أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مخاوف من تأثير تراجع أسعار النفط على إيرادات الموازنة المالية العامة

نواب يؤكدون خسارة العراق نحو 24 مليار دينار يوميًا بسبب فارق سعر صرف الدولار بين السعر المثبت بمشروع الموازنة العامة والسعر المتداول في السوق السوداء.

بغداد – الرافدين
حذر خبراء اقتصاديون من المواد التي تضمنها مشروع قانون الموازنة المحال من قبل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني إلى البرلمان للتصويت عليه بعد اعتماده سعر 70 دولارًا لبرميل النفط الواحد وسعر صرف 130 ألف دينار لكل مائة دولار في ظل مخاوف من تراجع أسعار النفط وتسبب فارق سعر صرف الدولار بأزمة اقتصادية على المدى البعيد.
ووافق مجلس الوزراء الحالي على مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات المالية 2023 و2024 و2025، في جلسته الأخيرة، وقرر إحالته إلى البرلمان الحالي الذي يعتزم التصويت عليه خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وبلغ إجمالي الموازنة أكثر من 197 تريليون دينار (151.5 مليار دولار) في حين بلغت الموازنة التشغيلية أكثر من 150 تريليون دينار (115 مليار دولار).
وأوضح السوداني أن “إجمالي الإيرادات بلغ أكثر من 134 تريليون دينار (103 مليارات دولار)”، في الموازنة.
وأكد في مؤتمر صحفي على أن “الإيرادات النفطية تبلغ أكثر من 117 تريليون دينار (90 مليار دولار) على أساس سعر النفط بـ 70 دولارًا، والإيرادات غير النفطية تبلغ أكثر من 17 تريليون دينار (13 مليار دولار)”.
وأضاف أن “ارتفاع الموازنة جاء بسبب تثبيت المحاضرين والعقود في كل الوزارات فضلًا عن المديونية”، مبينًا أن “هذا العام سيسدد أكثر من 12 تريليون دينار (9.2 مليار دولار) من المديونية”.
وأشار إلى أن “هذه المديونية داخلية وخارجية وواجبة الدفع”، وأن “هناك زيادة في بعض التخصيصات ومنها الأدوية بمبلغ 300 مليار دينار (231 مليون دولار)”.
وتراجعت العقود الآجلة لخام النفط العالمي “مزيج برنت” بنسبة 1.69 بالمائة إلى 74.80 دولار للبرميل، بعد أن سجلت تداولًا دون مستوى 76 دولارًا للبرميل في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وانخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي “غرب تكساس الوسيط” بنسبة 1.78 بالمائة إلى 70.06 دولار للبرميل، وقبل ذلك بنحو قصير كان الخام عند 70 دولارًا في ظل تحذيرات من خطورة انخفاض الأسعار العالمية تحت السعر المفترض بالموازنة البالغ 70 دولارًا مما سيؤدي لتعميق العجز المالي.

نبيل المرسومي: الإيرادات النفطية ستكفي لتغطية رواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية

وقال الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، على صفحته في منصة فيسبوك، أن “الموازنة ستدخل في المسار الحرج إذا انخفض سعر خام برنت إلى نحو 60 دولارًا للبرميل الواحد.
وأضاف أن هذه الإيرادات النفطية عند هذه الأرقام ستكفي عندئذ لتغطية فقرتي رواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية اللتان تصلان إلى إكثر من 87 ترليون دينار في موازنة 2023 فقط.
وكان المتحدث باسم الحكومة الحالية باسم العوادي قد أكد أن “العجز في موازنة العام الحالي بلغ 63 تريليون دينار (43 مليار دولار)، سيغطى من مجموعة مصادر، منها “المبلغ المدور في وزارة المالية، من حصة حوالات الخزينة في المصرف المركزي، وسندات وقروض داخلية ومصادر أخرى”.
وأكد على أن العجز المالي جرى السيطرة عليه وغُطِّيَ بالكامل، بعد اعتماد سعر برميل النفط الخام بنحو 70 دولارًا في الموازنة، وهو أقلّ من مستويات السوق على حد وصفه دون الإشارة إلى الإجراءات الحكومية المتخذة في حال انخفض سعر النفط دون تلك المستويات.
وتزامنًا مع هذه المخاوف من تراجع أسعار النفط وتأثيرها على صرف الرواتب كشفت إحصائيات عن النمو السنوي للرواتب الحكومية في العراق منذ عام 2003، أن الرواتب الحكومية ارتفعت بمقدار 2.9 بالمائة في 2022 مقارنة مع 2021.
وقال رئيس مؤسسة عراق المستقبل للدراسات والاستشارات الاقتصادية منار العبيدي، في تدوينه له، إن “الرواتب الحكومية ارتفعت بمقدار 2.9 بالمائة في 2022 مقارنة مع 2021، وبلغت مجمل الرواتب 43.67 ترليون دينار عراقي بعد أن كانت في 2021، 42.44 ترليون دينار عراقي”.
وأضاف “مثلت رواتب القطاع الأمني ما نسبته 53.48 بالمائة من مجمل الرواتب، إذ احتلت وزارة الداخلية النسبة الأكبر من الرواتب بنسبة 27 بالمائة، ثم وزارة الدفاع بنسبة 16 بالمائة، ثم مجلس الوزراء وكل الهيئات المنضوية تحته بنسبة 11 بالمائة”، مشيرًا إلى أن “15 جهة حكومية من أصل 44 جهة حكومية مثلت ما نسبته 90 بالمائة، من الرواتب”.
وكانت وزارة المالية الحالية، قد أكدت أن إيرادات الدولة خلال العام 2022 تجاوزت 161 تريليون دينار، بفائض مالي تجاوز 40 تريليون دينار بعد أن شهدت أسعار النفط ارتفاعا ملحوظًا على عكس التوقعات للسنة الحالية والسنوات القادمة.
ووفقًا لحسابات الدولة العراقية لشهر كانون الأول الماضي للسنة المالية 2022، فإن مساهمة النفط في الموازنة الاتحادية بلغت 95بالمائة، مما يشير إلى أن الاقتصاد الريعي هو الأساس في موازنة العراق العامة التي يذهب جلها لدفع رواتب الموظفين.
ولا يوجد رقم دقيق عن عدد الموظفين في العراق، ولكنه يتراوح وفق تقديرات المختصين بين 3.5 إلى 4 ملايين موظف، لكن وزير المالية الأسبق علي علاوي، قال في منتصف العام الماضي، إنّ “آخر إحصائية حكومية بعدد الذين يتقاضون رواتب من الدولة بمختلف الشرائح تبلغ نحو سبعة ملايين موظف في آخر بيانات ل‍وزارة المالية”.

الإيرادات النفطية في مشروع الموازنة تبلغ نحو 90 مليار دولار على أساس سعر 70 دولارًا لبرميل النفط الواحد

وبالتزامن مع إعلان التصويت على مشروع الموازنة من قبل الحكومة تراجع سعر صرف الدولار في السوق الموازي ليصل إلى 155 ألف دينار لكل 100 دولار، بعد أن سجل في الأيام الماضية 159 ألف دينار لكل 100 دولار.
وكانت الحكومة قد أعلنت حزمة إجراءات للسيطرة على سعر الصرف في الأسواق المحلية، فيما نفذ ما يعرف بالأمن الاقتصادي حملة مداهمات واعتقالات لعدد من أصحاب مكاتب الصيرفة والمضاربين للحد من عمليات التلاعب بأسعار الصرف.
واتخذ البنك المركزي العراقي أيضًا سلسلة إجراءات لضمان توفير العملة الأجنبية (الدولار) للمواطنين ولاسيما الراغبين بالسفر من خلال فتح منافذ بيع العملة في المطارات بالسعر الرسمي (1320) دينار للدولار الواحد فضلًا عن تخفيض حصة المواطن المسافر من 7000 دولار إلى 2000 دولار.
وعن الخسائر المترتبة من فارق سعر صرف الدولار الرسمي بالمقارنة مع نظيره في السوق السوداء يؤكد النائب عامر عبد الجبار أن العراق يخسر في كل ساعة كلفة بناء مدرسة بسبب تثبيت سعر الصرف عند (1320) من قبل البنك المركزي في الموازنة العامة.
وبين عبد الجبار أن العراق يخسر يوميًا نحو 24 مليار دينار عراقي بسبب فارق السعر وحده بما يعادل كلفة بناء 24 مدرسة يوميًا بمعدل بناء مدرسة في كل ساعة إذا ما قدر كلفة بناء المدرسة الواحدة بمليار دينار.
وواجه العراق خلال تفشي جائحة كورونا عام 2020 أزمة مالية خانقة تسببت بصعوبات بدفع رواتب موظفي الدولة، حينما عانت حكومة الكاظمي من نقص في حوالي 3.5 مليار دولار لدفع الرواتب والديون، بعد أن تراجعت الإيرادات الشهرية للعراق إلى حوالي 4 مليارات دولار هذا العام، وهي نصف ما كانت عليه في عام 2019 بسبب انهيار أسعار النفط العالمية وانتشار الجائحة.
وحدد البنك المركزي حينها سعر الصرف الرسمي للدولار عند 1460 دينارًا مقابل الدولار الواحد، بدلًا من 1182 دينارا للدولار، ما خفض القيمة الرسمية للعملة بنحو الخُمس.
وقال البنك في بيان وقتها إن السبب الرئيسي وراء تخفيض قيمة الدينار هو سد فجوة التضخم في ميزانية 2021 بعد انهيار أسعار النفط العالمية، وهو مصدر رئيس للموارد المالية العراقية.
وأضاف “الأزمة المالية التي تعرض لها العراق بسبب جائحة كورونا، أدت إلى حدوث عجز كبير في الموازنة العامة وأن قرار خفض قيمة العملة جاء كخطوة استباقية حرصًا من البنك على تفادي استنزاف احتياطياته الأجنبية”، ولمساعدة الحكومة على تأمين رواتب الموظفين العموميين.
وشهدت موازنات العراق المالية ارتفاعًا تدريجيًا كبيرًا منذ الغزو الأمريكي للبلاد الذي نعيش ذكراه العشرين هذه الأيام، لكن ذلك لم يسهم في تحسين واقع العراقيين المعيشي والخدمي.
وبلغ إجمالي موازنات السنوات العشر الأولى من عمر الاحتلال الأمريكي نحو ألف مليار دولار، كانت أعلاها إنفاقًا خلال فترة حكومتي رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي 2006 ولغاية 2014، وهي الأكثر تورطًا في ملفات فساد.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى