أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

20 عامًا والعراقيون يدفعون تكلفة باهظة من دمائهم وثرواتهم

هيئة علماء المسلمين في العراق: الحكومات المتعاقبة فقدت القدرة على تأدية وظائفها لتحقيق المطالب المشروعة للمواطنين؛ مما أدى إلى فشل ذريع في توفير الخدمات العامة، وعدم المحافظة على البنى التحتية.

بغداد- الرافدين
يستذكر العراقيون الاثنين مرور عشرين عاماً على الاحتلال الأمريكي الذي شكّل بداية لحقبة دامية تعاقبت فيها النزاعات وصعود أحزاب وميليشيات فاسدة للحكم جعلت العراق من بين أكثر الدول فساداً وفشلا وفق مؤشر الشفافية العالمية.
وساد الصمت في أرجاء حكومة الإطار التنسيقي وكذلك في حكومة كردستان في شمال العراق في دلالة على أن الذرائع التي كانت تعلنها الأحزاب في السنوات السابقة، لم تعد تنطلي على أحد بعد أن تحولت هذه الذكرى في داخل الأوساط السياسية العالمية ومراكز البحوث والدراسات ووسائل الإعلام، إلى مثال للفشل الأمريكي والدولي في العراق.
وذكرت هيئة علماء المسلمين في العراق التي تعد من أبرز القوى الوطنية التي وقفت منذ عام 2003 بوجه الاحتلال الأمريكي البريطاني والعملية السياسية وتمرير الدستور المسخ في بيان لها “نتيجة لما مرّ على العراق بعد عقدين من احتلاله نمت دولة عميقة موازية للدولة الظاهرة تتخذ من الميليشيات الولائية المدعومة إيرانيًا أذرعًا لها لتنفيذ مخططاتها الخاصة، وتغولها في العراق، وامتداد خطرها إلى دول المنطقة، وفقدان الحكومات المتعاقبة القدرة على تأدية وظائفها لتحقيق المطالب المشروعة للمواطنين؛ مما أدى إلى فشل ذريع في توفير الخدمات العامة، وعدم المحافظة على البنى التحتية، وعدم توفير فرص العمل للمواطنين، وطغيان الفساد في العراق وفشل محاولات القضاء عليه، وتحوله إلى منظومة مستقرة، وليست تصرفات فردية أو أخطاء متكررة؛ حتى أضحى صفة ملازمة للنظام السياسي في كل مراحله منذ الاحتلال وحتى الآن، وسمة للاقتصاد العراقي في كل مجالاته”.
وأسفر الاحتلال عن حصيلة مخيفة من الضحايا، بجانب تخريب كامل للبنى التحتية للمنشآت الخدمية وتفكيك مؤسسات الدولة وإقامة نظام حكم طائفي فاسد اعتمد تقسيم المجتمع العراقي إلى مكونات عرقية أو طائفية تحت مسمى “الديمقراطية”.
ولا توجد أرقام دقيقة للخسائر بين المدنيين من مصادر مستقلة، لكن قوات الاحتلال تسببت بشكل مباشر بمقتل ما يزيد عن 100 ألف مدني، وفقا لمجموعة (Iraq Body Count) فيما أعلنت الولايات المتحدة رسميا مقتل نحو 4700 من قواتها بحلول موعد الانسحاب نهاية 2011. فيما يعيش أكثر من مليون عراقي حتى اليوم في مخيمات نزوح تفتقر الى الشروط الإنسانية.
وعمدت واشنطن إلى تفكيك مؤسسات العراق الأمنية والعسكرية، مما أدى إلى إدخال البلاد في فوضى أمنية وشيوع ظاهرة الميليشيات والسلاح خارج سيطرة الدولة.
ولا يزال العراق يعاني من تبعات قرار سلطة الاحتلال برئاسة حاكم الاحتلال الأمريكي بول بريمر، بتشكيل نواة وزارتي الدفاع والداخلية من عناصر الميليشيات، سواء التي تأسست في إيران أو التي تشكلت بعد الغزو مباشرة.
واعتبرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير نشر الأحد أن “الشعب العراقي هو من دفع الثمن الأعلى للغزو”. وحثّت المنظمة “أطراف النزاع على تعويض الضحايا ومحاسبة المذنبين”، لكن “الإفلات من العقاب لا يزال قائماً”.
ومنذ العام 2003 وحتى العام 2011، تاريخ انسحاب القوات الأمريكية من العراق، قتل أكثر من 100 ألف مدني عراقي، وفق منظمة “ضحايا حرب العراق”.
ويخيّم شبح نقص الخدمات والفساد الذي يدفع العراقيين إلى النظر الى المستقبل بتشاؤم، فيما يلوح في الوقت نفسه في الأفق خطر التغير المناخي ونقص المياه والتصحر.
وفشلت الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق في تحقيق أي من أهدافها المعلنة، بما فيها إرساء أسس نظام حكم ديمقراطي.
وأسفرت نتائج الاحتلال عن حرب القتل على الهوية التي مارستها الميليشيات الطائفية وتهجير السكان والاستيلاء على أراضيهم بغية التغيير الديموغرافي للمناطق، وتهميش دور مؤسسات الدولة، وإقامة نظام سياسي يعتمد مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية في توزيع السلطة والموارد وفق تفاهمات بين الأحزاب الرئيسية وبإدارة سلطة الاحتلال دون إجراء تعداد للسكان.
وأسقطت الولايات المتحدة البلاد في دائرة النفوذ الإيراني والميليشيات الطائفية المسلحة، حيث أفرزت سنوات الاحتلال ارتفاعا هائلا في نفوذ إيران المباشر أو عبر القوى الحليفة لها.
ونجحت القوى الحليفة لطهران في تحويل العراق إلى حاجز صد للعقوبات الأمريكية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على إيران في 2018، ومتنفسا لإنقاذ اقتصاد إيران المتراجع عبر توريد الغاز والكهرباء والسلع الاستهلاكية إلى العراق بأكثر من 10 مليارات دولار سنويا. فضلا عن تهريب الدولار من العراق إلى إيران.
في المحصلة النهائية فإن الغزو الأمريكي حتى بعد 20 عاما، ترك العراق غارقا في فساد مالي وإداري وفقدان الدولة الجزء الأهم من قرارها الأمني والاقتصادي والسياسي لصالح قوى وميليشيات متنفذة تحتكم إلى قوة السلاح لفرض إرادتها.
كما حوّل العراق إلى محطة صراع قوى إقليمية ودولية أبرزها الولايات المتحدة وإيران اللتان تقتسمان النفوذ والتخادم فيما بينهما، بينما تتوزع القوى العراقية في الولاء أو التبعية أحيانا لطرف منهما على حساب الآخر، وفي حالات قليلة الموازنة بين الولاء للطرفين.
لكن في كل الأحوال فإن العراق ظل بعيدا عن الديمقراطية بأي من أشكالها، عدا ديمقراطية “هجينة” اعتمدت مبدأ التفاهم بين رؤساء الأحزاب المتنفذة تحت مسمى “التوافقية” في توزيع السلطات والموارد بعيدا عن أي معايير تستند إليها سواء ما يتعلق بالتمثيل السكاني، أو الواقع الجغرافي أو حاجات المناطق أو المحافظات وسكانها للخدمات.
ولم تعد الولايات المتحدة وأكثر القوى التي كانت تعوّل على النموذج الجديد للحكم في العراق ترى أن البلاد يمكن أن تصبح منطلقا لنشر الديمقراطية وحرية التعبير ووحدة المجتمعات وتماسكها بعد سنوات من الحروب الداخلية والصراعات المسلحة ذات البعد الطائفي بين المكونات أو البعد السياسي داخل المكونات نفسها.
وعلى الرغم من أن العراق بلد غني بالنفط، لا يزال ثلث سكانه البالغ عددهم 42 مليوناً يعيشون في الفقر، أما البطالة فهي مرتفعة في أوساط الشباب، فيما يحتجّ العراقيون كذلك على النزاعات السياسية والنفوذ الإيراني في بلدهم.
ولا يؤمن غالبية العراقيين بأن الانتخابات قادرة على تغيير أي شيء، ما انعكس بنسبة مشاركة متدنية في انتخابات تشرين الأول 2021 المبكرة التي جاءت لدرء غضب شعبي بعد ثورة تشرين غير المسبوقة التي تعرضت لقمع شديد من قبل القوات الحكومية والميليشيات.
ويرى عباس محمد من بغداد أن “الحكومات فشلت في معالجة الفساد وفي الجانب الصحي والخدمي. نذهب من سيء إلى الأسوأ، لم تمنح أي حكومة للشعب شيئاً”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى