أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

لا خيارات ولا خطط حكومية لمواجهة التصحر والجفاف في العراق

منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة: مؤشر الجوع في العراق الأعلى في المنطقة مقارنة بدول الجوار.

بغداد- الرافدين
أجمعت منظمات دولية ومراكز أبحاث ودراسات على أن العراق أمام معضلة وجودية متمثلة في التصحر والجفاف، وأن افتقار السلطات الحكومية إلى استراتيجية فعالة لمواجهة الجفاف يجعل من التوقعات متشائمة بشأن مستقبل بلاد ما بين النهرين في العقود القادمة.
وأكدوا على أن العراق ضحية سياسات حكومية فاشلة على مدار العقدين الماضيين فضلًا عن عدم امتلاكه قدرة دبلوماسية مؤثرة للضغط على دول منابع نهري دجلة والفرات تركيا وإيران.
وذكرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو” أن العراق من أكثر دول العالم تأثرًا بتغير المناخ ما يعني أن الزراعة في البلاد قد تكون عرضة لأجواء متطرفة صيفًا وشتاءًا، ما يستدعي الحاجة إلى مواجهة تبعات الأزمة.
وأشار تقرير للمنظمة الدولية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الجفاف والتصحر، إلى أن مؤشر الجوع في العراق خلال السنوات الثلاث الأخيرة بلغ نحو 16 بالمائة وهو الأعلى في المنطقة والأعلى مقارنة بدول الجوار.
وأظهر “المؤشر العالمي للجوع” وقوع العراق بالمرتبة 85 على مستوى العالم، وذلك وفقا لبيانات تم تجميعها من قبل المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، فيما أكد خبراء أن العراق لا يملك أمنه الغذائي.
وترسم المنظمات الدولية صورة متشائمة عن التصحر والجفاف في العراق، بينما العالم يحيي اليوم العالمي لمكافحة الجفاف والتصحر في السابع عشر من شهر حزيران من كل عام.
ويهدف الاحتفال بهذا اليوم التذكير بالمشكلات البيئية وكيفية مواجهة التغير المناخي وحث الحكومات على اتخاذ إجراءات للحد من تقلص المساحات الخضراء وزيادة نسب التصحر.
وبحسب إحصاءات رسمية فقد تقلصت المساحات المزروعة في العراق عام 2022 إلى 50 بالمائة، ما فاقم مشكلة التصحر وخلف مشكلات كثيرة للمواطنين واضطر كثير منهم للهجرة نحو المدن.
وحذرت وزارة الزراعة من أن 90 بالمائة من الأراضي الزراعية في العراق قد تعرضت للتصحر أو أنها معرضة لخطر التصحر في المستقبل القريب، بسبب تغير المناخ والخلافات المائية مع دول الجوار. الأمر الذي يشكل خطرًا على البيئة والأمن الغذائي.
واكتفى وزير البيئة في حكومة الإطار التنسيقي نزار ئاميدي بالحديث عن خطر الجفاف من غير أن يبين خطط الحكومة في مواجهته أو الأسباب التي فاقمت الأزمة.
وقال ئاميدي في بيان لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الجفاف والتصحر، إن “ما يعانيه العراق من تداعيات الجفاف والتصحر والذي تعاظمت تأثيراته بسبب تراجع الإيرادات المائية لنهري دجلة والفرات من قبل دول الجوار وتأثيرات التغيرات المناخية يتطلب وقفة جادة لمواجهة تداعياته الآنية والمستقبلية”.
واتهم خبراء بيئيون حكومة محمد شياع السوداني بتجاهل ملف المياه والاكتفاء بالتصريحات ووضع خطط ورقية لم تنفذ على أرض الواقع.
وقال الخبير البيئي تحسين الموسوي، إن “تفاقم أزمة الجفاف يعود إلى تجاهل الحكومة للتحذيرات الدولية، والاكتفاء بإعداد الدراسات وتحديد المشكلة، دون أن تكون هناك إجراءات على أرض الواقع لمعالجة الأزمة”.
وأضاف أن “الموقف المائي للعراق بات اليوم حرجًا، بعدما استنفد خزينه، وأضحت الخزانات شبه خالية، بينما دخل الموسم الرابع على التوالي بمرحلة الجفاف”.
وقال الخبير البيئي عادل المختار إن “اليوم العالمي لمكافحة التصحر هو مناسبة للتوقف حول أزمة التصحر التي يمر بها العراق، خصوصًا مع برودة المبادرات التي تطلق سنويا كمبادرة الخمسة ملايين شجرة التي أطلقتها الحكومة وغيرها، والتي لا تعدو عن كونها مبادرات إعلامية فقط، ليس لها أي تنفيذ على أرض الواقع”.

عادل المختار: حكومة السوداني أهملت ملف المياه، ولم تستغل حتى الإطلاقات التي تمنح للعراق

وأضاف “المعنيون بهذا الملف يجب أن يلتفتوا إلى كيفية إدارة ملف المياه، فالعراق حتى في ظل هذا الوقت الحرج ما زال يتعامل مع الري كأنه في زمن الوفرة، غير مبال بالتغييرات المناخية والجفاف، وفي أكثر من مرة ذكرت أن الوضع سيكون كارثيًا فيما لو كان الشتاء المقبل جافًا”.
وأكد على أن الحكومة أهملت ملف المياه، ولم تستغل حتى الإطلاقات التي تمنح للعراق.
ورغم زعم حكومة الإطار برصد مبالغ في الموازنة العامة 2023 والتي تعتبر الأكبر في تاريخ البلاد من أجل حل أزمة الجفاف، يتوقع مراقبون ان تدخل الاموال في جيوب الفساد.
وأعلن مرصد “العراق الأخضر” المعني بدراسة وتشخيص المشاكل والأزمات في الوضع البيئي، عن عدم وجود أي تخصيصات مالية للبيئة ضمن مشروع قانون الموازنة المالية لعام 2023.
وبيّن المرصد أن الموازنة تخلو من كلمات التصحر والجفاف والتلوث البيئي وحتى تغير المناخ، لافتًا إلى أن الأموال المخصصة للبيئة هي ضمن الموازنة التشغيلية أي رواتب ونفقات لوزارة البيئة وموظفيها.
وأضاف أن “حكومة محمد شياع السوداني تخالف برنامجها في القضايا البيئية التي لها تأثير مباشر على صحة الناس”.
وكان وزير الموارد المائية عون ذياب قد كشف عن النسب المتدنية للخزين المائي في العراق والتي وصلت إلى 30 بالمائة في فشل واضح على سوء الإدارة لملف المياه.
وعبر عن أمله في أن تطلق تركيا كمية أكبر من المياه لسد الحد الأدنى من حاجة البلاد، واعترف بخروقات إيران في تحويلها لمسارات روافد نهر دجلة، ما أدى إلى هجرة الفلاحين قسريًا من أراضيهم بحثًا عن حياة كريمة يؤمنون فيها قوت يومهم وعائلاتهم.
واعتبر ناشطون أن تصريحات الوزير تفضح الفشل الحكومي المستمر وغياب السيادة الوطنية.
وقالت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة إن أكثر من 62 ألف شخص نزحوا داخل العراق حتى أيلول الماضي بسبب ظروف الجفاف المستمرة منذ أربع سنوات، وهو عدد من المرجح أن يرتفع مع تدهور الأوضاع.

تفاقم أزمة الجفاف نتيجة الإهمال الحكومي
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى