أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

وزارة الصناعة تجهز على ما تبقى من المصانع العراقية بدل تأهيلها

وزير الصناعة في حكومة الإطار التنسيقي خالد بتال يتذرع بقدم المصانع والمعامل العراقية ليقترح إغلاقها بدلا من تطويرها وتشغيلها.

بغداد – الرافدين
كشف تصريح وزير الصناعة والمعادن في حكومة الإطار التنسيقي خالد بتال عن صعوبة إعادة تأهيل المصانع المتوقفة منذ 2003، عدم جدية الحكومة في النهوض بواقع الصناعة واستمرار سياسة إهمال الصناعات المحلية لإبقاء العراق معتمدا على الاستيراد من إيران ودول أخرى.
وأعلن وزير الصناعة والمعادن عن تشكيل لجنة لتحديد مصير مصانع العراق المتوقفة، واتخاذ قرار لإعادة تشغيل تلك المصانع أو شطبها نهائيًا.
وقال دائمًا ما يدور الحديث عن المصانع المتوقفة وضرورة إعادتها للعمل، غير أن هنالك مصانع لا يمكن تشغيلها، فهذه المصانع تفتقر إلى التقنيات الموجودة في الوقت الراهن.
غير أن تصريحات الوزير تكشف جهلًا في الإدارة الهندسية والعمل الصناعي، فالتحديثات على الأجهزة والمكائن تجري في كل مصانع العالم، مع التطور التقني، ولا يتم الإجهاض على المصانع لأنها تستخدم مكائن قديمة. وإنما يعرض المشغلون والمهندسون أفكارًا مقترحة لتطويرها بما يتناسب مع التكنولوجيا المتوفرة.
وعد مراقبون تصريحات وزير الصناعة الحالي ذريعة مكشوفة لإبقاء المصانع معطلة رغم الوعود الكثيرة بإرجاع الصناعة في العراق إلى سابق عهدها قبل عام 2003 حيث حققت بعض الصناعات الاكتفاء الذاتي للبلد، مبينين أن الخطوط الإنتاجية تحتاج إلى التطوير والصيانة لا إلى الإلغاء.
وعلى الرغم من أن المصانع المتوقفة يمكن أن تقلل من نسب البطالة بتشغيل آلاف الشباب وانتشالهم من تحت خط الفقر تستمر حكومة الإطار كسابقاتها بسياسة تكثيف استيراد السلع والبضائع من إيران على الرغم من افتقادها للمعايير التصنيعية المعتمدة عالميًا، في سياسية مكشوفة على حساب الصناعة الوطنية.
وأضاف خالد بتال “شكلت لجنة برئاسة الوكيل الفني للوزارة لتحديد مصير 104 مصنع متوقف عن العمل، وأن الوزارة من خلال اللجنة ستتخذ القرار تجاه المصانع، لتحديد مصيرها ومدى إمكانية إعادتها للعمل أو شطبها وفق الإجراءات القانونية”.
وذكر إن الوزارة ستتجه بشأن تلك المشاريع التي لا يمكن تشغيلها نحو القطاع الخاص ذو الإمكانيات والتقنيات الحديثة وإتاحة الفرصة له للعمل.
ويواجه قطاع الصناعة في العراق مشاكل كبيرة منذ عام 2003 إذ تعرضت المصانع التابعة للدولة للتخريب والسرقة والإهمال وتم إهمال آلاف الكوادر والمهندسين العاملين فيها، بعد تعطيلها المتعمد.
وسبق أن كشف رئيس الجمهورية الحالي عبد اللطيف جمال رشيد، عن إغلاق وتعطل آلاف المعامل والمصانع.
وقال إن “لدينا ما يقارب 15 ألف معمل ومصنع في العراق جميعها مغلقة منذ 2003، وهذا يحتاج إلى جهد وعمل وموازنة وتشجيع القطاع الخاص على العمل”.
ورغم دعوات العراقيين إلى تفعيل دور القطاع الخاص بدعم المستثمرين وأصحاب المشاريع المحلية تتجاهل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 تطوير هذا القطاع.
ويقدر عدد مصانع ومعامل القطاع الخاص المتوقفة عن العمل منذ احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية عام 2003 بأكثر من 64 ألف مصنع ومعمل، والتي يمكن أن توفر فرص عمل كبيرة للشباب مع ارتفاع نسب البطالة في السنوات الأخيرة.
ويجمع نواب في البرلمان الحالي على أن غياب الإرادة السياسية يحول دون تشغيل هذه المصانع، كما أن الأحزاب الحاكمة لا تكترث بالتبعات الاقتصادية الخطيرة لتردي الواقع الصناعي.

كاظم الفياض: توجد أسباب سياسية داخلية وخارجية تحول دون عودة المصانع إلى العمل في ظل الرغبة بجعل العراق بلدًا مستهلكًا

وقال النائب كاظم الفياض “توجد أسباب سياسية داخلية وخارجية تحول دون عودة هذه المصانع والمعامل إلى العمل في ظل الرغبة بجعل العراق بلدًا مستهلكًا غير منتج يعتمد على الاستيراد”.
وأضاف “مع أن أغلب المصانع والمعامل بحاجة لأموال طائلة لإعادة تأهيلها إلا أن هناك من يحول دون عرضها للاستثمار لا سيما أن البلد بحاجة ماسة لإيرادات إضافية بدلًا من النفط الذي تخضع أسعاره للتغير بين الحين والآخر”.
ويرى خبراء اقتصاديون أن إهمال قطاعات الإنتاج واعتماد البلد على واردات بيع النفط والاتجاه نحو تعزيز الموازنات التشغيلية، قيّدت الاقتصاد العراقي وجعلته ريعيًا يعتمد بشكل كامل على النفط بعدما كان القطاع الصناعي يشكل نسبة مهمة من الناتج المحلي الإجمالي قبل عام 2003.
ويطالب نواب بتخصيص أموال لهذه المصانع بدل إهمالها وإخراجها عن الخدمة لما يمكن أن توفره من فرص عمل وتقليل الاعتماد على البضائع المستوردة.
وقال النائب حسن الخفاجي إن “الحل الأمثل للمصانع المتوقفة هو إبرام عقود شراكة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص وفق مشروع قانون الموازنة الاتحادية 2023 بما يضمن تطويرها وتوسعتها وتشغيلها”.
وأضاف “في العراق مصانع كثيرة متوقفة عائدة لوزارة الصناعة أو غيرها من الوزارات والجهات الحكومية وتحتاج إلى الدعم لتفعيل شعار صنع في العراق وهذه المصانع متعددة مثل معمل صناعة السيارات في بابل ومصنع البطاريات ومصانع تعليب كربلاء ومعامل الخشب في النجف ومعامل الأسمدة في البصرة ومعامل الورق والزجاج في ميسان وهي بحاجة للدعم والتمويل لإعادة تشغيلها من جديد”.
وأشار إلى أنه “من خلال الدراسات التي تجريها المؤسسات المختصة بالتشغيل فإن إعادة العمل بالمصانع المتوقفة يوفر فرص عمل بنسبة لا تقل عن 70 بالمائة من الشباب العاطلين بمختلف الاختصاصات”.
وقال رئيس اتحاد الصناعات العراقي عادل عكاب إن تطوير القطاع الصناعي يعتمد على الدعم الحكومي وحماية المنتج المحلي لإنجاح الصناعة.
وأضاف “لا يمكن أن تتقدم الصناعة إذا لم يكن هناك حوافز تشجيعية وإجراءات حكومية وإعفاءات”.
وكان قطاع الصناعة في العراق يمثل 23 بالمائة من الناتج الإجمالي قبل عام 2003، وكانت معامل الأدوية، والغزل والنسيج والألبسة، والأسمدة والفوسفات، ومصانع السكر، ومصانع الإسمنت والحديد الصلب، والصناعات الدقيقة، وأخرى للمواد الغذائية والألبان، قد حققت الاكتفاء الذاتي، بحسب تصريحات رسمية، لكنها اليوم باتت عالة على الدولة التي تدفع مرتبات الآلاف من موظفيها والعاملين فيها من دون أن يقوموا بأي عمل.

صناعة لاتدعم الاقتصاد بفلس واحد!
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى