حكومة الإطار التنسيقي تستغل القانون لقمع الناشطين
نقابة المحامين العراقيين ترفض مشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي بصيغته الحالية، وتطالب بضرورة تعديله قبل طرحه في البرلمان.
بغداد – الرافدين
أثار مشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي المعروض للنقاش في البرلمان الحالي في العراق حفيظة قوى مدنية ونقابات حقوقية حول مصير حرية التعبير، في ظل استخدام الطبقة السياسية الحاكمة منذ عام 2003 والمدعومة من قبل الميليشيات للتكتيكات القمعية القاتلة في التعامل مع كل من يحتج على فسادها وفشلها.
وأكدت نقابة المحامين في العراق، رفضها مشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي بصيغته الحالية، وشددت على ضرورة تعديله قبل طرحه في البرلمان.
وقالت النقابة، إن لديها حزمة ملاحظات على نصوص القانون الذي شرع تحت مسمى حرية التعبير وهو ما سيقوض حرية التظاهر والتجمع وحرية التعبير والصحافة، مشيرةً إلى أن، مصطلح “زعزعة الأمن” فيما يتعلق بالتجمعات والتظاهرات هو مصطلح فضفاض قد يستغل من السلطة لقمع الحريات.
وذكر المرصد، أنه أرسل، ملاحظاته إلى البرلمان العراقي بداية آذار الماضي، حول وجود مخاطر كبيرة يتضمنها القانون على حرية الاجتماع والتعبير عن الرأي، تحتوي على مصطلحات فضفاضة، وتخالف المادة 38 من الدستور العراقي، التي تكفل حرية الرأي والتعبير عنه بالطرق السلمية.
وتزداد مخاوف الصحافيين والناشطين أكثر من احتمال توجه البرلمان لإقرار قانون “الجرائم المعلوماتية”، أو ما يُعرف بلائحة “تنظيم المحتوى الرقمي” التي تضمّنت عبارات فضفاضة مثل “تهديد استقرار العملية السياسية”، والتي وصفها بعض الناشطين بأنها سلاح السلطة ضد أصحاب الرأي، فيما حوت الأوراق المسربة لبنود العقوبات السجن لسنوات وغرامات.
وفي الوقت الذي يرفض فيه صحافيون هذه الإجراءات، فإنهم يستغربون في الوقت نفسه من “الانتقائية” في تطبيقها، بين صحافيين وناشطين مدنيين، وآخرين مقربين من الميليشيات الولائية.
وبحسب باحثين متخصصين في شؤون العراق، فقد قامت حكومة الإطار التنسيقي التي تنضوي تحتها الميليشيات والأحزاب الولائية بتقييد حرية التعبير والنقد.
وتم استخدام المواد 225-227 من قانون العقوبات لاستهداف نشطاء الحقوق المدنية لمجرد التعبير عن آرائهم في وسائل التواصل الاجتماعي أو في وسائل الإعلام التقليدية.
وتحتوي هذه المواد على لغة فضفاضة ومبهمة تسمح للسلطات بمحاكمة أي شخص “يهين الحكومة” أو “القوات العسكرية” أو “الأجهزة شبه الرسمية” والحكم عليه بالسجن لمدة تصل إلى سبع سنوات.
وضرب الباحثان حيدر الشاكري الباحث المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المعهد الملكي البريطاني “تشاتام هاوس” والفاضل أحمد الباحث السياسي في الشأن العراقي المختص بالمتغيرات الاجتماعية والسياسية في جنوب ووسط العراق في دراسة مشتركة نشرت باللغة الإنجليزية، أمثلة بارزة على كيفية إساءة استخدام هذه المواد في قمع الرأي الناقد للحكومة.
منها، حالة الناشط حيدر الزيدي. الذي حُكم عليه في كانون الأول 2022 بالسجن ثلاث سنوات بتهمة تغريدة تنتقد أبو مهدي المهندس أحد زعماء ميليشيا الحشد الذي قتل مع قاسم سليماني في غارة أمريكية قرب مطار بغداد.
وقُبض على المحلل السياسي محمد نعناع لانتقاده رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، فيما حُكم على الصحفية قدس السامرائي بالسجن لمدة عام بتهمة القذف بعد أن رفع ضابط في الجيش دعوى قضائية ضدها.
وقال الباحثان “هذه مجرد أمثلة قليلة على عدد متزايد من الشخصيات العامة التي تم إسكاتها والتي تجرأت على انتقاد الطبقة السياسية والوضع السياسي المتردي”.
وقال عضو نقابة الصحافيين العراقيين أيسر اليوسف إن “الفترة الماضية شهدت اعتقالات لعدد من الصحافيين وصدور أوامر قبض، وبعض الأحزاب استهدفت صحافيين وناشطين بسبب آرائهم ومواقفهم من حكومة محمد شياع السوداني”.
وأضاف أن “هناك مخاوف حقيقية من استمرار هذا النهج من قبل حكومة السوداني، لأنه عادة ما يمارس ما تفكر به القوى التي تدعمه”، في إشارة إلى أحزاب وميليشيات “الإطار التنسيقي”.
وأنشأت وزارة الداخلية لجنة لمعاقبة أي شخص ينشر “محتوى غير لائق” وهي ذريعة مكشوفة لمنع كشف بواطن الفساد والسرقات المستمرة في الوزارات الحكومية.
ولم يعرف أن كان من مهام هذه اللجنة متابعة المحتوى الهابط الذي تروج له وسائل إعلام وقنوات فضائية تابعة لأحزاب وميليشيات مشاركة في الحكومة.
وأدانت منظمة إنهاء الإفلات من العقاب في العراق الحملة الممنهجة، التي تقوم بها السلطات لتقييد حرية التعبير تحت ذريعة ملاحقة ما سمته المحتوى الهابط.
وأوضحت أن “مصطلح المحتوى الهابط هو مفهوم مطاط غير موصوف قانونيًا لذلك سوف يتم استخدامه بما ينسجم مع مصالح الأحزاب الحاكمة”.
وبينت المنظمة، عدم وجود خطوط واضحة للمقصود منه عند أحزاب السلطة، ولذلك “سيكون ذريعة لملاحقة أي شخص يقوم بانتقاد السلطة بأسلوب فكاهي أو ساخر”.
ويخشى الكثير من الناشطين أن يكون القرار كما كل القوانين الأخرى في العراق سيفًا ذا حدين، فلا يكتفي بمحاسبة المسيئين فعلًا، بل يشمل أيضًا أصحاب الرأي الحر الذين ينتقدون الأوضاع والفساد والمحسوبية في البلاد.