أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

أطفال العراق.. حياة مسلوبة وحقوق منتهكة

الطفولة في العراق تعاني من أوضاع كارثية بسبب الحرمان من الخدمات الصحية والتعليمية وسوء التغذية إلى جانب الاستغلال والعمالة والفقر

بغداد – الرافدين
خصصت الأمم المتحدة يوم الرابع من شهر حزيران من كل عام يومًا دوليًا لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء بهدف تسليط الضوء على الأطفال الذين يتعرضون للعنف والانتهاكات والنزوح في مناطق النزاعات مشددين على أن الأطفال يجب أن يكونوا بمأمن من العدوان والاعتداءات وحماية الحقوق الأساسية لكل طفل.
وحذر حقوقيون من المخاطر المحدقة بمستقبل الطفولة في العراق وما تخلفه من آثار سلبية واضحة على المجتمع العراقي نتيجة الحروب والاحتلال ودوامة الفوضى السياسية والأمنية والاقتصادية بالتزامن مع اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء.
وأشار الحقوقيون إلى أن عدوان الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بدءًا من الحصار الجائر (1990-2003) وصولًا إلى احتلال العراق وتسليمه للميليشيات انتهك بشكل صارخ حقوق الأطفال.
تسبب الحصار الشامل في تسعينات القرن الماضي الذي حرمهم من الغذاء والدواء بوفاة نحو نصف مليون طفل بسبب نقص الدواء.
وتعرض الأطفال العراقيون منذ العام 2003 إلى انتهاكات جسدية ونفسية وقتل وإصابات بالغة وفقر و تهجير.
وتتصاعد نسب التشوّهات الخلقية للمواليد بعدما كانت تنحصر سابقًا في مدن تعرضت لتلوّث وقصف كثيف باستخدام مواد محرمة دوليًا، مثل “الفسفور الأبيض” خلال فترة الاحتلال الأمريكي عام 2003، وتعد الفلوجة والبصرة أكثر المدن التي تكثر فيها الملوّثات والغاز النفطي إلى جانب الألغام التي لم تفكك.
ويقول الأخصائي في طب الأطفال في بغداد أحمد العامري “يولد حوالي خمسة في المائة من أطفال العراق بتشوّهات خلقية وأمراض مختلفة”.
وتزداد معاناة الطفل العراقي بسبب الفوضى المزمنة وضياع الحقوق السائدة في العراق منذ عام 2003 ويخشى من ظهور جيل مجبول على الفوضى والانحراف نتيجة للظروف البيئية المحيطة بها.
وكشفت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، في إحصائية صدرت منتصف العام 2022، عن وجود خمسة ملايين يتيم، وأربعة ملايين ونصف مليون طفل ترزح عائلاتهم تحت خط الفقر.
وبحسب التقرير الدوري لقسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق فإن أوضاع الأطفال في مخيمات النزوح المختلفة بالغة السوء.
وأكد قسم حقوق الإنسان أن أغلب الأطفال يعانون من اضطرابات نفسية، ويواجهون رفضًا في الاندماج بمجتمعاتهم مجددًا، بعد رصد أجراه عن الأوضاع الإنسانية في المخيمات.
وأجبرت الظروف الاقتصادية الصعبة بعض الأسر على زج أبنائها في سوق العمل وترك مقاعد الدراسة
وتقول منظمات معنية بواقع الأطفال إن عمل الأطفال في تزايد نتيجة النزوح والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، وأن نسب الفقر بين الأطفال العراقيين ارتفعت كثيرًا، حيث يوجد طفلان فقيران بين كل 5 أطفال.
ويقول الباحث الاجتماعي أحمد سعدون إن “عمالة الأطفال تتفاقم يوميًا بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لأغلب العائلات العراقية”.
وأضاف “حسب إحصائيات غير رسمية، فإن 4 من بين كل 10 أطفال دفعتهم الظروف الاقتصادية إلى ترك مقاعد الدراسة ودخول سوق العمل، وأغلبهم يعملون باعة في الشوارع”.
وسبق أن كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) “أن مليون طفل عراقي بحاجة إلى مساعدات إنسانية ونحو مليوني طفل خارج المدرسة”.
وأضافت أن “الغزو الأمريكي والعنف الذي تلاه ترك البلاد في حالة من الفوضى، وتسبب الفساد وسوء الإدارة في إبطاء جهود إعادة الإعمار، وترك العديد من المدارس والمستشفيات والبنية التحتية الحيوية الأخرى رديئة الجودة أو متضررة أو متداعية وقد أثر هذا بشكل كبير على الأطفال”.
وتتصاعد الدعوات من أجل إنقاذ الطفولة في العراق من أوضاعها الكارثية، من قبل منظمات مجتمعية محلية، بعد ارتفاع مؤشرات تدهور أوضاع حقوق الأطفال وتفاقم الانتهاكات التي يتعرضون لها، وسط عجز الحكومة وإهمال البرلمان لإقرار قانوني حماية الطفل وحماية الأسرة.
ودعت رابطة المرأة العراقية إلى خلق بيئة تربوية وتعليمية لانتشال الاطفال في العراق من واقعهم المرير.
وبحسب الرابطة فإن العراق يواجه ظروفًا ومخاطر كثيرة من بينها تراجع منظومة التعليم وزعزعة المحيط الأسري وعدم الاهتمام بالصحة العقلية إلى جانب التمييز والعنصرية.
وأشارت الرابطة إلى الأرقام المخيفة من الأيتام والمشردين والمفقودين ومعدومي النسب وذوي الاحتياجات الخاصة مضيفة أن أعدادًا كبيرة من الأطفال باتوا ضحايا الاستغلال والعمالة والفقر والجوع والمرض إضافة إلى أولئك المتأثرين بالصراعات والنزاعات المسلحة.
وأكدت عضو لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية سهام الموسوي، أن المؤسسات الحكومية المعنية بالأطفال والمشردين تفتقر للدعم الكافي، وحذرت من عصابات تستغل الأطفال.
وأشارت إلى أن ” هناك استغلالًا للأعمار الصغيرة من قبل عصابات الجريمة المنظمة، تستغل الأطفال في التسول وتجارة المخدرات والبشر”.
وكشف تقرير صادر عن السفارة الأمريكية ببغداد في وقت سابق عن، وجود تواطؤ حكومي إزاء تجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود بواسطة ميليشيات مرتبطة بميليشيا الحشد وتعمل تحت مظلتها.
وأكد أن الأطفال لا يزالون عرضة للتجنيد والاستخدام القسري من قبل ميليشيات مسلحة تعمل في العراق، كميليشيا الحشد، وميليشيا حزب العمال الكردستاني “pkk” المصنفة إرهابيًا، وميليشيات أخرى مدعومة من إيران.
وتعبر تقارير لمنظمات دولية عن مخاوف تتعلق بتواطؤ مسؤولين حكوميين في مناصب حكومية بجرائم الاتجار، وتوفيرهم الحماية للمتاجرين من التحقيق والمقاضاة أو أنهم أنفسهم تجنبوا المقاضاة نظرًا لنفوذهم بحكم مناصبهم وعلاقاتهم السياسية

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى