أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة الإطار التنسيقي تضع مفتاح إدارة الاقتصاد العراقي بيد إيران

إيران تكمل استراتيجيتها الجيوسياسية بالسيطرة على العراق وتهميش ميناء الفاو وفتح ممر على المتوسط بتوقيع اتفاقية تدشين سكة حديد بين الشلامجة والبصرة.

بغداد- الرافدين

وصف سياسي عراقي مستقل توقيع اتفاق تدشين سكة حديد مع إيران، بأنه أخطر ماتقوم به حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بالتبعية الاقتصادية الكاملة لإيران.
وشدد السياسي في تصريح لقناة “الرفدين” مفضلا عدم ذكر اسمه، على أن الاتفاقية تعد واحدة من الالتزامات التي تعهد بها السوداني أمام المرشد الإيراني علي خامنئي أثناء زيارته إلى طهران نهاية العام الماضي.
ودفع خامنئي أثناء زيارة السوداني إلى طهران إلى المزيد من “مذكرات التفاهم والتعاون بين إيران والعراق” في إشارة لربط السيادة والاقتصاد العراقي بإيران.
وخاطب خامنئي السوداني “في الفترات السابقة جرت مفاوضات وتفاهمات جيدة لكنها لم تصل إلى مرحلة العمل. لذلك علينا أن نتحرك نحو العمل فيما يتعلق بجميع الاتفاقات، وخاصة في مجال التعاون الاقتصادي وتبادل البضائع والسكك الحديدية”.
وقال السياسي العراقي إن التوجه الإيراني الجديد هو ربط اقتصاد العراق كليًا بإيران، بعد أن استقرت لطهران السطوة السياسية في حكومة الإطار التنسيقي التي تضم الأحزاب والميليشيات الولائية، متسائلا عن أي جدوى اقتصادية نتحدث عندما يتحول العراق إلى مجرد مستورد للبضائع الإيرانية سيئة المنشأ.
وأكد على أن إيران تضع استراتيجية جيوسياسية بالتخادم مع الولايات المتحدة لتحويل العراق بوابة اقتصادية تفك فيها أزماتها، فضلا عن امتداد هيمنتها على المنطقة عبر ممر يربط طهران بالبحر المتوسط مرورا بالعراق وسوريا.
وحذر من أن فتح كل أبواب الاقتصاد العراقي أمام إيران سيزيد من التخلف الصناعي والزراعي في البلاد ويحول دون إعادة فتح المصانع المعطلة منذ عام 2003، وفق سياسة مستمرة للتخلف الصناعي والزراعي قامت بها حكومات الاحتلال.
وكان وزير النقل الحالي رزاق محيبس السعداوي، قد أعلن الخميس، عن اتفاق لتدشين سكة حديد مع إيران لنقل المسافرين بين البلدين.
وجاء في بيان لوزارة النقل “إن البلدين اتفقا على عقد اتفاق لتدشين خط سكة حديد لنقل المسافرين بين مدينتي شلامجه “غرب إيران” والبصرة “جنوب العراق”.
والأربعاء، أجرى السعداوي زيارة إلى العاصمة الإيرانية طهران لبحث ملف الربط السككي الخاص بنقل المسافرين بين البلدين.
وبحسب البيان، التقى الوزير في طهران وزير الطرق والبلديات الإيراني مهرداد بذرباش، وناقش معه مواضيع عدة، على رأسها مشروع الربط السككي.
ويشمل الاتفاق أيضا “مشروع إنشاء جسر متحرك على شط العرب (شمال البصرة العراقية)، على أن يجري إنجازه خلال عام ونصف العام”.
ولم يورد البيان أية معلومات بشأن كلفة المشروع وحصة كل جانب من تمويله. غير أن أغلب المؤشرات تقول إن العراق سيتحمل الجزء الأكبر من تكلفة المشروع.
وعد تقرير لموقع “ميدل إيست آي” الذي يصدر باللغة الإنكليزية في العاصمة لندن مشروع خط سكة الحديد الذي يربط الشلامجة بالبصرة، بانه يعمق النفوذ الإيراني في العراق لتأمين ممرها الاستراتيجي إلى شواطئ البحر المتوسط.
وأضاف “إن الهدف من الربط السككي أوسع من المعلن، حيث يهدف إلى وصول إيران إلى مرافئ سوريا مرورًا بالعراق حيث يعتبر جزءًا من صفقة لإعادة إعمار سوريا، كما يروج للسياحة الدينية بين إيران والعراق وسوريا”.
فيما اعتبر الباحث السياسي بلال وهاب النفوذ الإيراني داخل الحكومة العراقية، يُبقي العراق متعلقًا بواردات الكهرباء والغاز باهظة الثمن من إيران. وهناك عائق آخر يتمثل في الأمن الغذائي للعراق، الذي يعتمد أيضًا على الواردات من إيران.
وكان تقرير لمعهد واشنطن قد ذكر أن حكومة السوداني تعود إلى مسار حكومة عادل عبد المهدي، في الولاء التام لإيران.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، إن السوداني وحكومته تعمل على جعل العراق أقرب إلى إيران وسط رفض شعبي لنفوذها وللفساد المستشري في البلاد.
ويقدم مشروع الربط الذي يتم عن طريق محافظة البصرة خدمة للاقتصاد الإيراني الذي يعاني من العقوبات الدولية، لتوريد البضائع الى العراق، من دون أن تكون له فائدة تذكر على الاقتصاد العراقي.
ويحذر اقتصاديون من أن الربط السككي مع إيران سيسهل توريد البضائع الإيرانية، فيما لا يملك العراق ما يصدره الى إيران.
وسبق أن كشف وزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار، عن وجود أجندة داخلية وخارجية لعرقلة مشروع ميناء الفاو الكبير، مشددًا على أن إيران “تستقتل على الربط السككي، لأنها المستفيد الأول منه” مشيرًا إلى وجود امكانية للعراق لمساومة إيران بين الربط السككي وتجاوزها على شط العرب.

بلال وهاب: النفوذ الإيراني داخل حكومة الإطار التنسيقي، يُبقي العراق متعلقًا بواردات الكهرباء والغاز باهظة الثمن من إيران
وأبدى عبد الجبار استغرابه من تمرير حكومة بغداد لكل الطلبات الإيرانية والمشاريع التي تخدمها في العراق بكل سهولة.
وأكد في مقابلات تلفزيونية له رفضه مسألة الربط السككي بين العراق والكويت أو إيران، وقال، إن “الربط السككي يضر بالعراق، حيث سيجعل السفن تتوجه لموانئ الكويت وإيران”، الأمر الذي سينعكس سلبًا على الاقتصاد العراقي.
ووصف المسؤول المحلي السابق في محافظة البصرة علي الحساني، الربط السككي مع إيران بأنه “ملف مشبوه”.
وأكد على أن “معظم القوى السياسية الداعمة لهذا المشروع حليفة لإيران بشكل واضح، وسعت خلال الفترة الماضية إلى تعطيل أي جهود عراقية لإحياء ميناء الفاو، كما أنها هي ذاتها كانت ترفض الربط السككي مع الكويت وتقبل به مع إيران رغم أنه لا فرق بين هذه وتلك“.
ورغم الاعتراضات، إلا أن المطلعين على الأوضاع في العراق يشيرون إلى أن أتباع وحلفاء إيران من الأحزاب والفصائل الميليشياوية والشخصيات السياسية، في البرلمان والحكومة، يعملون كل ما بوسعهم من أجل دعم إيران وتخفيف آثار العقوبات الاقتصادية الدولية عليها، حتى وان كان ذلك على حساب مصلحة العراق.
ويرى مراقبون سياسيون أن المشروع يجسد عمليا لفكرة ربط مناطق النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا والعراق وفتح طريق التواصل الحرّ والمباشر مع وكلاء إيران في البلدان الثلاثة وإمداد الميليشيات الناشطة على أراضي تلك البلدان بمختلف أنواع الدعم اللوجيستي من أسلحة وغيرها.
وحذر الاستشاري في السياسات العامة العراقية مناف الصائغ من أن مشروع الربط السككي بين البصرة وشلامجة سيؤدي إلى إفراغ الأهمية الاقتصادية لميناء الفاو الكبير الذي يجري إنشاؤه حاليا.
وأشار إلى أن المشروع السككي مع إيران لا يعطي الفعالية الحقيقية لميناء الفاو، وسيقتل الفكرة الأساسية للمشروع العملاق.
ويعاني ميناء الفاو من تلكؤ في عملية انجازه رغم أن وجوده سيؤدي إلى انفتاح العراق على العالم ويمد البلد بعوائد كبيرة ويخفض عليه أسعار النقل والاستيراد وهذا ما لا ترضاه إيران.
وتؤكد تقارير مستقلة بأن الاقتصاد الإيراني بكل مفاصله ابتلع نحو 90 بالمائة من السوق العراقية. إذ سبق أن حذر تقرير لمنظمة “سوق”، وهي إحدى المنظمات المحلية المعنية بالاقتصاد العراقي، من أن “إيران ستتحول، خلال أعوام، إلى مالك للاقتصاد العراقي ومتحكم فيه بدون منافس.”
وأشار التقرير إلى التغول المصرفي الإيراني والاستثمار في مصانع عراقية مملوكة للدولة أو القطاع المختلط والتحكم في قطاعات تجارية، مثل سوق السيارات والحديد والأجهزة الكهربائية والمنزلية، فضلا عن السياحة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى