أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

حكومة السوداني تتعمد عدم فتح ملف جرائم الميليشيات في المحمودية

"أسوشيتد برس": سياسيون في الحكومة الحالية مرتبطون مع ميليشيات مسلحة متورطة في عمليات الخطف والقتل.

بغداد- الرافدين
نقل تقرير لوكالة “أسوشيتد برس” شهادات مريرة لأمهات من منطقة المحمودية ما بين العاصمة بغداد ومحافظة بابل، تم تغييب أبنائهن من قبل الميليشيات الطائفية من دون معرفة مصيرهم وبعد سنوات من الاختفاء.
ورصدت الوكالة في تقرير عن الاختفاء القسري بالعراق، شهادات لعائلات لا تزال تبحث عن أحبائها، من بين عشرات الآلاف ممن لم يظهروا منذ بدء أعمال العنف في البلاد.
وأكدت الوكالة في تقرير مفصل على أن حكومة محمد شياع السوداني أسوة بالحكومات السابقة تتعمد عدم فتح ملف الاختفاء القسري لارتباط أحزاب في داخل الحكومة بالميليشيات التي نفذت عمليات الاختطاف والتغييب على الهوية.
ولم تعمد حكومة السوداني لإنشاء لجنة للتحقيق في ملف المفقودين، كما قال مدافعون عن حقوق الإنسان لوكالة “أسوشيتد برس” “لأن هناك سياسيين مرتبطين مع جماعات مسلحة متورطة في عمليات الخطف والقتل”.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها تلقت 43293 حالة لأشخاص اختفوا منذ عام 2003.
ومن بين هؤلاء، ما زال هناك أكثر من 26700 حالة دون أي جديد.
وهذه الأرقام أكثر بكثير مما تزعمه الحكومة في بغداد التي تقول إن نحو 16 ألف عراقي فقدوا.
وفقدت نوال سويدان، سيدة عراقية، من مدينة المحمودية، ابنها صفاء منذ قرابة عشر سنوات، حيث اقتادته ميليشيات مسلحة، إلى وجهة غير معروفة، ومنذ ذلك الحين لم تعرف مصيره.
وكان صفاء، في العشرينيات من عمره وقتها، حيث كان طالبا بالقانون إلى جانب عمله ساعيا للبريد.
واختفى هذا الشاب في أواخر يوليو 2014، تقول سويدان، وكان ذلك في حدود الساعة 1:30 صباحًا، قبل أيام فقط من انقضاء شهر رمضان.
وأضافت “جاءت مجموعة من الرجال وطلبوا صفاء.. قالوا لنا إنهم يريدون فقط استجوابه وسيعيدونه قريبا”.
وتقع المحمودية على طول الطريق الرئيسي ما بين بغداد وبابل، وكانت مثالا للتعايش قبل عام 2003 حتى اجتياحها من قبل الميليشيات الطائفية.
وقبل أن يختفي صفاء في 2014، قُتلت اخته في عام 2004 في انفجار قنبلة زرعت على جانب الطريق.
وتنتمي عائلة صفاء إلى الطائفة السنية، وبينما لم تعلق سويدان على انتماء خاطفي ابنها، قالت إحدى أقاربها إنها تعتقد أنهم كانوا من الميليشيات.
ولسنوات عديدة، بحثت سويدان عن ابنها بسجون العديد من المدن وتحدثت إلى المسؤولين. وكلما وردت أنباء عن إطلاق سراح سجناء، كانت تنتقل إلى السجون لمعرفة ما إذا كان ابنها من بين الذين أفرج عنهم.
وتقول وهي تكافح لكبح دموعها “نظرت في كل مكان، لم يكن هناك”. ثم تابعت “توقفت عن البحث.. لقد قررت ترك الأمر بيد الله”.
وتواجه نضال علي، جارة لعائلة سويدان، نفس الألم، حيث اختطف ابنها عمار في نفس الوقت تقريبا، الذي اختطف فيه صفاء.
وقالت وهي تحمل صورة ابنها “أخذوه وقالوا إنه سيعود في غضون خمس دقائق، لكنه لم يفعل”.
وكما فعلت نوال سويدان، قامت نضال علي هي الأخرى بالبحث عن ابنها في السجون والبلدات المجاورة وفي جميع أنحاء البلاد، ودفعت مالا لكل من ادعى أنه يستطيع الحصول على معلومات حول ابنها، لكن دون جدوى.
وكان عمار يبلغ من العمر 40 عاما تقريبا عندما اختُطف تاركا وراءه زوجته وأطفاله الخمسة. كان ابنه الأصغر، محمد، طفلا صغيرا في ذلك الوقت، والآن يبلغ 11 عاما.
ونقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن الباحثة في شؤون العراق بمنظمة العفو الدولية الدولية، راز سلاي، قولها إن أرقام اللجنة الدولية تشمل المزيد من فئات المفقودين ومن المرجح أن تكون أكثر دقة من أرقام الحكومة.
ولا يشمل أي من التقديرين المفقودين من صراعات ما قبل عام 2003.
وتواصل اللجنة الدولية ومقرها جنيف تلقي طلبات كل عام من العائلات التي تطلب المساعدة في العثور على معلومات حول أقاربها المفقودين.
وفي عام 2022، تلقت ما يقرب من 1500 طلب جديد.
وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية في بغداد، سارة الزوقري “ربما يكون هذا مجرد غيض من فيض ولا يمثل الأعداد الحقيقية للمفقودين”.
وقالت سلاي إن افتقار الحكومة العراقية للمبادرة تجاه المفقودين ليس مفاجئا، بالنظر إلى صلات أحزاب سياسية بميليشيات متهمة بعمليات الخطف والعنف المتبادل على مر السنين.
وتساءلت “كيف يمكن لحكومة تسمح لمرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالترشح أن تحاسب نفسها؟”.
وفي رده على السبب وراء بقاء أغلب ملفات المفقودين دون إجابات وافية، قال مسؤول في وزارة العدل في الحكومة الحالية، تحدث لوكالة “أسوشيتد برس” دون الكشف عن هويته، إن التوترات السياسية والحساسيات الطائفية تشكل عقبات أمام أي تحقيق حكومي في ملف المفقودين.
من جانبهم قال أقارب المفقودين، ومن ضمنهم نوال سويدان، إن أحباءهم قد يكونون من بين الأعداد الكبيرة من الأشخاص الذين تم اعتقالهم ردا على أعمال عنف طائفية ومتشددة.
وعبروا عن أملهم في الحصول على إجابات إذا منحت الحكومة عفوا لمن احتجزوا منذ فترة طويلة دون تهمة أو دليل “لكن السلطات لم تكن متعاونة”
وقالت الزوقري من الصليب الأحمر إنه يتم العثور على مقابر جماعية بانتظام، لكن التعرف على الرفات قد يستغرق سنوات، وتابعت “كلما مر الوقت، أصبح البحث أكثر صعوبة”.
ولم تحصل عائلة سويدان حتى الآن، على أي مؤشر حول مكان وجود صفاء، لكن أمه نوال، لا تزال تعتقد أنه على قيد الحياة، وأن الأمر مسألة وقت فقط حتى يتم لم شملها به مجددا.
وتقول متحسرة “في بعض الأحيان، عندما أكون نائمة، أسمع صوته يناديني ماما، وأستيقظ”.

راز سلاي: افتقار حكومة السوداني للمبادرة تجاه المفقودين ليس مفاجئا، بالنظر إلى صلات أحزاب سياسية بميليشيات متهمة بعمليات الخطف والعنف المتبادل على مر السنين
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى