أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

سلاح الميليشيات المنفلت وغياب الدولة يفاقم النزاعات العشائرية في العراق

قتال دموي بين عشيرتين في محافظة ذي قار بعد أيام من مزاعم رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني أكد فيها بالوصول إلى نزع السلاح من كل القوى.

ذي قار – الرافدين
كشف الصراع العشائري الدموي في قضاء الإصلاح في محافظة ذي قار عن الفشل الحكومي في السيطرة على السلاح المنفلت وعجزها عن حصر السلاح بيد الدولة، وبعد أيام من تصريحات لرئيس الحكومة محمد شياع السوادني أكد فيها بالوصول إلى نزع السلاح من كل القوى.
وقالت مصادر محلية في مدينة الناصرية، إن مجموعة مسلحة قامت بشن هجمات على ثلاثة ناشطين في قضاء الإصلاح شرقي مدينة الناصرية مركز المحافظة أدت إلى إصابتهم بجروح بسبب انتقادات حادة وجهها الناشطون إلى قائممقام القضاء احمد الرميض.
وتبادلت إثر ذلك أطراف مسلحة من عشيرتين تمثلان قائممقام القضاء والناشطين، هجمات انتقامية بالأسلحة المتوسطة، حيث أقدم أفراد على قطع الطريق على ضابط برتبة رائد في الأمن وقاموا بقتله على طريقة الإعدام رميًا بالرصاص في الطريق العام ثم لاذوا بالفرار.
ويأتي النزاع العشائري في الناصرية بعد أيام من مزاعم رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني، أكد فيها أن حكومته “ستصل قريبا لمرحلة نزع السلاح من كل القوى، ولن يكون هناك سلاح خارج سيطرة الدولة”.
وناشد أهالي قضاء الإصلاح الجهات المعنية بالتدخل الفوري وإنهاء الانفلات الأمني الذي عطل حياة المواطنين حيث حوصرت العوائل في منازلها بسبب المعارك بين العشيرتين التي استمرت لعدة ساعات من غير تدخل حكومي.
وأظهرت لقطات فيديو تداولها ناشطون انتشار المسلحين في شوارع القضاء على مرأى القوات الحكومية من غير أن تتدخل.
وتزداد النزاعات المسلحة في جنوبي العراق نتيجة ضعف الحكومة وانتشار السلاح المنفلت وسطوة الميليشيات المسلحة فضلا عن تجارة بيع السلاح التي يديرها متنفذون في الميليشيات والعشائر.
ولا توجد إحصاءات عن عدد النزاعات التي تحدث في العراق لكن وزارة الداخلية كشفت في وقت سابق أنها سجلت 2403 نزاع في سنة 2022 من غير أن تعطي أي تفاصيل إضافية.
وتتصدر محافظات البصرة وذي قار وميسان وبغداد عدد النزاعات العشائرية التي تخلف ضحايا من المواطنين، وتتسبب في قطع الطرقات وتعطيل الأعمال إضافة إلى الخسائر المادية نتيجة استخدام الأسلحة المتوسطة والخفيفة.
وتشير مصادر أمنية إلى أن استمرار النزاعات العشائرية المسلحة بسبب السلاح المنفلت وأن بعض العشائر تملك سلاحًا أكثر من قوات الشرطة في بعض المدن.
وأضافت أن القوات الأمنية تقف عاجزة أمام النزاعات العشائرية، وأن فوضى السلاح المنفلت وكثرة النزاعات العشائرية وغياب سلطة الدولة في تلك المناطق دفعت العشائر إلى تسليح أبنائها، حتى أصبح كل فرد من أفراد العشيرة يمتلك سلاحًا شخصيًا بذريعة الدفاع عن النفس والعشيرة.
وأوضحت أن بعض النزاعات يتورط بها أفراد في الجيش والشرطة والحشد ويستخدمون أسلحة الدولة لنصرة عشائرهم ومساندتها.
ويحمل مراقبون الحكومة مسؤولية هذه النزاعات المتكررة وعدم وضع حد لها وتحديدا في الوسط والجنوب مؤكدين أن أسبابها لا تقتصر على الخلافات العشائرية، حيث إن الصراع بين شبكات التهريب، وحتى النفوذ المسلح داخل الميليشيات، يتطور لأن تدخل العشيرة على الخط بعد احتماء أو استقواء كل طرف بنفوذ عشيرته.
وسبق أن أكد ضابط في عمليات البصرة أن “العشائر تمتلك سلاحًا لا يستهان به، يصل إلى السلاح المتوسط، كما أن أبناء الأجهزة الأمنية هم ذاتهم أبناء تلك العشائر، وهذا ما يمنع العنصر الأمني من تنفيذ واجباته الأمنية والأوامر القضائية، وأن عددًا من أفراد هذه العشائر ينتمون إلى جماعات مسلحة أو أجهزة أمنية يحتمون بهذا الغطاء، وينفذون النزاعات العشائرية”.
وبين أن “الكثير من النزاعات تعود أسبابها إلى خلافات اقتصادية أو خلافات مالية مع شبكات مخالفة للقانون، مثل تهريب النفط أو حتى مع مهربي المخدرات ومع المنافذ الحدودية”.
وكان السوداني قد أطلق الكثير من الوعود من أبرزها حصر السلاح بيد الدولة وإنهاء المظاهر المسلحة إلا أن نواب ومراقبون أكدوا عجز السوداني وحكومته من تحقيق أي تعهد لا سيما نزع سلاح الميليشيات المنفلت.

حيدر الحسناوي: يستحيل إنهاء مشكلة السلاح المنفلت مع وجود قوى السلاح التي تمسك بالسلطة

وقال النائب في البرلمان الحالي حيدر الحسناوي إن، “التوجه لإنهاء مشكلة السلاح المنفلت مستحيل التنفيذ، لا سيما مع وجود قوى السلاح التي تمسك بالسلطة”.
وأضاف “أن أي خطوة حكومية بهذا الصدد هي محاولة خجولة، وقد سبقتها إليها كل الحكومات المتعاقبة، ولم تحقق أي نتائج تذكر”.
وأشار إلى أن الميليشيات المسلحة أقوى من القوى الحكومية، وأن الفساد وجميع المشكلات في العراق سببها السلاح المنفلت.
ويرى خبراء أمنيون أن أي حديث عن حصر السلاح بيد الدولة يستثني الميليشيات وسلاحها بلا قيمة ولن يوقف الانهيار الأمني.
وقال الباحث العراقي أحمد النعيمي، إن “أي حديث عن سحب سلاح من الشارع يستثني الميليشيات سيكون عبثيًا وإضاعة جهد ومال”.
وأضاف أن محاولة اعتبار السلاح المنفلت موجودًا لدى العشائر أو المواطن فقط، هدفه شرعنة سلاح الميليشيات الضالعة بالاغتيال والخطف والنزاعات المسلحة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى