أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

بريطانيا تعيّن مدير مكافحة الإرهاب سفيرًا جديدًا في العراق

تعيين السفير الجديد بعد أيام من تحذير وزارة الخارجية البريطانية من أن العراق معرض لاحتجاجات شعبية ضد الحكومة في العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى، ويتوقع أن تشهد أعمال عنف.

بغداد- الرافدين
عزت مصادر إعلامية بريطانية تعيين ستيفن تشارلز هيتشن مدير إدارة مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية، سفيراً جديدا في العراق، إلى الوضع القلق والترقب بشأن مصير الوضع السياسي في العراق.
وأكدت على أن اختيار هيتشن الذي كان مسؤولا على ملف الإرهاب في العراق وإيران والكويت في وزارة الخارجية البريطانية، له دلالة أمنية وسياسية متعلقة بالتهديد الأمني والسياسي، من أن الأوضاع تسير في العراق باتجاه مختلف عما تروج له حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني.
وأشارت إلى أن السفير الحالي مارك برايسون ريتشاردسون، لم يمض على تعينه أكثر من سنتين، واختيار من يخلفه متخصص بملف الإرهاب، يؤول إلى المخاطر المتوقعة القادمة من بلاد النهرين غير المستقرة.
وأضافت أن التعويل على ريتشاردسون الذي قدم نفسه كمسلم وصديق لأحزاب إيران في العراق ولديه ولد أسمه “علي” لم يفض إلى نتائج مرضية، الأمر الذي تم تغييره بعد أقل من عامين.
ويأتي تعيين السفير الجديد بعد أسبوعين من تحذير وزارة الخارجية البريطانية بعدم السفر إلى جميع محافظات العراق، لضمان سلامة البريطانيين في بلد يعاني من الأوضاع الأمنية والسياسية القلقة.
وحذرت الوزارة في بيان نشر على موقع الحكومة الرسمي، من أن العراق لا يزال عرضة للتوترات السياسية والاحتجاجات الشعبية والتصعيد الإقليمي.
وأشارت إلى تعرض مدن شمال العراق في إقليم كردستان إلى هجمات متقطعة بالمدفعية والطائرات دون طيار والصواريخ من دول جوار العراق. الأمر الذي يعرض حياة البريطانيين للخطر.
وطالبت أي بريطاني يتطلب عمله السفر إلى إقليم كردستان العراق أن يظل يقظًا، وأن تكون لديه ترتيبات أمنية وخطط طوارئ تبقى على قيد المراجعة، مع مواكبة آخر التطورات، بما في ذلك عبر وسائل الإعلام.
وأكدت على أن العراق معرض لاحتجاجات شعبية ضد الحكومة سواء في العاصمة بغداد أو المحافظات الأخرى، ويتوقع أن تشهد تلك الاحتجاجات أعمال عنف.
وذكرت “مع انخفاض الهجمات ضد المصالح الغربية والسفارات منذ حزيران 2022. إلا أنه لا يزال هناك تهديد لتلك المصالح. بما في ذلك مواطني المملكة المتحدة”.
وأكدت على أن الدعم القنصلي في العراق محدود للغاية. وإنه لا يجب أن يفترض أنه في حالة حدوث مزيد من التدهور في الوضع الأمني العراقي، ستكون المساعدة لمغادرة العراق متاحة.
وحذرت من تهديد كبير للرعايا البريطانيين بالاختطاف في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك من الجماعات الإرهابية والمتشددة، والتي يمكن أن تكون مدفوعة بالأجرام أو الإرهاب.
ولا تتوفر معلومات كثيرة عن السفير الجديد ستيفن تشارلز هيتشن باستثناء سنوات عمله في وزارة الخارجية والدفاع البريطانيتين.
وعبر هيتشن في فيديو قصير باللغتين العربية والإنجليزية عن سعادته بتعيينه كسفير جديد للمملكة المتحدة لدى العراق.
وقال “أتطلع حقاً إلى التعرف على هذا البلد الرائع وبناء شراكة بين المملكة المتحدة والعراق”.
وشغل السفير الجديد منصب مدير الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في وزارة الخارجية، ثم عمل كمستشار للشؤون الإقليمية في العاصمة الأردنية عمان.
وعين بعدها رئيس إدارة إعداد التقارير عن الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، وأدار الفريق السياسي البريطاني في ملف العلاقات مع إيران والكويت والعراق، قبل أن ينتقل إلى القاهرة كسكرتير أول للشؤون السياسية في السفارة البريطانية.
وكان هيتشن قد دخل دورة في وزارة الدفاع البريطانية لمدة عامين في تعلم اللغة العربية وصار يتقنها بالحديث بطريقة جيدة.
وسبق أن كشف تقرير استقصائي عن دور استخباراتي بريطاني فعال لتهيئة جيل من السياسيين العراقيين الشباب وتدريبهم على التأثير السريع بغية العمل لهم كوكلاء سياسيين في الحكومة العراقية.
وذكر التقرير الذي كتبه الصحفي الاستقصائي البريطاني كيت كلارينبيرغ المتخصص في دور أجهزة المخابرات بالتأثير السياسي، أن المخابرات البريطانية تعمل منذ عام 2016 في مشروع “القيادة السياسية الشبابية” في العراق وبإشراف وزارة الخارجية البريطانية.
وأكد كلارينبيرغ في التقرير الذي نشر في مجلة “ذي كرادل” المعنية بالشؤون السياسية لدول غرب آسيا، على أن الخطة الاستخباراتية البريطانية غير مستغربة وفقا للمقولة التاريخية السائدة في العراق منذ عشرينات القرن الماضي التي تتحدث عن وجود جملة “صنع في بريطانيا” في إشارة ساخرة إلى تاريخ بريطانيا “في اختيار العملاء سراً لتعزيز مصالحها الخبيثة في جميع أنحاء المنطقة”.
وأشار إلى أن الملفات المخابراتية المسربة من أروقة جهاز الاستخبارات البريطاني “أم آي 6” كشفت عن الحاجة الماسة لجيل سياسي شاب بعد فقدان الثقة بدور “المراجع والملالي” في التأثير السياسي، أو على الأقل تحدي هذا الدور من قبل السياسيين المنتخبين ظاهريا عن طريق التصويت الانتخابي.

كيت كلارينبيرغ: الوثائق الاستخباراتية المسربة تمنحنا نظرة واضحة حول كيفية متابعة بريطانيا لطموحاتها الإمبريالية في العصر الحديث

وطور “أم آي 6” استراتيجية حديثة تتصف بالدهاء والفعالية بالاعتماد على سياسيين من خارج الطبقة الدينية والطائفية تكون موضع ثقة بالنسبة للسلطات البريطانية.
وكشفت الوثائق أن الخطة المسماة “القيادة السياسية الشبابية” كان يفترض أن تستمر سنة واحدة منذ عام 2016، الا أن الحاجة بدت ماسة لاستمرارها أكثر، حيث سعت بريطانيا إلى “التعرف على الشباب العراقي (…) الذين سينضمون إلى العملية السياسية التي تم إنشاؤها من قبل قوات الاحتلال الأمريكي عام 2003 وبدعم بريطاني، وتدريبهم على قيم التمثيل الحكومي والمهارات السياسية”.
وتهدف الخطة الاستخبارية البريطانية إلى أن يتم تزويد البرلمان والحكومة في العراق على حد سواء بطبقة “مهنية” وشابة من الشخصيات السياسية التي يمكن الاعتماد عليها لخدمة مصالح لندن كعملاء.
ومن شأن “تدفق هؤلاء الشباب العراقيين” وفق الاستراتيجية الاستخباراتية أن “يفيد” بريطانيا، لا سيما من خلال تسهيل استراتيجية مجلس الأمن القومي الذي يعد ملف العملية السياسية في العراق من أولوياته.
وتمت الاستعانة بمحاضرين وسياسيين بريطانيين وغير بريطانيين وتكليفهم بوضع خطة شاملة لضمان قدرة سياسي المستقبل من العراقيين في التأثير على النحو الأمثل على الناخبين.
وتم اختيار العراقيين من الجنسين الذين تتراوح أعمارهم بين 27 عاما أو أقل ليكونوا “رجال بريطانيا في الحكومة العراقية” في تعبير أقل وطأة من استخدام مفردة “عملاء”.
وكان من المقرر أن يخضع المتدربون لعملية “مراقبة وتقييم” مكثفة أثناء الدورة التدريبية وبعدها يتم اختيار المتميزين منهم للسفر إلى لندن والدخول في دورة تدريبية تعدهم لمستقبل سياسي في العراق يدار من الاستخبارات البريطانية بالتعاون مع السفارة البريطانية في بغداد.
وعزا كلارينبيرغ الاستراتيجية البريطانية لإعداد جيل سياسي عراقي بولاء بريطاني، إلى فشل العملية السياسية التي تشكلت بعد الاحتلال غير المشروع للعراق، وفقدان الثقة المطلقة من قبل العراقيين بالطبقة السياسية والأحزاب الحاكمة.
وقال إن الاحتجاجات المتصاعدة ضد الطبقة الحاكمة في مدن العراق تشير بوضوح إلى أن هناك حاجة ملحة لمعالجة فشل المؤسسة السياسية العراقية في تشكيل حكومة فعالة.
ونقل كلارينبيرغ عن مصادر بحثية وأمنية تحذيرها بأن ما لم يتم اتخاذ خطوات لتوفير السبل للجيل القادم من العراقيين لدخول مجلس النواب، فإن الأحزاب والسياسيين الفاسدين والفاشلين سيستمرون في السيطرة على المشهد، مما يؤدي إلى زيادة الإحباط والاضطرابات الاجتماعية.
وفي إشارة سياسية منحرفة كشفت الوثائق المسربة من الاستخبارات البريطانية عن دورها في صنع القرارات داخل الحكومات المتتالية بعد الاحتلال، وكيف عملت عن كثب مع رؤساء الحكومات ونوابهم في تقرير مصير البلاد.
وأشارت إلى ان يد وزارة الخارجية البريطانية تواصل توجيه الحكومة في بغداد وتقرير سياساتها واختيار وجوهها العامة، بطريقة مخفية عن الأنظار.
وقال كلارينبيرغ إن الوثائق الاستخباراتية المسربة تمنحنا نظرة واضحة حول كيفية متابعة بريطانيا لطموحاتها الإمبريالية في العصر الحديث.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى