أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مواقع العراق الأثرية ضحية شبكات نبش وتهريب الاثار والتغيرات المناخية

وكالة الصحافة الفرنسية: العراق الذي يعاني من فساد مستشري في عموم مؤسساته، يعيش ثلث سكانه في الفقر وتُهمَل مواقعه الأثرية، رغم ثراوته النفطية الهائلة.

بغداد- الرافدين
تواجه المواقع الأثرية العراقية اهمالاً حكوميًا وصراعًا بين شبكات نبش وتهريب الاثار المدعومة من شخصيات متنفذة وبحماية ميليشيات في مدن جنوب العراق، كما أنها تتعرض إلى أضرار كبيرة بسبب العوامل الناجمة عن التغير المناخي، كالعواصف الرملية وتزايد الملوحة، في بلد “يعاني أكثر من غيره ويعمل أقل” لمواجهة هذه الظاهرة.
وطالب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية بالبحث عن حل لإنقاذ تراث العراق الأثري، فهذا البلد الذي يعاني من فساد مستشري في عموم مؤسساته، يعيش ثلث سكانه في الفقر وتُهمَل مواقعه الأثرية، رغم ثراوته النفطية الهائلة.
ويتحدث عالم الأثار العراقي عقيل سفيح المنصراوي وهو يقف على قمة رمال تغطي بشكل شبه كامل أحد المواقع الأثرية، ويتأمل ما حوله من آثار تعود لأكثر من أربعة آلاف عام، قائلاً “أم العقارب هي في الحقيقة إحدى أهم المدن السومرية في جنوب بلاد الرافدين”، مشيراً إلى أنها “كانت تتمتع بدور مميز خلال الالفية الثالثة قبل الميلاد”.
وبلغت أم العقارب التي تجمع العديد من المعابد بينها أله سومر “شاراع”، على أرض صحراوية مساحتها خمسة كيلومترات مربعة في جنوب العراق، ذروة مجدها عام 2350 قبل الميلاد.
واكتشف علماء الآثار خلال بعثاتهم قنوات وقطع فخار وأقراصاً وألواحاً… وقطع حيوية تروي تاريخ السومريين.
ويعاني موقع أم العقارب اليوم من تأثيرات غير مباشرة سببها التغير المناخي، بينها العواصف الرملية المتزايدة في العراق، بالإضافة إلى ما يتعرض له الموقع من أعمال نهب متكررة كما هو حال مواقع أخرى تفتقر لحراسة جيدة.
واجتاح العراق خلال عام 2022، أكثر من عشر عواصف رملية، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية.
ويلفت المنصراوي الى أن “الرمال المتحركة بدأت تزحف، تغطّي أجزاء كبيرة من موقع” أم العقارب، في ظاهرة مستمرة منذ “عشر سنوات”.
وبهدف إظهار الحجر الذي يشكل واجهة معبد، على عالم الأثار وقبل كل شيء إزالة الرمال.

عقيل سفيح المنصراوي: زحف الرمال المتحركة سيغطي خلال السنوات العشر المقبلة 90 بالمائة من المواقع الأثرية في جنوب العراق.
عقيل سفيح المنصراوي: زحف الرمال المتحركة سيغطي خلال السنوات العشر المقبلة 90 بالمائة من المواقع الأثرية في جنوب العراق.
وقال “الرمال المتحركة، ومع زحفها بكميات كبيرة على هذه الموقع، ربما ستغطي خلال السنوات العشر المقبلة 80 الى 90 بالمائة من هذه المواقع” الأثرية في جنوب العراق.
ويتابع “سيتعين على البعثات الأثرية (المقبلة) بذل مزيد من الجهد” لتنظيف الأرض قبل البدء بالتنقيب.
ويقول الأستاذ في علم الآثار في جامعة القادسية جعفر الجوذري، إن الرياح حالياً “مليئة بكميات أكبر من الغبار” و”تحمل شوائب من الأرض، خصوصاً الرمال والطمى، ما يؤدي إلى تآكل المباني” الأثرية.
ويلفت إلى أنّ المشكلة تكمن في فصول شتاء أكثر جفافاً ومواسم صيف حارة بصورة متزايدة إذ تُسجل فيها درجات حرارة تتخطى 50 درجة مئوية، الأمر الذي يؤدي إلى “إضعاف التربة وتفتيتها بسبب قلة الغطاء النباتي”.
ويتمثل العامل الآخر في الملوحة التي تشكل العدو الثاني للمواقع الأثرية، ويعود سببها إلى البيئة “الجافة جداً”، حسبما أكد مارك الطويل، أستاذ في آثار الشرق الأدنى لدى جامعة “يو سي أل” في لندن، قائلاً عندما “يتبخر الماء بسرعة كبيرة، لا يبقى سوى الأملاح”.
ويؤدي تراكم كميات كبيرة من الأملاح إلى تأكل كل شيء.
ويعد العراق أحد أكثر خمس دول في العالم تأثراً ببعض الآثار الملموسة للتغير المناخي، في مقدمتها فترات الجفاف الطويلة، وفقا لتقارير الأمم المتحدة.
وتبدو هذه الظاهرة الكارثية واضحة في نهري العراق الأسطوريين، دجلة والفرات، وهما المصدر الرئيسي للري لغالبية فلاحي هذا البلد، لكنهما أصبحا اليوم مجريان لتيارات ماء شحيحة.
ورغم أنّ المسألة تعلق وبشكل كبير بنقص الأمطار، تدين سلطات البلاد قيام جيرانها تركيا وإيران ببناء سدود على منابع النهرين، لأنّ هذه الخطوة تمثل عاملاً رئيسياً في الحد من تدفق المياه، وفق بغداد.
يقول الجوذري إنّ العراقي لديه “أسوأ إدارة هيدوليكية”، تعود إلى العصرين السومري والأكادي وتستمر حتى اليوم، ويعتمد فيها المزارعون على الري بطريقة الغمر التي تستهلك كميات هائلة من الماء وتتسبب بخسائر كبيرة.
بالتالي، يدفع نقص المياه بشكل تدريجي المزارعين والرعاة للهجرة إلى المدن بهدف البقاء على قيد الحياة.
بالنتيجة، “بعد أن يهجر المزارعون أراضيهم، تصبح التربة أكثر عرضة للرياح” التي تحمل معها الرمال والطمى، وفقا للجوذري.
ويقر مدير آثار محافظة ذي قار حيث تقع أم العقارب شامل إبراهيم بأن المواقع الأثرية “معرضة للتعرية والرياح أكثر من غيرها بسبب التصحر والجفاف والتغيير المناخي، بخاصة خلال هذه السنوات التي واجه فيها العراق نقصاً في المياه وقلة الأمطار والجفاف”.
يتساءل الجوذري عن مدى فعالية المبادرات الحكومية، لأن الحفاظ على الغطاء النباتي “يتطلب كميات كبيرة من المياه”، مضيفاً “نحن البلد الذي يعاني أكثر من غيره ويعمل أقل” لمواجهة آثار التغير المناخي.
مناطق اثرية مفتوحة أمام لصوص النبش
مناطق اثرية مفتوحة أمام لصوص النبش
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى