أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

المماطلة بتعديل قانون العفو العام تفضح ازدواجية السوداني

حكومة محمد شياع السوداني تمارس الصمت حيال الدعوات العلنية من زعماء ميليشيات لقتل المعتقلين في السجون الحكومية.

بغداد – الرافدين
أثار طرح تعديل قانوني العفو العام ومكافحة الإرهاب في جلسة مجلس الوزراء موجة من التحريض ضد المعتقلين الأبرياء في العراق من قبل زعماء ميليشيات متهمة بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان وجرائم قتل على الهوية.
ويستمر الجدل بشأن جدية حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، بتنفيذ بنود الاتفاق الذي بموجبه تشكلت الحكومة، ومنها قانون العفو العام الذي يطالب به عراقيون اعتقل أبناءهم بدوافع طائفية وبوشاية المخبر السري وانتزعت منهم اعترافات كاذبة تحت التعذيب.
وشهدت حكومة نوري المالكي ما بين 2006- 2014 انتهاكات وجرائم تهجير وقتل واعتقال على الهوية وفق تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.
وبحسب وزير العدل في حكومة الإطار التنسيقي خالد شواني فإن الحكومة قد شكلت لجنة لغرض إجراء تعديلات على قانون العفو العام ومكافحة الإرهاب.
وقال شواني في مؤتمر صحفي، إن “الحكومة شكلت في نيسان الماضي لجنة لغرض إعداد مشروع قانون العفو العام وأن الأمر سيكون إنجازًا لجميع الكتل السياسية”.
ولا تعد تصريحات وزير العدل بشأن قانون العفو العام جديدة، فمنذ اتفاق تشكيل حكومة السوداني استمر الحديث عن إقرار قانون العفو من غير أي بوادر حقيقة على أرض الواقع لتنفيذه.
وذكر نواب في البرلمان الحالي أن السوداني انقلب على الاتفاق السياسي مع كتل “إدارة الدولة”، بشأن قانون العفو العام، وأن ضغوط وتهديدات الميليشيات في الحشد والإطار التنسيقي، تحول دون تعديل القانون.
وعبر مراقبون سياسيون عن اعتقادهم بعدم إصدار القانون وحتى إذا صدر فسيكون شكليا بسبب ضغوط الميليشيات، لأن أغلب المعتقلين هم ضحايا هذه الميليشيات بالأساس.
ويدير زعماء الميليشيات والقنوات الإعلامية التابعة لها حملة ضد تعديل قانون العفو العام، والتحريض على المعتقلين، مطالبين بتنفيذ الإعدام بحقهم من غير إعادة محاكمتهم ما يثبت تورط الميليشيات في الانتهاكات ضدهم.
وكانت منظمات دولية وأممية لحقوق الإنسان بينها منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد أكدت ان المعتقلين قد انتزعت منهم الاعترافات بشكل قسري وتحت التعذيب، وأن نسبة كبيرة منهم تم اعتقالهم بدوافع طائفية وخضعوا لمحاكمات غير عادلة.
وأوضحت المنظمة في تقريرها السنوي لعام 2023، أنّ جرائم القتل، والاغتيال، والخطف، والإصابات التي حققت فيها المنظّمة؛ لم تتحقق أيّة مساءلة قانونية.
ووصف زعيم ميليشيا العصائب قيس الخزعلي محاولات إجراء تعديل على قانون العفو بالاستهتار.
وتوعد الخزعلي المتهم بإدارة ميليشيا ارتكبت جرائم قتل وتغييب قسري، بأنه لن يسمح لحكومة السوداني بأجراء أي تعديل على القانون.
وتوعدت “لجنة الشهداء النيابية” المتهمة بعمليات فساد والحصول على أموال تحت بنود غامضة بأنها ستعمل على عدم تمرير تعديل قانون العفو.
وطالب أبو تراب التميمي أحد زعماء الميليشيات بإعدام جميع المعتقلين وليس تعديل قانون العفو العام.
والتزمت حكومة السوداني الصمت حيال تصريحات زعماء الميليشيات المطالبة بإعدام المعتقلين وعدم تعديل قانون العفو.
وبعد وعود من رئيس الحكومة بتطبيق القانون على الجميع ومحاسبة من ثبت تورطهم بانتهاكات ضد المدنيين، لا يتوقع مراقبون وبرلمانيون أي مواجهة محتملة بين السوداني وزعماء الميليشيات بشأن تعديل القانون.
وكشف عضو ائتلاف دولة القانون أحمد السوداني عن توجه الحكومة إلى إلغاء قانون العفو العام بذريعة اعتراض أغلب الوزراء على تمريره.
وقال السوداني إن الحكومة ستعمل على دراسة ملف ردود فعل الرأي العام بشأن تمرير قانون العفو العام من عدمه، إلا أن إلغاء القانون هو الرأي الذي يتسيد الموقف الحكومي، بحسب تعبيره.
ويجمع مراقبون على أن تعديل قانون العفو العام إذا ما طبق فإنه سيفضح جرائم الميليشيات ومسؤولين في الحكومات المتعاقبة ضد المدنيين وهذا ما يجعل حكومة السوداني تتنصل من وعودها بتطبيقه.

مظفر الخميسي: الكثير من المسجلين كمعتقلين هم في الحقيقة مقتولون وهذا سيحرج حكومة السوداني بالكشف عن مصيرهم وعن الجهة التي تقف خلف تغييبهم وقتلهم
وقال الصحفي مظفر الخميسي “رغم عيوب قانون العفو العام الكثيرة فإنه لن يطبق لأنه سيفتح باب المساءلة بشأن التهم الكاذبة الموجهة للمعتقلين مثل تهمة الإرهاب”.
وأضاف  الخميسي في تصريح لقناة “الرافدين” أن كثيرا من المسجلين كمعتقلين هم في الحقيقة مقتولون وهذا سيحرج الحكومة بالكشف عن مصيرهم وعن الجهة التي تقف خلف تغييبهم وقتلهم”.
وأكد على أن جميع وعود الحكومة كانت وقتية لتجاوز مرحلة تشكيلها والخلافات التي حدثت لذا كان لا بد من إطلاق مثل هذه الوعود الكاذبة.
وقال أستاذ الإعلام الدكتور فاضل البدراني “تعودنا مرارا أن نتفرج على حالة التنصل من الالتزامات بين القوى السياسية المكوناتية، حيث يتفقون عليها قبل تشكيل الحكومات عبر دورات عدة، ومنها  قانون العفو العام حيث كان واحدا من الملفات التي طرحتها القوى السنية، ووافق عليها الإطار التنسيقي قبيل تشكيل حكومة السوداني، لكن الذي حصل هو التراجع أيضا”.
وأضاف أن ” لو أن القوى السياسية تتحلى بوعي سياسي وتطبق قانون العفو العام، فإنه من أهم الإجراءات التي تنفض غبار الظلم عما يزيد عن 70 ألف معتقل، كانوا ضحايا المخبر السري سيئ الصيت، وكذلك من سياسات حزبية خاطئة وضيقة، بحيث إن كثيرا من رجال المقاومة في المناطق السنية يقبعون حاليًا في المعتقلات، لمجرد أنهم قاتلوا الغزو الأمريكي”.
ورغم معاناة أهالي المغيبين قسرًا والمعتقلين بوشاية المخبر السري تستمر الأحزاب الحاكمة باستخدام معاناتهم كورقة سياسية لتحقيق المكاسب وإرضاء الأصوات الطائفية المطالبة بعدم تمرير قانون العفو العام.
وقال رئيس مركز التفكير السياسي الدكتور إحسان الشمري “هذا القانون كان ولا يزال جزءا من ورقة الاتفاق السياسي باعتبارها تمثل مطلبا أساسيا للقوى السنية”.
وأضاف “القبول الشيعي الذي تمثله في إدارة الدولة قوى الإطار التنسيقي، واضح أنه كان قبولا مرحليا لعبور أزمة تشكيل الحكومة، والإطار التنسيقي الآن في حرج كبير أمام جمهوره، كونه تعرَّض لانتقادات كبيرة من قبل جمهوره حول عدد من القضايا”.
وأوضح هناك محاولات لرفض هذا القانون بشكل قاطع، فضلا عن أن تأجيله من قبل مجلس الوزراء، عبر تشكيل اللجان يؤكد عمق الأزمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى