أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

مجلة “فورين آفيرز”: الهدوء السياسي الخادع في العراق لن يطول كثيرًا

مايكل نايتس: الإطار التنسيقي يحكم بسلطة مطلقة على الاقتصاد والقضاء والمخابرات ويحرك السوداني كدمية في رئاسة الحكومة.

بغداد- الرافدين
وصف مايكل نايتس الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج. الهدوء السياسي القائم منذ تشكيل حكومة الإطار التنسيقي في العراق بـ”الخادع” الذي لن يطول قبل أن تحل لحظة الانفجار.
وأكد على أن الإطار التنسيقي يحكم بسلطة مطلقة لم يشهدها العراق ويحرك رئيس الحكومة محمد شياع السوداني كدمية في رئاسة الحكومة.
وكتب نايتس الباحث في معهد واشنطن دراسة مطولة بعنوان “العراق ينهار بهدوء” نشرت في مجلة “فورين آفيرز” الأمريكية ومعهد واشنطن للدراسات، شدد فيها على أن العراق يدخل “مرحلة خطيرة بشكل فريد” حيث حقق حلفاء إيران سيطرة لا سابق لها على البرلمان والقضاء والسلطة التنفيذية، وهم يتلاعبون بسرعة بالنظام السياسي لصالحهم وينهبون ثرواته.
وقال “الهدوء الظاهر في العراق قد يتحول إلى الهدوء الذي يسبق العاصفة”، مذكرًا بأنها ليست المرة الأولى التي تظن فيها واشنطن بأنها تسير على طريق الاستقرار في العراق، حيث أنه بعد انتخابات العام 2010 جرت إعادة تكليف نوري المالكي بولاية كارثية ثانية، وحاولت الولايات المتحدة غسل يديها من البلد، لكن القوى الموالية لإيران تلاعبت بتشكيل الحكومة وتفشي الفساد والمحسوبية، وبدا العراق هادئًا حيث انسحبت الولايات المتحدة عسكريا في العام 2011، لكن بعد عامين اضطرت واشنطن إلى العودة لخوض الحرب الدموية بعد أن استولى داعش على ثلث البلاد.
وحذر الباحث الحاصل على الدكتوراه من قسم دراسات الحرب في “كينجز كوليدج لندن” وسبق أن زار العراق واليمن من أن “انهيار العراق قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط بأكمله من خلال انتشار اللاجئين والإرهاب”.
وتحت عنوان “انتصار الميليشيات”، استعاد التقرير مرحلة الانتخابات البرلمانية وما تلاها من أحداث سياسية وأمنية وخروج الصدريين من اللعبة السياسية، وسيطرة قوى الإطار التنسيقي ثم تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، مشيرًا إلى أن “احتكار الإطار التنسيقي على جميع فروع الحكومة العراقية لم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد بعد العام 2003”.
وأوضح أن الإطار التنسيقي “يحكم بمستوى من السلطة المطلقة التي لم يشهدها العراق منذ أيام صدام حسين، وأن السوداني هو بمثابة دمية”، وأن “القوى الحقيقية هم ثلاثة أمراء حرب” يقودون الإطار التنسيقي، وهم قيس الخزعلي ونوري المالكي وهادي العامري.
وأكد على أن الولايات المتحدة مشتتة بسبب صراعها الجيوسياسي مع الصين وقلصت أهدافها إلى مجرد الحد من التوترات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بغض النظر عن الكلفة طويلة الأمد للمصالح الأمريكية في المنطقة.
وشدد على أن الإطار التنسيقي يسيطر على مجلس الوزراء وعلى البرلمان وصولا إلى الانتخابات المقبلة المقررة في تشرين الأول العام 2025.
وأضاف “إن الأكثر أهمية من ذلك، إن قوى الإطار هي التي تقود مواقف القضاء إلى حد لم نشهده منذ سقوط نظام الرئيس صدام حسين”.
وأوضح أن رئيس مجلس القضاء فائق زيدان، هو “حليف وثيق لأمراء الحرب القائمين على قيادة الإطار التنسيقي”، مذكرًا بأن المحكمة العليا تدخلت بشكل حاسم في سياسات البلاد لترسيخ نفوذ الميليشيات من خلال موقفها بتعديل معايير تشكيل الحكومة عندما كان مقتدى الصدر يحاول تشكيلها بقرارها أنه بحاجة إلى أغلبية الثلثين في البرلمان، بدلًا من الأغلبية البسيطة.
وقال إن قوى الإطار التنسيقي تسيطر على جهاز المخابرات ومطار بغداد وأجهزة مكافحة الفساد والمراكز الجمركية.
وأضاف أن القوى المدعومة من إيران تستخدم نفوذها داخل هذه المؤسسات لتصعيد جهودها من أجل إسكات خصومها. كما أن الإطار التنسيقي ينهب موارد الدولة من أجل مصلحته السياسية، مشيرًا في هذا السياق إلى إنشاء “شركة المهندس العامة” وإلى استخدام التوسع الهائل بميزانية العراق من أجل شراء دعم المواطنين لهم.

مايكل نايتس: الأكثر الحاحًا أمام واشنطن، هو العمل على عزل شركة المهندس التابعة للحشد الشعبي عن الاقتصاد العراقي قبل أن تلوث المشهد الاستثماري في البلد

وذكر بأن الولايات المتحدة منعت تشكيل “شركة المهندس” التابعة للحشد الشعبي خلال عهد رئيس الحكومة الأسبق عادل عبد المهدي في العام 2018، كما إن رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي عارض تشكيل الشركة في العام 2022 عندما عرض عليه الإيرانيون الموافقة على إنشاء الشركة مقابل تسهيل حصوله على ولاية حكومية ثانية. لكن السوداني أعلن في تشرين الثاني 2022 عن تشكيل “شركة المهندس العامة للإنشاءات والهندسة والمقاولات الميكانيكية والزراعية والصناعية”، وهذه المرة، لم تفعل الولايات المتحدة شيئًا. في إشارة إلى التخادم الأمريكي الإيراني في العراق.
ولفت إلى أن “صلاحيات الشركة غير محدودة” حيث بإمكانها العمل في أي قطاع، كما يظهر اسمها، ويمكنها الحصول على أرض مجانية ورأس مال حكومي ومؤسسات مملوكة للدولة، ويمكنها القيام بأعمال البناء والهدم من دون موافقة مجلس الوزراء أو البرلمان.
وذكر بحصولها في كانون الأول 2022، على 1.2 مليون فدان من الأراضي الحكومية على طول الحدود العراقية السعودية من دون أي تكلفة، لإقامة مشروع مخصص لزراعة الأشجار، مشيرًا إلى مساحة الأرض تبلغ نصف مساحة لبنان وأكثر من 50 مرة أكبر من أكبر مشروع زراعي مخطط له في تاريخ العراق.
وأشار إلى أن الأرض تقع في موقع استراتيجي في منطقة أطلقت فيها الميليشيات العراقية طائرات مسيرة على السعودية والإمارات في مناسبات متعددة منذ العام 2019.
وحذر من أن النمو المستمر لشركة المهندس سيمثل ضربة قاسية للعراق، وسيحبط آمال الولايات المتحدة حول المستقبل الاقتصادي للبلاد.
وأشار إلى الميزانية الأكبر في تاريخ العراق والبالغ حجم الإنفاق فيها 152 مليار دولار، بزيادة تقارب 50 بالمائة عن آخر ميزانية عراقية في العام 2021، موضحًا أن هذا “المستوى المتهور من الإنفاق يتجاهل تحذيرات الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي دعت العراق إلى تقليص قطاعه العام المتضخم”.
وأكد على أن قوى الإطار التنسيقي تحاول شراء الولاء من خلال الأنفاق غير المستدام، بما في ذلك خلق ما لا يقل عن 701 ألف وظيفة حكومية جديدة، أي بزيادة حجمها 17 بالمائة في الموظفين الحكوميين خلال عام واحد. وأشار إلى السعي لزيادة حجم قوات الحشد الشعبي من 122 ألف شخص، إلى 238 ألف شخص، وهي زيادة تمثل نسبتها 95 بالمائة في عدد الميليشيات التي تمولها الدولة.
وقال “إن إثقال كاهل الدولة بالتزامات الرواتب، فإن الإطار التنسيقي يكون بذلك كمن يضع الأساس لعدم الاستقرار في المستقبل، حيث إن هذه السياسة المالية ستؤدي إلى القضاء على معظم احتياطيات العراق البالغة 115 مليار دولار خلال نصف عقد، وأنه في حال انخفضت أسعار النفط، فان بغداد سوف تشهد انهيارًا بشكل أسرع”.
وعبر نايتس عن اعتقاده أن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى إرسال قوات أو مليارات الدولارات للمساعدة في عكس الاتجاهات الخطيرة الجارية في العراق، حيث أنه لا يزال بإمكان القدرات المالية والاستخباراتية الأمريكية أن تلعب دورًا مؤثرًا على تصرفات المسؤولين العراقيين حيث أن للعديد منهم طموحات ومصالح سياسية في التجارة وفي المصارف الدولية.
ونقل عن مصادر دبلوماسية أمريكية، قولها إن فائق زيدان شعر بقلق كبير عندما أرسل ثلاثة من أعضاء الكونغرس خطابًا إلى الرئيس بايدن في شباط، أشاروا فيه إلى أن زيدان قد يستهدف بعقوبات.
وطالب واشنطن باستخدام مثل هذا النفوذ لتعبر عن أنها قلقة بشأن أوضاع القضاء في العراق وقيادته.
وحذر من أن هناك “خطر حقيقي بأن يصبح العراق نوعًا من الديكتاتورية القضائية”، موضحًا أن الحكومات تأتي وترحل، إلا أن القضاء يكون بمثابة هراوة دائمة تستخدمها الميليشيات المدعومة من إيران.
ودعا الباحث المتخصص بشؤون العراق وإيران، الولايات المتحدة إلى الوفاء بوعودها بدعم القيم الأمريكية للديمقراطية وحقوق الإنسان ودعم الصحافة الاستقصائية واستخدام قدراتها الاستخباراتية المالية للعثور على الأموال المخبأة في الخارج من قبل المسؤولين الفاسدين وإعادة هذه الأموال إلى العراق، كما هو الحالي فيما يتعلق بأموال “سرقة القرن”.
وشدد على أن الأكثر الحاحًا أمام واشنطن، هو العمل على عزل شركة المهندس العامة التابعة للحشد الشعبي عن الاقتصاد العراقي قبل أن تلوث المشهد الاستثماري في البلد”.
ولفت إلى أنه يحسب للحكومة الأمريكية أن شركة المهندس تخضع بالفعل لتدقيق من جانب مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية ومكتب منسق مكافحة الفساد العالمي، إلا أنه “يجب ترجمة ذلك إلى تصنيفها إلى عقوبات”.
وقال نايتس في ختام تقريره المطول الفاهم بشكل عميق حقيقة الأوضاع السياسية في العراق “إن بإمكان الولايات المتحدة أن تكون على الجانب الصحيح من التاريخ في العراق في حال واصلت الدفع بقوة ضد أسوأ تجاوزات الميليشيات التي تقف خلف الحكومة الحالية”.


فائق زيدان حليف وثيق لأمراء الحرب القائمين على قيادة الإطار التنسيقي
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى