة التطوير والتنمية الأمريكية الذي يؤكد أنه بسبب الفساد بات القطاع الصحي في العراق ينافس نظراءه في إفريقيا الفقيرة بعد أن كان قبلة الشرق الأوسط”.
ويشير مراقبون إلى أن تلكؤ إنجاز المستشفيات وتردي النظام الصحي في المستشفيات الحكومية أنعش المستشفيات الأهلية التي أصبحت أشبه بمشاريع تجارية على حساب صحة وسلامة المواطن العراقي، دون مراعاة للضوابط التي تنشأ عليها المستشفيات.
وأقرت لجنة الصحة النيابية بوجود نحو 130 مستشفى أهلي واستثماري في العراق لا تصلح أن تكون مستشفى بسبب صغر حجمها.
وقال رئيس اللجنة ماجد شنكالي إن “الضوابط السابقة لإنشاء مستشفى حددت أن تكون مساحة المستشفى لا تقل عن 600 متر مربع، وهذه المساحة صغيرة جدًا”.

الدكتور عرفان الشمري: النظام الصحي بالعراق بتراجع مستمر حتى وصل من بين الأسوأ عالميًا

ويؤكد الدكتور عرفان يونس الشمري أخصائي طب الطوارئ أن “المستشفيات الحكومية في العراق تحتضر بسبب نظام المحاصصة الذي تسبب بشلل مؤسسات الدولة وانعدام التنمية”.
وأشار الشمري في حديثه لقناة “الرافدين” بأن “تراجع الخدمات الطبية المستمر بالعراق حتى وصل من بين الأسوأ عالميًا جعلت العديد من العراقيين يختارون العلاج خارج البلاد بعد أن انعدمت ثقتهم بالنظام الصحي داخل العراق”.
وأضاف بأن “نحو 62 ألف مريض عراقي تعالج في مستشفيات الهند في عام 2022 فقط بسبب انعدام الرعاية الصحية والطبية داخل البلد”.

وشدد على أن “معظم المبالغ المخصصة للنهوض بالواقع الصحي أو لاستيراد الأودية تذهب لجيوب الفاسدين بسبب صفقات الفساد واستيراد أدوية غير نافعة أو ذات جودة أقل”.
وشهدت الأيام الماضية وقفات احتجاجية أمام عدد من المستشفيات المتلكئة في عدد من محافظات العراق، من بينها محافظة ذي قار التي شهدت وقفة احتجاجية أمام المستشفى التركي، وطالب المحتجون فيها بحسم ملف إنجازه، محملين دائرة الصحة ومجلس المحافظة مسؤولية التأخير في إنجازه.
ونشر الناشط أبو زين العابدين الحسناوي على صفحته الشخصية فيديو يناشد فيه افتتاح مستشفى ناحية الحرية في محافظة النجف.
وأكد الحسناوي في الفيديو الذي بثت الرافدين جزءًا منه ببرنامج صوتكم بأن “أهالي الناحية بأمس الحاجة لافتتاح المستشفى بسبب عدم وجود مستشفى قريب منهم”. وأضاف بأن “وجهاء الناحية وجهوا مناشدات عديدة لإكمال المستشفى الذي ينتظر الافتتاح منذ عام 2015 لكن دون جدوى”.
وكانت وزارة التخطيط قد أعلنت الأربعاء أعداد المشاريع المتلكئة في البلاد، حيث بلغت 1171 مشروعًا.
وقدرت مصادر برلمانية قيمة المشاريع الوهمية التي أعلن عنها وسحبت مبالغها فعليًا من خزينة الدولة بنحو 300 مليار دولار.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى