أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الإنترنت في العراق خدمة بائسة وأموال باهظة في جيوب الفساد

شركات الاتصالات محمية من أحزاب سياسية وميليشيات متنفذة من أي مساءلة قانونية على سوء خدماتها.

بغداد – الرافدين
يتواصل مسلسل التنافس على صفقات الفساد في شركات تجهيز خدمة الإنترنت المرتبطة في غالبيتها بأحزاب سياسية وميليشيات في العراق، وسط تجاهل حكومي لما يتكبده العراق من خسائر فادحة تقدر بملايين الدولارات شهريًا، جراء سوء الخدمة المقدمة.
ويذهب المستخدم العراقي والعاملين في القطاعات المرتبط عملها بالإنترنت ضحية هذا التنافس الذي يدر أرباحًا خيالية لشركات الإنترنت، إذ يضطر المستخدم إلى دفع مبالغ عالية لقاء خدمة متردية مقارنة بدول المنطقة.
ويحتل العراق المراتب الأخيرة في خدمة سرعة الإنترنت، في عدة مؤشرات عالمية، بينما يشتري المواطن هذه الخدمة السيئة كما يصفها غالبية العراقيين بأسعار مرتفعة جدًا عند مقارنتها مع دول الجوار، مما سبب موجة انتقادات كبيرة من قبل المواطنين الذين أطلقوا حملات على مواقع التواصل الاجتماعي لمطالبة الحكومة بتحسين الخدمة.
وقالت منظمة “فريدوم هاوس” الأمريكية إن العراق يمتلك شبكات اتصالات هي الأضعف في الشرق الأوسط والأعلى تكلفة.
وأشار، تقرير المنظمة السنوي والمعني بحقوق الإنسان إلى أن هيئة الاتصالات والإعلام في العراق تعمل بطريقة غير عادلة أو مستقلة حيث تخضع للتدخلات السياسية وتعطل الوصول إلى الإنترنت، فيما تقوم السلطات الأمنية باعتقال مستعملي الإنترنت عبر الرقابة المشددة بذريعة ملاحقة “المحتوى الهابط” وفق قانون فضفاض يتيح اعتقال منتقدي الحكومة، وتبرير الاعتداء على الصحفيين والناشطين.
ورجحت المنظمة أن يتراجع تصنيف العراق بشكل كبير بسبب ما يتعرض له قطاع الإنترنت من انتهاكات ونكسات، وسط تحديات بعضها يخص البنية التحتية وما تواجهه من عمليات سرقة واستهداف للكابلات، عبر أعمال تخريبية تشكل عائقًا أمام وصول المواطنين العراقيين إلى خدمة إنترنت جيدة.
وكانت وزارة الاتصالات في العراق، قد شرعت بتزويد المستخدمين بالإنترنت عبر تقنية الألياف الضوئية والذي يعرف بـ “مشروع الكيبل الضوئي” والذي لم يقدم خدمة متميزة كبديل للخدمة السيئة المقدمة من قبل الشركات الأخرى بحسب وصف مواطنين.
وقالت وزيرة الاتصالات الحالية هيام الياسري، إنها “حاولت تصحيح العديد من الأمور عندما كانت مستشارة فنية لوزارة الاتصالات وأنها تسلمت وزارة الاتصالات عبارة عن ركام من الفساد والفشل”.
وأضافت، أن “هيئة الإعلام والاتصالات هي المسؤولة عن خطوط اتصال الهاتف وأن سعر المكالمات والتغطية السيئة ليست من مسؤولية وزارة الاتصالات”.
وتابعت “لا نمتلك صلاحية على شركات الهاتف النقال”، مشيرةً إلى أن “تخفيض أسعار كارتات الشحن لا علاقة له بمهام وزارة الاتصالات”.
وأوضحت، أن “موضوع كارتات الشحن عبارة عن نص يكتب في الموازنة بعد إقراره من مجلس الوزراء”، لافتة إلى أن “الإنترنت في العراق يقدم عن طريق الأبراج وخطوط الألياف الضوئية”.
ويرى مراقبون، أن تصريح الياسري هروب إلى الأمام وعدم الاعتراف بأن المشكلة تكمن في صفقات الفساد التي تديرها مافيات الأحزاب والميليشيات والاستمرار بنهب موارد الدولة وتدني مستوى الخدمات في البلاد.
وفي السياق، قالت وزارة الاتصالات، الخميس، إن “جهات خارجة عن القانون نفذت أعمالًا تخريبية استهدفت البنى التحتية الخاصة بمشاريع “الكيبل” الضوئي من أجل إضعاف خدمة الإنترنت”.
وأظهرت لقطات مصورة، احتراق 3 كابينات بالكامل وتضرر 8 أخرى عقب استهداف جهات مجهولة كابينات الكيبل الضوئي للانترنت في منطقة الطوبجي في بغداد، ما أسفر عن انقطاع خدمة الإنترنت عن أكثر من 8 آلاف مستخدم
في جانب الكرخ.
وتتعرض كابينات الإنترنت الخاصة بالكيبل الضوئي إلى استهدافات متكررة من جهات لم يتم الإعلان عن هويتها حتى الآن، إلا أن مواطنين ومغردون على مواقع التواصل الاجتماعي أشاروا إلى ضلوع شركات متنفذة بالقيام بأعمال تخريبية للإبقاء على سطوتها على سوق الإنترنت.
وأكد سعد حسين هاشم العضو السابق في البرلمان، على أن الكثير من شركات الاتصالات ترتبط بأحزاب سياسية أو ميليشيات، ما يوفر لها الحماية اللازمة من أي مساءلة قانونية، في حين تسيطر المحاصصة السياسية على القطاع لا سيما لناحية التعيينات الوظيفية.
وأشار إلى أنّ “الحكومة تتعرض لضغوط من أحزاب سياسية كبيرة ذات نفوذ في وزارة الاتصالات وتمتلك شركات الاتصالات، لذلك لا تستطيع الدولة مواجهة هذه الشركات”، مضيفًا أن “تعيين معظم أعضاء مجلس الإدارة في القطاع جرى بالتحاصص بين الأحزاب السياسية”.
وتلعب الرشى دورًا كبيرًا في هدم قطاع الاتصالات في العراق بهدف تقاسم الحصص، حيث أكدت الباحثة في شبكة “أنسم للحقوق الرقمية” آسيا العبيدي، أن “بعض المعلومات تشير إلى أن مزودي خدمات الإنترنت يرشون هيئة إدارة الاتصالات لضمان بقاء أسعار المستهلك مرتفعة”.

الفنان مقداد عبد الرضا: خدمات الإنترنت استغفال للمواطن بعلم الحكومة ووزيرة اتصالاتها هيام الياسري

ووصف الفنان مقداد عبد الرضا في تغريدة له على تويتر، خدمة الإنترنت المقدمة من شركات الإنترنت بالسيئة، واصفًا الأمر بأنه استغفال للمواطن بعلم الحكومة ووزيرة اتصالاتها هيام الياسري.
وتهكم الفنان المعروف على تخفيض أسعار الاشتراكات مقابل الخدمة الرديئة بقوله، “صحيح أنهم خفضوا 3 آلاف دينار من سعر الاشتراك، إلا إنهم دمرونا” في إشارة لرداءة الخدمة.
وشكك خبراء في المجال المعلوماتي من جدية وزارة الاتصالات في تحسين خدمة الإنترنت في العراق بعد إعلانها عن خدمة الاشتراك المدعوم.
وأكدوا على أن هذه الخطوة غير كافية في ظل مشكلات متراكمة تكتنف قطاع خدمات الإنترنت في العراق ولا سيما على صعيد ارتفاع أسعارها التي تثقل كاهل المستخدمين.
ودعا الخبراء إلى، تطوير البنى التحتية لشبكات الإنترنت، فوزارة الاتصالات غير مؤهلة لتنفيذ المشروع، فيما شكك آخرون بإمكانية تطبيقه في ظل وجود جهات متنفذة تنتفع من رداءة شبكة الإنترنت في البلاد.
وكانت وزيرة الاتصالات الحالية هيام الياسري قد أعلنت عن إطلاق خدمة الاشتراك المدعوم لخدمة الإنترنت اعتبارًا من بداية شهر شباط 2023.
وقالت الياسري خلال مؤتمر صحفي إن “الاشتراك المدعوم يوفر 10 غيغا بايت مجانبة لكل عائلة، والسعة التي تصل للمواطن في الاشتراك المدعوم خاصه به وقادر على قياسها بنفسه، كما يوفر للمواطن 100 غيغا بايت وسرعة عالية جدا بـ 15 الف دينار قابل للتجديد”.
ويشير الخبراء إلى أن الباقة المجانية التي تعهدت بها الوزيرة لا يمكن أن تغطي الحاجة الفعلية للاستخدامات سواء للاتصال أو التصفح ويمكن أن تنتهي خلال 48 ساعة ما يضطر إلى شراء حزمة أخرى.

وزيرة الاتصالات الحالية هيام الياسري: وزارة الاتصالات عبارة عن ركام من الفساد والفشل، ولا تمتلك صلاحية على شركات الهاتف النقال

وأثار إطلاق وزارة الاتصالات خدمة الإنترنت المدعوم جدلًا بين المتخصصين، إذ وصف ثامر الكروي المتخصص في المجال التقني -وهو أحد وكلاء تجهيز الخدمة المحليين- ما طرحته وزارة الاتصالات بـ “الحل الترقيعي”.
وأكد على أن خدمة الإنترنت المدعوم لن تغير واقع الخدمة الحالية، وعزا ذلك إلى أن مصدر الإنترنت لا يزال هو ذاته، حيث سيزود المشترك بالإنترنت من خلال الطرق التقليدية ذاتها، أي من خلال الوكلاء وأصحاب الأبراج التي توزع الإنترنت.
وقال الكروي “حل وزارة الاتصالات ترقيعي، لا يمكن تحسين الخدمة وتخفيض التكاليف من خلال ذلك، والسبب أن الخدمة ستكون بسعة 100 غيغابايت، وبالتالي فإن هذه السعة لن تغطي أكثر من 7 أيام على مستوى الاستخدام المنزلي، مما يستدعي تجديد الاشتراك 3 مرات على أقل تقدير خلال الشهر الواحد، وبذلك ستكون التكلفة أعلى من الاشتراك الشهري المفتوح”.
ويشير الكروي إلى العديد من النقاط، من بينها أن سوء خدمة الإنترنت في الأساس لا يقترن بنوع الاشتراك، بل بسعر الحزم المجهزة من الوزارة إلى الشركات، حيث يتم بيعها بأسعار مرتفعة جدًا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى