أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

اعتراف متأخر لوليام بيرنز: غطرسة البيت الأبيض تتحمل كارثة احتلال العراق

مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز يطالب كبار المسؤولين في إدارته بتعلم الدرس التاريخي من خطيئة احتلال العراق.

بغداد- الرافدين
دفع مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز باتجاه تعلم الدرس التاريخي من خطيئة احتلال العراق عام 2003 أمام كبار المسؤولين في “سي آي أي” أثناء مؤتمر عقد في التاسع عشر من آذار الماضي لمناسبة مرور عشرين عامًا على احتلال العراق.
وأثناء مخاطبته حوالي 100 من مسؤولي وكالة المخابرات المركزية، أقر بيرنز، الذي شغل آنذاك نائب وزير الخارجية الأمريكي في إدارة جورج بوش، كيف أخطأت الوكالة بشكل كارثي في تقييمها بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل.
ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مصدرين حضرا اللقاء الخاص، بان بيرنز كال اللوم على الجناة في البيت الأبيض في إدارة جورج بوش الذين كانوا غارقين في الغطرسة بكل ما يتعلق باجتياح العراق بغض النظر عن وهن الأسباب وعدم صحتها.
وأعترف مدير وكالة المخابرات المركزية الذي كان الرجل الثاني آنذاك في وزارة الخارجية، بأن الوزارة لم تقم بما يكفي لعرقلة الحرب.
وطالب كبار ضباط “سي آي أي” تعلم الدرس الصعب من المعلومات الخاطئة التي بني عليها احتلال العراق، خصوصا ما يتعلق اليوم بالمعلومات التي تساعد الأوكرانيين في الدفاع عن أنفسهم أمام الهجوم الروسي وتعزيز تحالف قوي يدعم الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
ولا يمثل كلام بيرنز، وفق الخبراء في الشؤون السياسية، تغييرا جذريا في التراجع عن الغطرسة الأمريكية، بقدر ما هو تحليل استخباراتي داخلي، ومسعى شخصي من مدير وكالة المخابرات المركزية لتبرئة نفسه من جريمة تاريخية ستلاحق إدارة بوش.
واستند احتلال العراق الذي قاده الرئيس الأسبق جورج بوش الابن على مزاعم ملفقة تلت ذلك ذرائع لتبرير تقييم استخباراتي غير دقيق بأن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كان لديه برنامج نشط لأسلحة الدمار الشامل.
وتحولت هذه المزاعم إلى انقسام حزبي مرير حيث اعتقد البعض أن قرار الذهاب إلى الحرب كان مبنيًا على معلومات غير صحيحة، بينما اعتقد آخرون أن إدارة بوش قد كذبت لبناء الدعم لغزو العراق.
وسبق وأن شكك الباحث في معهد كوينسي لفنون الحكم ويليام دي هارتونغ، في تعلم الولايات المتحدة من الدرس الأقسى في تاريخ الحروب المعاصرة بعد كارثة احتلال العراق.
وكتب هارتونغ في مقال بمجلة “ديفينس ون” الأمريكية المتخصصة بالشؤون العسكرية “إن غزو الولايات المتحدة للعراق كان أحد أسوأ كوارث السياسة الخارجية الأمريكية في القرن العشرين، وهو ما جعل البعض يدعون لإصلاحات تشريعية لمنع واشنطن من خوض حروب جديدة في المستقبل، بناء على تصورات خاطئة”.
وقال “انتهت حرب العراق وثبت أنها لم تكن نزهة كما اعتقد البعض”.
ويأتي كلام مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، في وقت تستمر مراكز البحوث الدولية ووسائل الاعلام التركيز على العرض البصري الزائف الذي قدّمه وزير الخارجية في إدارة بوش، كولن بأول، عن أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق أمام مجلس الأمن الدولي قبل أسابيع من احتلال العراق.
وأجمعت على أن حرب بوش وتوني بلير رئيس الوزراء البريطاني، على العراق جعلت الولايات المتحدة تدفع الثمن الباهظ، عندما أنفقت ما يقدر بنحو 2 تريليون دولار في العراق على مدى عقدين من الزمن، وهو ثمن بالكاد يبدأ في التعبير عن الخسائر التي لحقت بكلا البلدين.
وما يقرب من 8500 من الأفراد العسكريين والمتعاقدين الأمريكيين قتلوا في العراق، وفقًا لمشروع تكاليف الحرب التابع لجامعة براون، وعاد ما يصل إلى 300 ألف آخرين إلى ديارهم وهم يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة.
وفقد العراق ما يقرب من نصف مليون مدني في الحرب وما تلاها من حملة قادتها الميليشيات الطائفية في القتل على الهوية.
ووصفت وسائل اعلام بريطانية وأمريكية خطاب بوش وبلير السياسي قبل وبعد احتلال العراق بانه كان محملاً بالغطرسة وازدراء الحقائق على الأرض في العراق، حيث بدأت عقود من إراقة الدماء.
وكان بيرنز، قد اعترف في مذكراته التي صدرت في كتاب بعنوان “القناة الخلفية: مذكرات الدبلوماسية الأميركية وحالة تجديدها” بإن غزو العراق هو الخطيئة الأصلية. وقد ولدت من الغطرسة، وكذلك نتيجة إخفاقات فقر الخيال والعمل السياسي.
وكتب في المذكرات التي صدرت عن دار (نيو راندوم هاوس) “بالنسبة إلى أنصار المحافظين الجدد، كانت الأداة الرئيسية في اضطراب الشرق الأوسط هي الفكرة القاسية وغير المسؤولة وغير المستقرة تاريخياً بأن هز الأشياء بعنف سوف يؤدي إلى نتائج أفضل”.
ودافع وليام بيرنز عن نفسه بالقول “لقد واصلنا أنا وزملائي في مكتب شؤون الشرق الأدنى الاعتقاد لبعض الوقت أن نتمكن من احتواء العراق وتجنب الحرب. كنا قلقين من أن حرباً أحادية الجانب وغير مدروسة للإطاحة بصدام حسين ستثبت أنها خطأ فادح في السياسة الخارجية. ومع ذلك، لم نجادل بشكل مباشر ضد سياسة الحزبين لتغيير النظام في نهاية المطاف، وهو هدف ورثناه عن إدارة كلينتون، ولم نجادل ضد الاستخدام المحتمل للقوة لتحقيق ذلك. بدلاً من ذلك، وإحساساً منا بالحماسة الأيديولوجية التي كانت تهدر بها طبول الحرب، حاولنا إبطاء وتيرة النقاش وتوجيه النقاش في اتجاه أقل إيذاءً، لأننا لم نرَ من نظام صدام حسين تهديداً خطيراً ووشيكاً يبرر الحرب”.
ويأتي اعتراف بيرنز أمام كبار المسؤولين في المخابرات الأمريكية، بالتزامن من تأكيد الدبلوماسي الأمريكي السابق بيتر هويكسترا، على إن الولايات المتحدة تواجه أزمة قيادة بعد الخطأ الكارثي لاحتلال العراق وفق ذرائع كاذبة.
وأضاف في تقرير نشره معهد غيتستون الأمريكي، أن المزيد والمزيد من الأمريكيين لا يثقون على نحو متزايد في القيادة الأمريكية في جميع المجالات. منذ تراكم أكاذيب احتلال العراق ثم هزيمة الانسحاب المذلة للقوات الأمريكية من أفغانستان والفشل الذريع في ليبيا.
ووصف ذلك بأنه 20 عامًا من الإخفاقات الحكومية الملحمية والنظامية.
وقال الدبلوماسي الذي عمل سفيرا لبلاده في هولندا إن عدم الكفاءة والخداع والعمل ضد مصالح الشعب الأمريكي لا يثير عجبا كثيرا بالنسبة لسبب فقدان الثقة في الحكومة الأمريكية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى