هيئة علماء المسلمين في العراق: النظام الرسمي العربي يتجاهل جرائم نظام الأسد في إعادة تأهيله
سوريون يحيون ذكرى ثورتهم في تظاهرات عارمة رافضين التطبيع مع نظام بشار الأسد.
عمان- الرافدين
أكّدت هيئة علماء المسلمين في العراق أنه وبعد مضي اثنتي عشرة سنة على انطلاق الثورة السورية، وانتفاضة الشعب السوري الصابر والساعي نحو تحصيل حرّيته ونيل حقوقه والحفاظ على كرامته؛ ما تزال أسباب هذه الثورة المباركة قائمة، وزادت عليها أسباب أخرى، وطرأت عليها عوامل عدة؛ تجعل من دعمها ونصرتها واجبًا مستمرًا على الأمة جميعًا، أفرادًا وجماعات ومؤسسات.
وأوضحت الهيئة في بيان أصدرته بمناسبة الذكرى الثانية عشرة للثورة السورية؛ أن هذه الذكرى تأتي اليوم في وقت يسعى النظام الرسمي العربي -مع الأسف الشديد- ومن ورائه الرأي العام الغربي ذو السطوة والطغيان؛ إلى إعادة تأهيل النظام في دمشق، والتطبيع معه، على الرغم مما صدر عنه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق أهلنا في سوريا، في واحدة من صور الخذلان المتكررة للشعب السوري في استرداد حريته وكرامته، التي تعزز من فرص إفلات المتورطين بدمائهم وخراب بلدهم.
وفي الوقت الذي جددت هيئة علماء المسلمين في العراق تضامنها مع سوريا وأهلها في ذكرى ثورتهم المباركة؛ ناشدت أهل الرأي وأصحاب القرار من قيادات، ومجاهدي، وعلماء الثورة السورية المباركة ونظرائهم من أبناء الأمة جميعًا؛ للعمل نحو تحقيق وحدة الرأي والموقف، وإعمال المصالح العليا الكلية التي تحقق للشعب السوري غاياته وتبلغ به أهدافه.
ودعت أبناء الأمة كافة؛ إلى تجديد العزم والهمة والعمل على نصرة سوريا شعبًا وثورة، ولا سيّما أبناء الشمال المحرر، الذين يواجهون ظروفًا إنسانية مؤلمة، وصعوبات حياتية بالغة بعد كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة مؤخرًا.
في غضون ذلك تظاهر آلاف من السوريين الأربعاء في مدينة إدلب في شمال غرب البلاد، في ذكرى مرور 12 عاماً على انطلاق احتجاجات سلمية طالبت بأسقاط النظام قبل تحولها نزاعاً دامياً، مؤكدين رفضهم أي “تطبيع” مع دمشق.
ويدخل النزاع عامه الثالث عشر، مثقلاً بحصيلة قتلى تجاوزت النصف مليون وعشرات آلاف المفقودين والنازحين، فيما يجري رئيس النظام بشار الأسد الأربعاء محادثات رسمية في موسكو ويستفيد نظامه من تضامن واسع أعقب زلزالاً مدمراً ضرب البلاد وتركيا المجاورة الشهر الماضي.
وفي مدينة إدلب، إحدى المدن الرئيسية التي لا تزال خارجة عن سيطرة قوات النظام، توافد مئات السوريين تباعاً، من صغار وكبار، الى ساحة رئيسية، حاملين رايات المعارضة السورية.
ورُفعت على واجهة مبنى مشرف على ساحة التظاهر لافتتان، جاء في الأولى بالعربية “الشعب يريد إسقاط النظام” بينما كتب على الثانية بالانجليزية “الحرية والكرامة لجميع السوريين”.
وقال متظاهر قدّم نفسه باسم أبو شهيد (27 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية “جئنا نحيي ذكرى الثورة، هذه الذكرى العظيمة على قلب كل سوري حر” مضيفاً “نفتخر بهذا اليوم الذي تمكنا فيه من أن نكسر حاجز الخوف ونخرج في وجه النظام المجرم”.
وبدءاً من منتصف آذار 2011، خرج عشرات آلاف السوريين في تظاهرات مستوحاة من “ثورات الربيع العربي” مطالبين بأسقاط نظام الأسد، لكنها سرعان ما تحولت إلى نزاع دام تنوعت أطرافه والجهات الداعمة لها. وباتت سوريا ساحة لقوات روسية وأمريكية وتركية فيما دعمت إيران نظام الأسد عبر إرسال ميليشياتها الطائفية من العراق فضلا عن عناصر حزب الله اللبناني.
ويأتي إحياء ذكرى الانتفاضة هذا العام بعد أكثر من شهر على زلزال مدمر ضرب سوريا وتسبّب بمقتل نحو ستة آلاف شخص في أنحاء البلاد، معمقاً من معاناة السكان، بعد سنوات الحرب التي تسبّبت بدمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد.
وتلقى الأسد إثر الزلزال سيلاً من الاتصالات المتضامنة من قادة وملوك ورؤساء عرب واستقبل موفدين أممين. وهبطت عشرات الطائرات المحملة بالمساعدات، جاء العدد الأكبر منها من الإمارات التي تقود جهود الإغاثة الاقليمية.
ويرى محللون أن الأسد قد يجد في التضامن الواسع معه “فرصة” لتسريع تطبيع علاقاته مع محيطه الإقليمي، وهو هدف تعمل داعمته موسكو على تحقيقه منذ سنوات.
وغداة وصوله إلى موسكو، يلتقي الأسد الأربعاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، على ان تتضمن المحادثات وفق الكرملين “آفاق تسوية منسقة للوضع في سوريا”.
ولعبت روسيا بتدخلها العسكري المباشر منذ 2015 الدور الأبرز في ترجيح الكفة لصالح قوات النظام بعدما كانت خسرت مناطق واسعة خلال سنوات الحرب الأولى.
وتثير مساعي إعادة “تعويم” نظام الأسد وتطبيع العلاقات معه غضب معارضيه.
على هامش مشاركتها في التظاهرة، أكدت النازحة من دمشق سلمى سيف (38 عاماً) “لو طبّعت دول العالم كلها مع النظام، نحن مستمرون والثورة مستمرة”.
وعلى بعد أمتار منها، قال علي حاج سليمان (24 عاماً) المقعد جراء إصابة بقصف جوي للنظام قبل سنوات “أنا ضد التسوية مع نظام مجرم” متسائلاً “كيف أساوم من كان السبب في جلوسي على كرسي؟ لا أساومه ولا أساوم كل من يطبّع معه”.