أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

حكومة الإطار التنسيقي تفرط بثروة العراق النفطية لحساب إيران

محمد شياع السوداني يشرف على توقيع مذكرة تفاهم مع وزير النفط الإيراني للاستثمار في حقول النفط الواقعة على الحدود بين البلدين من دون الكشف عن التفاصيل.

بغداد– الرافدين
طالب خبراء عراقيون حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، الكشف عن تفاصيل وفقرات مذكرة التفاهم التي وقعت الأربعاء مع الجانب الإيراني بشأن الحقول النفطية القريبة من الحدود بين البلدين.
وأتهم خبراء نفطيون السوداني بالتفريط بثروة العراق لمصالح سياسية وفق توجهات زعماء الإطار التنسيقي الحاكم الذي يضم الأحزاب والميليشيات الولائية.
وأكتفت حكومة السوداني بإعلان خبر توقيع مذكرة التفاهم بين وزير النفط حيان عبد الغني، فيما وقّعها عن الجانب الإيراني وزير النفط جواد أوجي.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء الحالي أن العراق وإيران وقعا مذكرة تفاهم للاستثمار في حقول النفط المشتركة الواقعة على الحدود بين البلدين، وكذلك التعاون في استخراج النفط الخام وتكريره. من دون كشف تفاصيل وطبيعة هذا التعاون.
ولم تحسم الخلافات بين البلدين على الحقول الحدودية منذ عقود. فضلا عن عدم اعتراف إيران بحق العراق، فأنها استمرت على مدار عشرين عامًا في استثمار نفط تلك الحقول وسط صمت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003.
وكان السوداني قد تعهد أمام المرشد الإيراني علي خامنئي في زيارته إلى طهران نهاية عام 2022 بأن “الحكومة ملتزمة تطوير التعاون مع إيران في جميع المجالات”.
وأشار إلى أن البلدين بصدد وضع “آلية (…) للتنسيق الميداني”.
ودفع خامنئي إلى المزيد من “مذكرات التفاهم والتعاون بين إيران والعراق” في إشارة لربط السيادة والاقتصاد العراقي بإيران.
وقال “في الفترات السابقة جرت مفاوضات وتفاهمات جيدة لكنها لم تصل إلى مرحلة العمل. لذلك علينا أن نتحرك نحو العمل فيما يتعلق بجميع الاتفاقات، وخاصة في مجال التعاون الاقتصادي وتبادل البضائع والسكك الحديدية”.
ويوجد بين العراق وإيران حقول “مجنون” و”أبو غرب” و”بزركان” و”الفكة” و”نفط خانة”، التي يصل مخزونها مجتمعة من النفط الخام الخفيف إلى أكثر من 95 مليار برميل، بحسب بيانات رسمية عراقية، كما تشير ترجيحات إلى وجود 10 حقول غير مكتشفة تمتد على حدود البلدين.
ويشكك خبراء نفطيون وسياسيون بتسمية “آبار أو حقول مشتركة” مؤكدين وجود آبار عراقية قريبة من الحدود الإيرانية.

الدكتور عصام الجلبي: العراق هو الخاسر الأكبر في توقيع تلك المذكرات لأن إيران مستمرة في استثمار الحقول من دون أخذ حق العراق في الاعتبار
وكان وزير النفط العراقي الأسبق عصام الجلبي قد فند تسمية “الحقول المشتركة” في كتاب عن سيرته الذاتية التي صدر بعنوان “50 عامًا في عالم النفط”.
وكتب “ليست هناك أية صعوبة في التثبت من عائدية آبار النفط إلى أحد الطرفين بمجرد عملية تدقيق مسحي بسيطة لإحداثياتها الفعلية على الأرض ومقارنة تلك الإحداثيات بتلك التي تعود للدعامات وخط الحدود المرسوم على الخرائط بينها في منطقة الفكة”.
وقال “وقع بعض المسؤولين العراقيين الحاليين، عن قصد أو غيره، عندما أخذوا ومعظمهم بعيد عن شؤون النفط، بالحديث عن (الحقول المشتركة) في حين أن تلك الحقول العراقية هي حدودية داخل الأراضي العراقية بالكامل باستثناء حقل النفطخانة المشترك مع نفط شاه الإيراني”.
واعتبر الجلبي أن العراق هو الخاسر الأكبر في توقيع المذكرات لأن إيران مستمرة في استثمار تلك الحقول، من دون أخذ حق العراق في الاعتبار، بينما تتلكأ الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 في استثمار الحقول النفطية القريبة من الحدود الإيرانية.
ويعود الخلاف النفطي العراقي الإيراني إلى أربعينيات القرن الماضي، ولم تنجح وساطات دولية وأممية في حله، حيث تصر طهران على أن تتقاسم الحقول مع العراق، رغم أن الحقول يقع أغلبها داخل الأراضي العراقية.
وسبق أن أظهرت تقارير أن حجم ما تستنزفه إيران من النفط العراقي في الحقول الحدودية بلغ قرابة 300 ألف برميل يومياً، من أربعة حقول، ويبلغ احتياطي تلك الحقول أكثر من 95 مليار برميل.
وفي نهاية 2009، عبرت قوة إيرانية الحدود العراقية، وسيطرت على بئر رقم 4 داخل حقل الفكة، وأزالت العلم العراقي عنه، إلا أنها انسحبت منه لاحقا.
واستمرت إيران على مدار عشرين عامًا في تطوير هذه الحقول على حساب العراق، ومن دون اتفاق أو تفاهم في شأنها، على الرغم من كثرة تصريحات مسؤولي البلدين حول التعاون لإيجاد صيغة مرضية للطرفين تضمن حقوقهما.
ولا تجيب مذكرة التفاهم التي رعاها رئيس حكومة الإطار التنسيقي عن الأسئلة التاريخية المتعلقة بحقوق العراق الاقتصادية في تلك الحقول.
واكتفى بيان رئاسة الحكومة بإعلان أن “المذكرة اشتملت على تنظيم أوجه التعاون لاستثمار الحقول النفطية المشتركة، الواقعة على الحدود بين البلدين، والتعاون في مجالات استخراج النفط الخام وتصفيته وتكريره، والتعاملات التكنولوجية مع الغاز المصاحب”.
غير السلوك الإيراني على مدار سنوات يفند ادعاءات التعاون والاعتراف اصلاً بحق العراق في تلك الحقول، فسبق أن أعلن وزير النفط الإيراني السابق بيجن زنكنة، أن الطاقة الإنتاجية في حقول النفط في غرب كارون المشتركة مع العراق ضمن حدودها مع البصرة العراقية ارتفعت من 70 ألفاً إلى 400 ألف برميل يومياً خلال الأعوام الأخيرة، وفق خطة تهدف إلى رفع تلك الطاقة خلال السنوات القليلة المقبلة إلى مليون برميل يومياً.
كوفند شيرواني: الموقف الإيراني يعكس هيمنته على القرار السياسي العراقي، وبالتالي انعكاسه على الجانب الاقتصادي
وقال الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، أن بلاده زادت من إنتاج النفط في الحقول المشتركة مع العراق، حيث زاد الإنتاج في حقل غرب نهر كارون 5 أضعاف، متجاهلة بذلك الجانب العراقي وموقفه.
كما أن المدير التنفيذي لشركة “أويك” المطوّرة لحقل “آذر” غربي إيران، غلام رضا منوجهري، أعلن بشكل مفاجئ قرب بدء استخراج 65 ألف برميل من النفط الخام يومياً من “حقل بدرة”، المشترك مع العراق، وتبلغ احتياطاته المؤكدة نحو 3 مليارات برميل، وإنتاجه اليومي نحو 45 ألف برميل منذ العام 2015، ويُدار من قبل ائتلاف شركات روسية وكورية وماليزية وتركية، تهدف لزيادة إنتاجه إلى 170 ألف برميل يومياً.
وطالب خبراء اقتصاديون وسياسيون عراقيون على مدار السنوات الماضية بالتحرك دوليًا وضمان ثروة العراق النفطية من التجاوزات الإيرانية، وسط صمت مخجل من قبل حكومات الاحتلال منذ عام 2003.
وقال الخبير النفطي العراقي كوفند شيرواني، “إن عدم استثمار الحقول النفطية المشتركة مع إيران هو قرار سياسي انعكس على الجانب الاقتصادي”، وطالب بضرورة اتباع الطرق الدبلوماسية والعلمية في استثمار الحقول المشتركة”.
وأضاف إن “الموقف الإيراني يعكس هيمنته على القرار السياسي العراقي، وبالتالي انعكاسه على الجانب الاقتصادي”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى