أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

أجهزة أمنية تبتز محال الصيرفة بذريعة الحد من تهريب العملة

أصحاب مكاتب الصيرفة يؤكدون لجوء حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني إلى ملاحقتهم وتحميلهم مسؤولية تهريب العملة في وقت تغض فيه الطرف عن المهربين الحقيقيين من أحزاب وميليشيات لصالح إيران.

البصرة – الرافدين

تواصل مكاتب الصيرفة في عدد من المحافظات جنوب العراق إضرابها عن العمل لليوم الثالث على التوالي، للمطالبة بحمايتهم من الابتزاز وإيقاف حملات المداهمة والتفتيش التي يتعرضون إليها من قبل جهات متنفذة فضلا عن اعتقالهم دون أوامر قضائية بهدف الضغط عليهم لدفع الإتاوات.
وشهدت محافظتا البصرة وذي قار إضرابا لهذه المكاتب عن العمل للمطالبة بتغيير الآلية التعسفية التي تفتح أبواب الابتزاز من قبل من وصفوهم بحيتان الفساد في إشارة إلى جهاز الأمن الوطني والأمن الاقتصادي وفرق هيئة النزاهة وجهات رسمية أخرى تتخذ من مظلة الدولة غطاءً لممارسة نشاطاتها.
وتزامن إضراب هذه الشركات مع إعلان هيئة النزاهة عن اعتقال 46 متهمًا من أصحاب شركات الصرافة الأهلية بتهمة التلاعب والتزوير والالتفاف على نظام المنصة المخصص لبيع العملة الأجنبية.
وأشارت دائرة التحقيقات في الهيئة، إلى أن فرقها تمكنت من شن صولة تفتيشية، بعد عمليات التحري والتقصي والتدقيق أطاحت بـ(46) من أصحاب الصيرفات لإقدامهم على استخدام جوازات سفر خاصّة بمواطنين وتحميلها إلى نظام المنصة المعتمد من قبل البنك المركزيّ، وسحب مبلغ (2000) دولار أمريكي عن كل جواز دون علم أو موافقة صاحب الجواز وبتذكرة سفر مزورة.
وبينت الدائرة أن المضبوطين توزعوا بين محافظاتٍ عدة، حيث تمَّ ضبط (20) منهم في العاصمة بغداد، و(8) في البصرة، فيما تم ضبط (7) متهمين في واسط، في حين بلغ عدد أصحاب شركات الصرافة الأهلية الذين تم ضبطهم في كل من ميسان والأنبار والمثنى والنجف والقادسية متهمين اثنين في كل منها، ومتهمًا واحدًا في محافظة بابل.

عدد من محال الصرافة تغلق أبوابها في البصرة والناصرية بعد التضييق عليها حكوميًا

وينفي أصحاب محال الصيرفات الرواية الحكومية والتهم الموجهة إليهم في ظل عمليات التهريب الضخمة التي تمارسها الأحزاب وميليشياتها وواجهات تابعة للحرس الثوري الإيراني لصالح طهران تحت يافطة تمويل التجارة الخارجية معها.
وقال صاحب محل للصرافة في حي الجزائر في البصرة، إن ما يتم ممارسته من هذه العمليات غير المدروسة يهدف إلى الاحتيال على الرأي العام وجعل شركات الصرافة شماعة لعمليات التهريب التي تنفذها أذرع الأحزاب والفصائل لصالح إيران باعتبار أن الحدود والمنافذ بيد تلك الفصائل.
وأضاف صاحب محل الصرافة الذي فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية في تصريح لقناة “الرافدين” أن الاقتصاد العراقي يعاني من التذبذب وعدم الاستقرار نتيجة عدم الواقعية في إدارة الأزمة وابتزاز الصرافين من قبل أجهزة غير مخولة بمتابعة عمل الصرافات ما سيضعف حركة التداول داخل البلاد ويساهم بارتفاع أسعار الصرف وخلق أزمة خانقة نتيجة عدم تعامل البنك المركزي بشفافية بين الفيدرالي الأمريكي وشركات الصرافة في ظل إدارة بنك متحزبة في إشارة إلى علي العلاق المقرب من حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي.
وأشار إلى أن الحملات التفتيشية تبحث عن المخالفات التي يتم ارتكابها، ولكن عند الذهاب إلى القاضي بعد الاعتقال يقوم بالإفراج لعدم وجود أي تهمة كون أن ما تطلبه تلك القوات غير مدرج ضمن التعليمات والضوابط كبصمات الأصابع للمسافرين الراغبين بالحصول على المبلغ المالي المحدد من قبل البنك المركزي أو يقوم بالاتصال على الزبون ويجد هاتفه مغلقاً وهو أمر طبيعي كونه خارج العراق.
وأكد على أن عدد شركات الصيرفة في البصرة يصل إلى 180 شركة وجميعها طبقت إجراءات المنصة الإلكترونية التي فرضت قبل عدة أشهر لأن عدم تطبيقها يعرضها للخسارة المالية والحرمان من العمل.
ومن الناحية القانونية، يشير الخبير القانوني علي التميمي إلى أن عقوبة المضاربة -التي تتخذها الأجهزة الأمنية ذريعة لملاحقة أصحاب محال الصيرفة- نصت عليها المادة 44 في قانون غسل الأموال رقم 39 لعام 2015، حيث عاقبت المادة المضاربين بالحبس مدة سنة واحدة وغرامة مليون دينار (نحو 760 دولارا)،
وأضاف التميمي أما عقوبة المتهمين بتهريب الأموال لدول أخرى وغسلها فتصل إلى السجن 15 عاما وفق المواد 36 و37 و38 من القانون ذاته.
وقال أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي إن “رجال الأعمال والتجار في العراق يعانون ضعف الأنظمة المصرفية مما يدفعهم إلى اللجوء إلى هذه الصيرفات في تعاملاتهم التجارية والحوالات الخارجية، في المقابل أيضاً لا يثق كثير من العراقيين بالنظام المصرفي العراقي لذلك يدخرون أموالهم في المنازل وعند الحاجة يذهبون إلى الصيرفة”.
وطالب بضرورة تفعيل دور جمعية للصرافين في العراق لتنظم عمل شركات الصيرفة ومكاتبها، بسبب اتباع أصحاب مكاتب الصيرفة غير المرخصة أساليب غير قانونية في تداول العملات، ما جعل البنك المركزي العراقي عاجزاً أمام إمكانية السيطرة على مراقبتها بشكل كامل.
وأضاف “على الرغم من عدم إمكانية الاستغناء عن شركات الصرافة، لأنها تكمل عمل البنوك التي لن تستطيع وحدها أن تلبي الطلب على بيع وشراء العملات، ينبغي تفعيل دور جمعية الصرافين التي بدورها تنظم عملهم”.
ومع ملاحقة أصحاب محال الصيرفة وإضراب العديد منهم عن العمل عاد سعر صرف الدولار في الأسواق الموازية السوداء بالعراق للارتفاع مرة أخرى، حيث سجلت الأسواق 1460 دينارا للدولار الواحد على الرغم من أن البنك المركزي العراقي يبيعه بـ 1320 دينارا.

الأرقام الحديثة لحجم الدولار المعروض للبيع في مزاد العملة يضع حكومة السوادني بموقف محرج

وشهدت الأسواق التجارية الموازية تراجعًا بسعر الصرف في الأسابيع الماضية، لكنها عادت للارتفاع مرة أخرى، وهو ما يشير إلى مشكلة اقتصادية لا تزال حاضرة في البلاد.
وكان العراق قد شهد خلال السنوات الثلاث الأخيرة تذبذبا كبيرا في سعر صرف الدولار بعد أن رفعت حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي سعر الصرف من 1180 دينارا للدولار إلى 1450 في كانون الأول 2020، فيما شهدت الأسواق الموازية ارتفاع سعر الصرف بصورة قياسية بعد بدء البنك المركزي باستخدام المنصة الإلكترونية والامتثال لمعايير التحويلات المالية الدولية “سويفت” (SWIFT) في تشرين الثاني الماضي.
وأدى هذا التذبذب إلى وصول سعر الصرف الموازي إلى 1700 دينار للدولار في كانون الأول وكانون الثاني وشباط، مما دفع الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني إلى تعديل سعر الصرف الرسمي مجددا إلى 1320 دينارا للدولار، مما أسهم في تراجع سعر الدولار بالأسواق الموازية دون أن يصل إلى السعر الرسمي المعلن.
وتوقعت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم أن تشهد الأسواق الموازية ارتفاعا أكبر في سعر صرف الدولار مجددا وعودته إلى عتبة 1700 دينار للدولار قريبًا، مبررة ذلك بأن البنك المركزي بدأ مؤخرا بتطبيق المرحلة الثانية من اعتماد المنصة الإلكترونية في مزاد بيع العملة وإخضاع جميع التحويلات المالية للأفراد عبر “ويسترن يونيون” (Western Union) والبطاقات الائتمانية للمنصة الإلكترونية.
وأشارت سميسم إلى أن أي إجراء بوليسي في هذا الموضوع سيؤدي إلى تحول التعامل بالدولار للخفاء وإلى الغرف المغلقة، وأن هذه الإجراءات خاطئة، وأن البديل عن ذلك هو تحويل جميع التعاملات الحكومية للدينار العراقي.
وسبق للسوداني أن قال “لقد كنا ننتقد نافذة بيع الدولار من قبل البنك المركزي العراقي بسبب ما فيها من هدر وأموال تخرج بغطاء تجارة غير مشروعة وتهريب وغسل أموال”.
وأضاف “كنّا نبيع 300 مليون دولار في اليوم الواحد، وكل الاقتصاديين والمختصين يقفون عاجزين عن تفسير ما الذي يستورده العراق، حتى يبيع يومياً بهذا الرقم”.
ووضع السوداني نفسه في موقف محرج بعد تلك التصريحات عند مقارنتها مع حجم مبيعات البنك المركزي العراقي الإجمالية من العملة الصعبة للدولار الأمريكي حاليا بعد أن وصلت خلال الأسبوع الماضي وحده، أكثر من مليار دولار بمعدل بمعدل يومي 210 ملايين و840 ألفا و300 دولار.
وباع البنك المركزي خلال الأسبوع الماضي للأيام الخمسة التي فتح بها المزاد مقدار، مليار و50 مليونا و728 ألفا و266 دولارا، بمعدل يومي بلغ 210 ملايين و145 ألفا و653 دولارا، منخفضا بنسبة 0.33 بالمائة عما سجله الأسبوع الذي سبقه.
وكانت أعلى مبيعات الدولار في الخامس عشر من حزيران، حيث بلغت المبيعات فيه 227 مليونا و220 دولارا، فيما كانت أقل المبيعات في الثاني عشر من حزيران، وقد بلغت فيه المبيعات 201 مليون و771 ألفا و781 دولارا.
وبلغت مبيعات الحوالات الخارجية خلال الأسبوع الماضي 890 مليونا و228 ألفا و266 دولارا بنسبة ارتفاع بلغت 82 بالمائة، مقارنة بالمبيعات النقدية التي بلغت 160 مليونا و500 ألف دولار.
وذهبت المبيعات على شكل نقدي وحوالات للخارج لتمويل التجارة الخارجية، فيما بلغ سعر بيع مبالغ الاعتمادات المستندية والتسويات الدولية للبطاقات الإلكترونية 1305 دنانير لكل دولار، فيما بلغ سعر بيع مبالغ الحوالات إلى الخارج وسعر البيع النقدي 1310 دنانير لكل دولار.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى