أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة الإطار التنسيقي تفتح كيسًا واسعًا لأموال الفساد بذريعة الضرائب

مواد الضرائب التي وردت في مشروع قانون الموازنة بمثابة سرقات علنية تحت مظلة القانون لتعويض الإنفاق الحكومي المتضخم.

بغداد – الرافدين
فتحت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني مع القوى والأحزاب المسيطرة على العملية السياسية “كيسًا واسعًا” لجمع أموال الفساد بذريعة فرض الضرائب.
ويشكك اقتصاديون عراقيون بذهاب الأموال التي سيتم الاستحصال عليها وفق فقرة جديدة متعلقة بالضرائب في الموازنة التي يتواصل الخلاف على إقرارها في البرلمان الحالي، إلى خزينة الدولة، وترجيح ذهابها إلى جيوب الفساد.
ولاقت فقرة فرض ضرائب جديدة في الموازنة العامة 2023 المعروضة على البرلمان للتصويت عليها، ردود فعل غاضبة وساخرة من حكومة الإطار التنسيقي التي وعدت بتحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين.
ويخضع قرار تمرير الموازنة للمساومات والتقاسم الحزبي، وهو ما يعني تغليب مصلحة الأحزاب على المصلحة الوطنية والشعبية.
وقال اقتصاديون إن تغليب المصالح الحزبية، أدى لتعطيل إقرار الموازنة لأكثر من مرة، وهو ما انعكس سلبًا على حياة المواطن العراقي، بسبب الخلاف بين نواب كردستان العراق والإطار التنسيقي بشأن عائدات نفط أربيل.
وتمثل الموازنة الجديدة في العراق خطرًا على الاقتصاد، نتيجة المبالغة الكبيرة في الإنفاق التشغيلي، فضلًا عن إقرار الموازنة على افتراض سعر برميل النفط 70 دولار وهو مخالف لكل التوقعات التي تتوقع تراجع أسعار النفط، يضاف ذلك لوجود عجز كبير في الموازنة وتكريس الاقتصاد الريعي، وعدم تنويع مصادر الاقتصاد.
وجاءت الموازنة صادمة للمواطنين المثقل كاهلهم بارتفاع سعر صرف الدولار وما نتج عنه من ارتفاع في مختلف السلع والمواد الغذائية.
وأكدت مصادر نيابية أن الموازنة المالية، فيها فقرات تتضمن فرض ضرائب على تذاكر السفر والوقود وعلى بطاقات الشحن المسبق للهاتف.
واحتوت النسخة الحكومية من قانون الموازنة العامة في المادة 42، رسوم بنسبة 5 بالمائة على البنزين، و10 بالمائة على الغاز، و1 بالمائة على النفط الأسود دون ذكر من يتحمل الضريبة.
وفرضت رسوم على خدمة تعبئة الهاتف النقال بنسبة  10 بالمائة، فيما تم فرض ضريبة سفر 25 ألف دينار على كل مسافر من مطارات العراق، كما أظهرت الوثائق.
وأثارت فقرات الضرائب جدلا واسعا بين العراقيين في ظل فشل حكومة السوداني في تحسين الوضع الاقتصادي للمواطن ومعالجة تردي الخدمات.
ويصف عراقيون حكومة الإطار بحكومة الوعود والاستعراضات الإعلامية.
وطالب نواب بعدم التصويت على الفقرات التي تخص الضرائب، وعدوها بالتعويض الفاشل للإنفاق الحكومي الكبير.
ودعا النائب هادي السلامي، الأعضاء في مجلس النواب إلى عدم التصويت على المادة 42 أولا، التي وردت في مشروع قانون الموازنة لأنها بمثابة تعويض فاشل للإنفاق الحكومي الواسع تحت مظلة القانون من خلال فرض رسوم وضرائب على الوقود الذي بدوره سيؤثر على جميع الأسعار مما يثقل كاهل المواطن، لا سيما الفقراء منهم.
وأضاف أن مواد الضرائب التي وردت في مشروع قانون الموازنة بمثابة سرقات علنية تحت مظلة القانون وباسم القانون.
وانتقدت لجنة النقل والإتصالات البرلمانية، إعادة الضرائب على بطاقات شحن الهاتف النقال، لتأثيرها الكبير على الحالة الاقتصادية للمواطن العراقي.
وقال عضو اللجنة، كاروان علي، إن هناك أطرافًا تسعى إلى إضافة ضرائب على بطاقات شحن رصيد الهواتف النقالة.
ويرى مراقبون أن حكومة السوداني تطلق الوعود بتحسين معيشة المواطنين وحل الأزمات الاقتصادية لامتصاص غضب الشارع العراقي الساخط على الوضع المتردي، فيما تفرض ضرائب تزيد من أعباء الحياة على العراقيين.
وقال الخبير القانوني سالم حواس، إن “ضرائب البانزين والهاتف النقال والسفر والضرائب الاخرى مهما كانت، مع أكبر ميزانية إنفجارية في تاريخ العراق، مخالفة لشعارات الحكومة وتخالف قواعد العدالة”.
ولم تبرر حكومة الإطار التنسيقي فقرة فرض الضرائب لاسيما أنها قدمت نفسها للعراقيين بدعاية إعلامية مبالغة بها  “كحكومة خدمات”.
ويرى اقتصاديون أن المواطن سيدفع ثمن فشل الحكومة الحالية من خلال الضرائب التي فرضتها لسد العجز في الموازنة، فيما يستمر الفساد وهدر المال العام من غير مساءلة.
وقال الباحث في الشأن الاقتصادي، علي عواد، إن الحكومة الحالية واللجنة المعنية بالموازنة في مجلس النواب اتخذتا من المواطن العراقي وسيلة لسد العجز الكبير الحاصل في الموازنة.
وأضاف، أن الضرائب المفروضة على الوقود والسفر وتذاكر الطيران، بالإضافة إلى بطاقات تعبئة الهاتف النقال تمثل انتهاكًا كبيرًا يستهدف قوت الشعب العراقي، وأن اتجاهات أصحاب القرار لا تذهب إلى جيوب المواطنين في معالجة مشاكلها.
وبيّن أن هناك حلولًا جدية وواقعية لا بد من العمل عليها لتعظيم إيرادات الدولة، بدلًا من الحلول الترقيعية التي تتجه إليها الحكومة.
وكانت محاولات تمرير الموازنة قد تأخرت بسبب الصراع على تقاسم الحصص بين الأحزاب السياسية لا سيما وأن الموازنة هي الأكبر في تاريخ العراق.

قحطان الخفاجي: الموازنة تقرها جهات فاسدة، وتنفذها أيضا جهات فاسدة

ووصف خبراء اقتصاديون ما جرى بالتوافق بين الكتل السياسية على تقاسم المال العام من غير اكتراث لما يعيشه المواطن.
وقال الخبير الاقتصادي قحطان الخفاجي، إن “إقرار موازنة بهذا الحجم بظرف غير طبيعي وعدم إطلاع كثير من النواب عليها يؤكد أن هناك توافقات بين الكتل السياسية الكبيرة لا عملية مدروسة”.
وأضاف في تصريح لقناة “الرافدين”، أن الموازنة تقرها جهات فاسدة، وتنفذها جهات فاسدة أيضا، واعتماد سعر برميل النفط بسبعين دولارا سيدخل العراق في مأزق كبير.
وقدمت الحكومة الحالية، أضخم موازنة مالية في تاريخ البلاد، والتي زادت عن 197 تريليونا و828 مليار دينار عراقي وبعجز إجمالي بلغ 63 تريليون دينار عراقي، تشكل عائدات النفط أكثر من  95 بالمائة منها. ويتفاقم الجدل عليها قبل إقرارها في مجلس النواب.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى