أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الأرامل في العراق.. إهمال وتهميش ومعاناة مستمرة

عدم امتلاك وزارة التخطيط لإحصاءات دقيقة عن أعداد الأرامل في العراق يكشف مدى إهمال الحكومة وتنصلها من مسؤوليتها تجاههن.

بغداد – الرافدين
مر اليوم الدولي للأرامل على أرامل العراق وهن يعشن العوز والحرمان وسط ظروف معيشية قاسية بسبب الإهمال الحكومي، وغياب المعيل الذي فقدنه بالحروب أو غيب على يد الميليشيات.
وتواجه ملايين الأرامل العراقيات قسوة الحياة وسوء الظروف في ظل أزمة اقتصادية يعيشها البلد من غير أي دعم حكومي رغم أن غالبيتهن يعشن تحت خط الفقر، حسب منظمات محلية ودولية.
وخصصت الأمم المتحدة يوم 23 من شهر حزيران من كل عام يوما دوليًا للأرامل للتذكير بما تواجهه هذه الفئة من معاناة وفقر، ولحث المجتمعات على دعمهن.
وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى وجود نحو 259 مليون أرملة في العالم نصفهن تقريبا يعشن في فقر شديد، لافتة إلى أن ندرة البيانات الموثوقة التي يمكن الاعتماد عليها لا تزال إحدى العقبات الرئيسية التي تحول دون وضع السياسات والبرامج التي تهدف إلى التصدي للفقر والعنف والتمييز الذي تعاني منه الأرامل.
وتستمر الحكومة في العراق في تجاهل ما تعيشه الأرامل من فقر وظروف متردية وانخراطهن في أعمال لا تليق بالنساء، من غير اتخاذ خطوات حقيقة لمعالجة هذه الظاهرة التي تفاقمت بعد الاحتلال الأمريكي وسيطرة الميليشيات على المجتمع.
ويعكس جهل الجهات الرسمية بالأعداد الحقيقة للأرامل مدى اللا مبالاة الحكومية لهذه الشريحة، رغم أنها تتحمل مسؤولية معاناتهن، إذ لا تملك وزارة التخطيط إحصاءً دقيقا حول عدد الأرامل في البلاد.
قال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي، إن “الأرقام التي نمتلكها قديمة، وهي لا تظهر نتائج تتطابق مع الواقع الحالي، لكن الوزارة تعتزم العمل على مسح جديد لإحصاء هذه الشريحة”.
وتظل أعداد الأرامل في العراق متضاربة في ظل التعتيم الحكومي فيما يؤكد ناشطون أن الأعداد أكبر مما تعلن عنه وزارة التخطيط.
وتشير إحصاءات غير حكومية إلى وجود أكثر من ثلاثة ملايين أرملة في العراق، مشككة بإحصاءات وزارة التخطيط لأنها لا تشمل زوجات المفقودين.
وتعيش غالبية الأرامل تحت خط الفقر، فيما نسبة قليلة تحصل على إعانة حكومية عن طريق الرعاية الاجتماعية، بمبلغ لا يتجاوز 120 دولارا في الشهر، ولا يكفي لسد أساسيات المعيشة اليومية.
ويؤكد ناشطون حقوقيون أن الأرامل في البلاد يتعرضن لصعوبات كثيرة لا سيما في الدوائر الحكومية حيث سجلت الكثير من حالات التحرش والابتزاز.
قالت رئيسة منظمة الأمل الناشطة هناء إدور، إن “حالات التحرش والاستغلال التي تتعرض لها الأرامل، تثير الغضب والأسى”.
وأضافت “هذه الحالات تجري من خلال مراجعتهن الدوائر الحكومية ومراكز الشرطة، إذ يتم استغلال حاجتهن المادية ويتم الاعتداء على كرامتهن، وفي بعض الأحيان تصل الأمور إلى ابتزازهن باتهامات كيدية”.
وبين ناشطون أن إهمال الحكومة في إجراء تعداد لمعرفة الأعداد الحقيقة للأرامل يحول دون إيجاد حلول لتحسين أوضاعهن.
قالت الناشطة الحقوقية تحرير العبيدي، إن “لا يوجد تعداد حقيقي ومفصل لشرائح المجتمع في العراق، وكثير من النساء غير مسجلات لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ما يعني أن أرقام الوزارة غير صحيحة”.
وأضافت العبيدي في لقاء مع قناة الرافدين، أن عدم امتلاك الوزارة لأعداد أمر سلبي يسجل على الوزارة وكل عام يؤجل التعداد ولا توجد معالجات حقيقة.
وبينت تقارير صحفية أن كثيرا من النساء الأرامل شابات في مقتبل العمر، آثرن العمل لإعالة أطفالهن، بعيدا عن الاعتماد على العطاء الحكومي الشحيح أو الهبات الخيرية لبعض منظمات المجتمع المدني أو الهيئات الاجتماعية.
وسبق أن كشفت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن نصف مليون عائلة تعيلها نساء، في ظل ظروف اقتصادية صعبة ومجتمع تسيطر عليه الميليشيات.
وكيل الوزارة للشؤون الإدارية والقانونية علاء السكيني، قال  إن “عدد العائلات التي تعيلها النساء والمسجلة لدى الوزارة تجاوز 467 ألف أسرة في بغداد والمحافظات، إضافة إلى آلاف الأسر قيد الشمول التي وثقتها فرق البحث الميداني”.
وتعاني العائلات التي فقدت معيلها تحديات كثيرة ما أجبر ملايين النساء الأرامل والمطلقات على دخول سوق العمل وممارسة أعمال شاقة في المصانع ومكبات النفايات وغيرها لمساندة الأهل في تأمين متطلبات الحياة.
تقول الناشطة في مجال حقوق المرأة منال التميمي إن “الرقم الذي تتحدث عنه الوزارة لا يمثل إحصائية شاملة لكل النساء العاملات”.
وتضيف التميمي أن الظروف السياسية وأزمة النزوح وارتفاع نسب الفقر والبطالة، والظروف الأمنية، وفقد الكثير من الأسر لمعيلها، وغير ذلك أجبرت المرأة على العمل.
واتهمت التميمي الحكومة بالتقصير بدعم النساء وعدم حصولهن على رواتب الإعانة الاجتماعية رغم ضعفها.
وتعيش الكثير من الأسر التي تتولى رعايتها الأرامل في معسكرات النزوح  المنتشرة في مناطق مختلفة من البلاد، وسط معاناة شديدة في مواجهة ظروف الحياة الصعبة والعوز وقلة الإمكانات وغياب الاهتمام الحكومي وضعف كبير وربما غياب كامل  لكل ما يتصل بأسباب الحياة وإدامتها والاهتمام بتأمين وسائل التعليم والصحة وغيرها التي يحتاجها أطفالهم وبما يؤدي إلى نموهم ونشأتهم بشكل سليم، في وقت لا تحميهم الخيام المتهالكة التي صارت بيوتًا دائمة لهم  من حر الصيف وبرد الشتاء.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى