أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

تهكم شعبي عراقي وسخرية سياسية على توقيع مذكرة مكافحة الفساد مع الأمم المتحدة

كيف للسوداني أن يكافح الفساد وهو نتاج عملية فاسدة سياسيًا وديمقراطيًا أدارها الإطار التنسيقي مع شركاء المحاصصة في العملية السياسية.

بغداد- الرافدين
تحول توقيع حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني على مذكرة تفاهم تتضمن التعاون في مجال مكافحة الفساد مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى موضع تهكم شعبي وسخرية سياسية على حد سواء.
وأشرف السوداني على إجراءات التوقيع من دون أن تذكر الأخبار الحكومية أسم المسؤول الحكومي الذي وقع المذكرة مع الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي آوكي لوتسما.
وتساءل عراقيون بطريقة متهكمة عما إذا كان للفاسد مقدرة على مكافحة فساده الذي يدر عليه الأموال ويرفعه إلى عليه القوم في عراق عام 2003 لحد الآن.
فيما قلل سياسيون وخبراء اقتصاديون من أهمية توقيع المذكرة، مؤكدين على أن سلطة الأمم المتحدة لن يكون لها أي تأثير عملي على ماكنة الفساد القائمة في العراق.
وشددوا على أن الفساد ليس مجرد كتلة يمكن اذابتها أو ازاحتها، بل صار بمثابة ثقافة وتقليد وسياسة سائدة في نظام المحاصصة القائم منذ تشكيل أول حكومة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.
وتساءل سياسي عراقي “كيف للسوداني أن يكافح الفساد وهو نتاج عملية فاسدة سياسيًا وديمقراطيًا أدارها الإطار التنسيقي عندما لم يتم الاعتراف بالفائز في الانتخابات البرلمانية”.
ويتبوأ العراق قمة مؤشرات تقارير المنظمات الدولية باعتباره أكبر الدول الفاسدة على مستوى العالم.
وتضع منظمة الشفافية الدولية العراق في المرتبة 157 من أصل 180 دولة، ضمن مؤشر الفساد كواحد من أكثر البلدان فسادًا في العالم.
وجاء العراق في المرتبة 140 من أصل 167 دولة، لقائمة مؤشر الازدهار لعام 2023، التي صدرت في السابع والعشرين من شباط الماضي، عن مؤسسة “ليغاتوم” البريطانية للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية.
وقال معهد الدراسات السياسية الدولية الإيطالي إن معظم ثروات العراق تهدر بسبب الفساد حيث يستخدم هذا المال لتمويل الأحزاب وشبكات قواتها بدلًا من تطوير البلاد.
وأدى الهدر المتعمد إلى خسارة مئات المليارات من الدولارات وأن خيبة الأمل من الساسة المتحكمين بمصير العراق ستتصاعد في السنوات القادمة ما سيعني المزيد من المعارضة والتظاهرات الأكثر شراسة من تظاهرات ثورة تشرين.
وشدد تقرير المعهد الإيطالي على أن احتمالات التغيير غير مرجحة بعد إدمان السياسيين لعبة القوة التي يسمح لهم النظام بالتحرك فيها، متوقعًا أن يكون العراق مثقلًا بالنظام المختل الحالي لفترة طويلة قادمة.
غير أن الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي آوكي لوتسما قال “إن الفساد مسألة بغاية الجدية في العراق، وإنه من واجبنا العمل جنباً إلى جنب مع حكومة العراق لتعزيز المساءلة داخل المؤسسات العراقية”.
وأضاف “ستحفزنا هذه المذكرة على إعادة النظر في طموحنا لتوسيع نطاق مشاركتنا في مكافحة الفساد في المجالات الاستراتيجية الرئيسية والضرورية لتحسين بيئة الاستثمار في العراق وفتح طرق جديدة للشراكات بين القطاعين العام والخاص”.
بينما واصل السوداني إطلاق مزاعم دعائية في مكافحة الفساد، في وقت فشلت الحكومة لحد الان في استعادة أموال سرقة القرن الذي تم بموجبها سرقة 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة العامة.
وقال على هامش توقيع المذكرة إن الحكومة عززت مكافحتها الفساد بـ “خطوات اجرائية، استهدفت بؤر الفساد في مؤسسات الدولة، وهي مستمرة في ملاحقة الفاسدين والمتورطين بسرقة المال العام، واسترداد الأموال المنهوبة”.
وبموجب المذكرة، يقدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “الدعم للحكومة العراقية في تعزيز خطواتها لمكافحة الفساد، ويتضمن تنمية قدرات هيئات مكافحة الفساد، ودعم الأطر الاستراتيجية والقانونية بما ينسجم مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد”.
يأتي ذلك في وقت أقرت هيئة النزاهة العامة بتورط عشرات المسؤولين الكبار وأكثر من 1000 آخرين، في قضايا فساد وإهدار للمال العام.

آوكي لوتسما: الفساد مسألة بغاية الجدية في العراق، وإنه من واجبنا العمل لتعزيز المساءلة داخل المؤسسات الحكومية
وبحسب الهيئة، فقد تورّط 34 مسؤولًا ووزيرًا، و1054 موظفًا آخرين بارتكاب قضايا فساد إداري ومالي، دون الكشف عن الجهات الداعمة لهم، في الوقت الذي تتجاهل فيه السلطات القضائية التحقيق في الملفات التي تثبت تورط الأحزاب السياسية في عمليات فساد كبيرة.
وعلى الرغم من أن العراق بلد غني بالنفط، لا يزال ثلث سكانه البالغ عددهم 42 مليونًا يعيشون في الفقر، أما البطالة فهي مرتفعة في أوساط الشباب، فيما يحتجّ العراقيون على النزاعات السياسية وسطوة الأحزاب والميليشيات الفاسدة والنفوذ الإيراني في بلدهم.
ومنذ عام 2003 يتخذ العراق مراتب متأخرة في جميع مؤشرات ومعايير الفساد والحريات وجودة الصحة والتعليم ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
ولم يحصل العراق حتى على مراتب متدنية في مؤشر دافوس للتعليم وجاء خارج المؤشر من بين 180 دولة.
واعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في تقرير عن وضع العراق بعد عشرين عامًا من الاحتلال الأمريكي، بأن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية السيئة السائدة حاليًا لم تكن هي الصورة التي ينشدها العراقيون.
ويرى الكثير من العراقيين المستقبل الاقتصادي للبلاد قاتمًا، إذ لا يرون نتائج إيجابية على الرغم من المداخيل الهائلة للثروة النفطية، إذ أهدر جزء كبير منها في مشاريع كبرى غير مكتملة، وفقدت نسبة أخرى بسبب الفساد.
وأوضحت الصحيفة أن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للعراقيين حاليا هو الفساد المستشري، الذي تجذّر بسبب نظام التوزيع الطائفي للسلطة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى