عراقيون لمؤسسة “غالوب”: الاحتلال الأمريكي أفسد حياتنا ونهب ثروات بلادنا
60 بالمائة من المستطلعين في جميع محافظات العراق يرون أن الحياة كانت أفضل قبل احتلال العراق عام 2003 وأن الوضع زاد سوءاً.
بغداد-الرافدين
كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “غالوب” الدولية أن غالبية العراقيين يرون أن الحياة كانت أفضل قبل احتلال العراق عام 2003، وأن الولايات المتحدة احتلت بلادهم للتحكم في مواردها.
وأكدت نتائج الاستطلاع على أن مصادر عدم الاستقرار السياسي في العراق متعددة ومعقدة. وعزت ذلك إلى استمرار السلطة السياسية الفاسدة في العراق التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالسيطرة على الدولة والموارد الطبيعية، مما يعني أن الأحزاب السياسية والميليشيات الحاكمة لا تدفع باتجاه تشكيل تحالفات مستقرة وضرورية لإحداث تغيير حاسم.
وأقرّ 88 من المشاركين في الاستطلاع بانتشار الفساد الحكومي، حيث يتربع العراق على قمة مؤشر الفساد العالمي وينافس الدول الفاسدة على مستوى العالم مثل نيجيريا ولبنان وكينيا وبورتوريكو.
وتصاعد مستوى الفساد السياسي والمالي بمؤشرات عالية وبشكل ثابت منذ عام 2018.
واتفق 51 بالمائة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم على أن الولايات المتحدة غزت العراق للسيطرة على الموارد، وليس وفق مزاعمها بشأن القضاء على أسلحة الدمار الشامل التي ظهر أنها كاذبة، وتحويل العراق الى دولة ديمقراطية.
وزعمت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش إنها غزت العراق عام 2003 لامتلاك البلاد “أسلحة دمار شامل” ولأن نظام صدام حسين يشكل تهديداً للأمن العالمي، لكن لم يتم العثور على أي دليل على وجود أسلحة الدمار الشامل.
وأسفر احتلال العراق عن مقتل نحو 200 ألف عراقي من المدنيين. ولقي نحو 4600 جندي أمريكي حتفهم في الحرب، بينما يعاني مئات الآلاف من إصابات سواء كانت بدنية أو نفسية بسبب الحرب.
وتقدر تكلفة الاحتلال لحد الآن بـ 3 تريليونات دولار، وفقا لتقرير جديد بهذا الشأن. ويشمل ذلك تكلفة الحرب المباشرة وتكلفة رعاية الجنود الذين شاركوا فيها وأسرهم.
وقوض احتلال العراق الدولة والهياكل العسكرية، وغذى الانقسامات العنيفة بين العراقيين. وانهار القانون والنظام وأعاق أي مسعى لإعادة بناء الدولة العراقية.
ووفقًا للمسح الذي نشر بالتزامن مع مرور عشرين عامًا على احتلال العراق، يرى العراقيون المستطلعة آراؤهم أن الحياة في ظل النظام السابق كانت أفضل ممّا هي عليه الآن.
ويعتقد 51 بالمئة من العراقيين الذين شملهم الاستطلاع أن الولايات المتحدة غزت العراق لسرقة موارده. وهذا الشعور يظهر بشكل خاص في المحافظات الجنوبية الشرقية والأنبار، أي المناطق الغنية بموارد النفط والغاز.
وعبر 29 بالمئة من المستطلعين عن اعتقادهم بأن الاحتلال الأمريكي كان يهدف للإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين، بينما هناك أسباب أخرى عبّر عنها المشاركون، لكنها كانت أقل شيوعاً، منها محاربة الإرهاب ونشر الديمقراطية في العراق.
ويرى 60 بالمائة من المستطلعين أن الوضع زاد سوءاً مقارنة بما كان عليه قبل 2003.
وعند سؤال المستطلعين عن الوضع الحالي للعراق مقارنة بما كان عليه قبل الاحتلال الأمريكي عام 2003، قال 60 بالمئة منهم إن الوضع زاد سوءاً، بينما يرى 40 بالمئة أنه تحسن. هذا الشعور يظهر أيضاً لدى شباب لم يعايشوا فعلاً النظام السابق.
وطالب 47 بالمائة ممن شملهم الاستطلاع الولايات المتحدة مغادرة العراق فوراً.
وبحسب الاستطلاع، ينقسم العراقيون حول مستقبل الوجود الأمريكي في بلادهم، حيث يؤيد أولئك الذين يعيشون في الجزء الجنوبي من العراق انسحابًا فوريًا للولايات المتحدة، بينما يعتقد البعض في الجزء الشمالي من البلاد، بما في ذلك إقليم كردستان الذي يعتقد أن الوجود الأمريكي ضروري.
ويرى عدد متزايد من الشباب العراقي أن مستقبلهم أفضل خارج البلاد. هذا الشعور منتشر بشكل خاص لدى الذكور المقيمين في بغداد.
وذكرت مؤسسة غالوب الدولية (GIA) المستقلة والمعنية بأبحاث السوق واستطلاعات الرأي، أن المسح أجري وجهًا لوجه في جميع محافظات العراق الـ18 على عينة تمثيلية من 2024 بالغًا في العراق بين التاسع من شباط والسادس والعشرين من الشهر نفسه عام 2023.
واستخدم فريق الاستطلاع تقنية عشوائية لاختيار الأشخاص الذين تمت مقابلتهم وشمل العمل التحقق من الإجابات خاصة على الأسئلة الحساسة. وتم الاعتماد على تحليل المحتوى لفحص نوعية البيانات التي جُمعت.
ويأتي استطلاع مؤسسة “غالوب” مع الوتيرة المتصاعدة في وسائل الاعلام الأمريكية التي اعترفت بعد عشرين عامًا بالنتائج الكارثية لاحتلال العراق وبذرائع كاذبة.
واستمرت وسائل الاعلام الغربية تقديم ما يفند العروض الزائفة التي مارستها قبل وأثناء احتلال العراق عام 2003، في محاولة متأخرة أكثر من عشرين عامًا على ترويج ذرائع كاذبة لتمرير خطة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير.
وباستثناء أصوات واهنة من العاملين السابقين في إدارة بوش، فقد أجمعت وسائل الاعلام الأمريكية والبريطانية ومراكز الأبحاث والدراسات في الذكرى العشرين لاحتلال العراق على خطيئة العرض الإعلامي الزائف الذي شكل لحظة فضفاضة من الغطرسة الأمريكية.
وأدانت في تقارير وتحليلات مدعومة بتصريحات لعسكريين ومحللين وخبراء، المغامرة الخاطئة بشكل مأساوي للسياسة الخارجية الأمريكية والبريطانية، وما ترتب عليها من تكلفة إنسانية ومالية باهظة تسبب بها احتلال العراق عام 2003.
وكانت الغالبية العظمى من المؤسسات الإعلامية الأمريكية والغربية قد نشرت وبكثافة المزاعم والأكاذيب التي روّجتها لها إدارة جورج بوش آنذاك، دون أي تحقيق، الأمر الذي انطبق على بقية التبريرات لاحتلال العراق.
وركزت وسائل الاعلام الغربية على العرض البصري الزائف الذي قدّمه وزير الخارجية في إدارة بوش، كولن بأول، عن أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق أمام مجلس الأمن الدولي قبل أسابيع من احتلال العراق.
وقالت ان حرب بوش وبلير على العراق جعلت الولايات المتحدة تدفع الثمن الباهظ، عندما أنفقت ما يقدر بنحو 2 تريليون دولار في العراق على مدى عقدين من الزمن، وهو ثمن بالكاد يبدأ في التعبير عن الخسائر التي لحقت بكلا البلدين.
وكتب المؤرخ العسكري والكاتب البريطاني ماكس هيستنغز “الغرور الأخلاقي رذيلة محبطة للثقافة الغربية بمجرد تذكر مزاعم احتلال العراق”.
واعتبرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير نشر في ذكرى مرور 20 عامًا على احتلال العراق أن “الشعب العراقي هو من دفع الثمن الأعلى للغزو”. وحثّت المنظمة “أطراف النزاع على تعويض الضحايا ومحاسبة المذنبين”، لكن “الإفلات من العقاب لا يزال قائماً”.