أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

حكومة الإطار التنسيقي مشغولة ببناء المزيد من السجون أكثر من المستشفيات والمدارس

قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين: غياب مفهوم الدولة أشاع الظلم والفساد في السجون الحكومية وحولها إلى أماكن للتعذيب والانتقام.

بغداد ــ الرافدين
حذرت تقارير حقوقية من استمرار الانتهاكات ضد المعتقلين داخل السجون الحكومية والتي تتسبب بارتفاع عدد الوفيات بشكل ملحوظ، أمام صمت مطبق من قبل الجهات الحكومية وعدم التدخل لإنهاء معاناة المعتقلين.
وتتصاعد مناشدت المنظمات المعنية بحقوق الإنسان للمطالبة بإيجاد حل لقضية اكتظاظ السجون وما يتبعها من تفش للأمراض وحالات الاختناق بين صفوف المعتقلين، إلا أن وزارة العدل تذهب تجاه مفاقمة المشكلة بدلًا من حلها.
حيث صرح المتحدث باسم وزارة العدل كامل أمين عن وجود نية لدى الوزارة بشأن إنشاء سجون جديدة لاستيعاب أعداد المعتقلين لمعالجة مشكلة الاكتظاظ داخل السجون. مثيرًا تساؤلات بشأن الخطط الحكومية مقابل ذلك في بناء المستشفيات والمدارس والمنتزهات.

كامل أمين: وصل الاكتظاظ في السجون الحكومية إلى نسبة 200 بالمائة من طاقتها الاستيعابية

وقال أمين خلال لقاء تلفزيوني، بأن حالة الاكتظاظ في السجون الحكومية وصلت إلى نسبة 200 بالمائة من طاقتها الاستيعابية، مقرًا بأن السجون تشهد انتهاكات كبيرة من قبل القائمين عليها من قوات الأمن.
وأضاف أن الوزارة قررت العمل على التوسع في بناء السجون وتوسيع العنابر على غرار إتمام مشروع سجن بابل في منطقة الكفل وتوسيع سجن بغداد المركزي.
فيما يرى مراقبون أن الإجراءات الحكومية المتعلقة بزيادة أعداد السجون وتوسعتها هي حلول ترقيعية لا تنهي مشاكل المعتقلين.
وطالب المراقبون حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بالإيفاء بوعودها وإطلاق سراح الأبرياء وإنهاء معاناة المعتقلين.
كما طالبوا بالنظر في أصل المشكلة والمتمثلة في آلاف المحكومين بتهم كيدية وفق وشاية المخبر السري.
وقال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، أن اللجنة التي شكلها مستشار رئيس الوزراء لحقوق الإنسان لتلقي شكاوى التعذيب في السجون، تسلمت في بداية عملها نحو 3 آلاف شكوى، وقد يكون العدد ارتفع خلال الشهر الحالي إلى 5 آلاف شكوى وبلاغ أو ادعاء، وأن اللجنة تعكف على إحالتها بشكل مباشر إلى مجلس القضاء لإجراء التحقيقات والتعامل بشكل شفاف مع هذه القضايا.
وتؤكد تقارير حقوقية على استمرار الانتهاكات داخل السجون الحكومية، كجرائم التعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة والحبس بدون محاكمات، فضلًا عن سوء التغذية وضعف الخدمات العلاجية والتعمد في تأخير إطلاق سراح النزلاء رغم انتهاء فترة أحكامهم.

مسؤول قسم حقوق الإنسان في الهيئة الدكتور أيمن العاني: السجون الحكومية في العراق بعد 2003 لم تكن أداة للإصلاح والتأهيل، بل هي أداة انتقام وللتنكيل بالمعتقلين

ووثق قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين، ارتفاع أعداد وفيات المعتقلين في داخل السجون.
وسجل القسم وفاة 13 معتقلًا خلال شهري كانون الثاني وشباط الماضيين أي بمعدل وفاة معتقل كل أربعة أيام.
واعتبر القسم في تقرير صدر الأحد، أن السجون الحكومية باتت أماكن للانتقام من المعتقلين وإزهاق أرواحهم حيث أكد التقرير أن معظم المعتقلين الذين فارقوا الحياة قضوا تحت التعذيب، في حين تكتفي إدارات السجون التي كانوا نزلاء فيها بالقول إنهم فارقوا الحياة في ظروف غامضة للتهرب من المسؤولية.
وقال مسؤول قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين الدكتور أيمن العاني، إن السجون الحكومية المعلنة في العراق بعد 2003 لم تكن أداة للإصلاح والتأهيل، بل هي أداة انتقام للتنكيل بالمعتقلين وتعذيبهم بدوافع طائفية.
وأكد على أن المعتقلين يعيشون ظروفًا غامضة سلبت خلالها حريتهم وإرادتهم وسط تجاهل صارخ من قبل الجهات المعنية.
وأضاف العاني أن حكومات الاحتلال تنتهك حقوق الإنسان بشك واسع ولديها العلم المسبق بما يجري داخل السجون.
وبحسب ذوي الضحايا فقد تعرض أبناؤهم للضرب المبرح دون سبب، وبات بعضهم يعاني من أمراض ضغط الدم وقرحة في المعدة في الوقت الذي لم يكن لديهم أي تاريخ طبي قبل الاعتقال.
وتلقت قناة “الرافدين” مناشدات حصرية من قبل ذوي المعتقلين والتي تؤكد استشراء الفساد داخل سجن العمارة المركزي وتورط السجانين ومدير السجن بعمليات ابتزاز للمعتقلين.
وأشارت إلى تعمد السجانين على إتلاف مساحقيق التنظيف الخاصة بالمعتقلين بحجة التفتيش من أجل إجبارهم على الشراء من “الحانوت” الذي يدار من قبل إدارة السجن.
وأضاف صاحب المناشدة بأن السجانين طلبوا من كل معتقل مبلغ 15 ألف دينار لعمل “لوكر خشبي” لخزن الملابس، مشيرًا إلى أن عدد نزلاء السجن هو أكثر من 1500 شخص، لتقوم إدارة السجن بمصادرة “اللوكرات” بعد أقل من شهر بذريعة عدم السماح باستخدامها داخل السجن.
وعبر عن استغرابه من سماح الإدارة بشراء “اللوكرات” وبعض الأجهزة الكهربائية وبعد فترة وجيزة تقوم بسحبها بذريعة الممنوعات دون أي استرجاع للمبالغ المادية للمعتقلين.
وكشف عضو نقابة المحامين العراقيين سيف القيسي، عن وجود معلومات جديدة حول أوضاع خطيرة بالسجون، أبرزها اكتظاظ غير مبرر في السجون.
وأكد القيسي السلطات أن السلطات الحكومية لم تعالج هذا الخلل، على الرغم من قيام النقابة بإبلاغ وزارة العدل بتبعات استمرار وجود أعداد من السجناء تفوق قدرة السجون على استيعابها.
وكان المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد كشف في تقرير له نهاية العام الماضي، عن وفاة نحو 50 معتقلًا نتيجة عمليات التعذيب والإهمال الطبي في السجون الحكومية، بالإضافة إلى توثيق حالة انتحار في مراكز شرطة إجرام الموصل في محافظة نينوى شمال، ووفاة واحدة في مركز تابع لمكافحة الإجرام في العاصمة بغداد.
وكشف المركز عن احتجاز السلطات الحكومية عشرات الآلاف من المعتقلين في ظروف غير إنسانية، بوضعهم في زنازين مكتظة وغير مهيأة صحيًا لسنوات عدة بدوافع انتقامية وطائفية، موضحًا أن الظروف الصحية معدومة في معتقلاتهم، وأنها ذات درجة حرارة ورطوبة عاليتين ما يؤثر على صحتهم بشكل مباشر.
وتعاني السجون الحكومية من إهمال كبير، وغياب للدور الرقابي من قبل الجهات الحكومية والجهات المسؤولة عن حقوق الإنسان، في وقت يجرى الحديث فيه عن سيطرة بعض الجهات السياسية والميليشيات الموالية لإيران على إدارة السجون.
حيث تبسط تلك الميليشيات سيطرتها بالقوة على مرافق الاحتجاز الحكومية المعلنة وتمارس داخلها أبشع الانتهاكات بحق المعتقلين في سجون تتسم بالاكتظاظ الشديد والتعذيب المتكرر والابتزاز والإهمال الصحي.
يذكر أن عدد السجون قد تضاعفت منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، إذ أنشأت سلطة الاحتلال المؤقتة ثلاثة سجون في السليمانية والبصرة وبغداد، قبل أن توسع الحكومات المتعاقبة خطة السجون، ليرتفع العدد إلى 13 سجنًا رئيسيا تنتشر في مدن وسط وجنوب البلاد، فضلًا عن العاصمة بغداد ومدن شمال العراق، عدا ما يعرف بالسجون المؤقتة التي تتبع إلى وزارتي الداخلية والدفاع والتي تعرف بسجون التسفيرات.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى