أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

تردي خدمات المستشفيات وارتفاع أسعار الدواء يدفع العراقيين إلى العلاج بالأعشاب

رغم أن بعض العراقيين يختارون العلاج البديل عن قناعة، لا يملك آخرون خيارًا آخر لأنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة الأدوية التقليدية.

بغداد- الرافدين
عندما أخبر أحد الصيادلة في العراق أم محمد أن وصفتها الطبية لعلاج مرض جلدي ستتكلف نحو 800 ألف دينار (نحو 611 دولارًا)، لجأت إلى العلاج بالأعشاب الطبيعية الأرخص سعرًا كما فعل بعض أقاربها.
وفي متجر لبيع الأعشاب، وجدت أم محمد (34 عامًا)، وهي أم لطفلين، أن العلاج أرخص بثماني مرات.
وقالت “الصيدليات كارثة وأسعار الدواء غالية، لذلك يلجأ الفقراء إلى العلاج بالأعشاب فهو آمن ورخيص، فعندما تكلفني وصفة طبية 800 ألف دينار عراقي (نحو 611 دولارًا) أي من الفقراء يستطيع دفع مثل هذا المبلغ”.
وتساءلت “هل يموت المريض تحت وطأة المرض أم يلجأ إلى العلاج بالأعشاب الأرخص “.
وشددت أم محمد بقولها إن أسرتها تتعالج بالأعشاب مثل ابنها المصاب بالسكر وهي التي تعاني من مرض جلدي.
ورغم أن بعض العراقيين يختارون العلاج البديل عن قناعة، لا يملك آخرون خيارًا آخر لأنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة الأدوية التقليدية.
وبرر زبون آخر للعلاج بالأعشاب على أن الأدوية مستخلصة بالأساس من الأعشاب، فنحن نتعالج بالأعشاب الخالية من الإضافات الكيميائية والطبية!
وتسبب الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 وتفشي الفساد بين الحكومات المتعاقبة على العراق والصراع بين الأحزاب الحاكمة في تدمير نظام الرعاية الصحية في العراق، الذي كان في يوم من الأيام أحد أفضل الأنظمة في الشرق الأوسط.
ورغم تقديم الخدمات الطبية العامة بالمجان، يلجأ المواطنون في كثير من الأحيان إلى القطاع الخاص ذي التكلفة العالية بسبب نقص الأدوية والأجهزة الطبية وقلة الخدمات.
وقال علي ناصر اختصاصي الأمراض الباطنية والصدرية والقلبية إن استبدال الوصفات الطبية بالمنتجات العشبية قد يمثل خطرًا وينتج عنه ضرر للمرضى في حال عدم تناولها بشكل صحيح.
وتحدث عن مريض استبدل وصفته بعلاج عشبي ووصل إلى مرحلة ما يطلق عليه الأطباء اسم الحماد الكيتوني السكري وكان لا بد من إدخاله وحدة العناية المركزة.
وأضاف “غياب المعرفة لدى الناس بهذا الموضوع وبهذه التفاصيل المهمة جدًا ربما تؤدي إلى نتائج غير محببة، ونتائج خطيرة”.

فوضى طبية

واعترف بالفشل الحكومي في تأسيس نظام صحي يلبي احتياجات المواطن العراقي، أو فرض رقابة على المؤسسات الأهلية الطبية، الأمر الذي جعل المستشفيات تضع تسعيرات علاج بطريقة عشوائية.
وقال الأستاذ الجامعي إبراهيم الجبوري صاحب مركز للعلاج بالأعشاب وحاصل على دكتوراه نباتات طبية وأستاذ العقاقير في كلية الصيدلة بالجامعة المستنصرية لوكالة “رويترز” إنه يستقبل عملاء يعانون من مشكلات صحية عدة مثل الأمراض الجلدية ومشكلات في الأمعاء والتهابات القولون وتساقط الشعر.
وأضاف “بعض المرضى الذي يعانون من أعراض شائعة يفضلون العلاج بالأعشاب على تحمل تكلفة علاج عالية”.
وقال حسن عابد علي وهو صاحب محل أعشاب” عملنا في بيع أدوية الأعشاب جاء من ممارسة وتجارب، وقد نجحنا في علاج أمراض مستعصية “.
وعزا حيدر صباح مدير المركز الوطني لطب الأعشاب التابع لوزارة الصحة، ذهاب المرضى إلى العلاج بالأعشاب إلى تردي الوضع الاقتصادي وارتفاع تكلفة الأدوية، الأمر الذي زاد من نسبة المتاجرة وفتح مذاخر جديدة للعلاج بالأعشاب.
وفي السنوات الأخيرة، لاحظ صباح افتتاح المزيد من مراكز العلاج بالأعشاب في العاصمة بغداد. وبحسب قاعدة بياناته فإنه يوجد الآن 460 مركزًا مرخصًا له ببيع العقاقير المستخلصة من الأعشاب، ارتفاعًا من 350 مركزًا في 2020.
وأضاف “مهنة الأعشاب والنباتات الطبية متوارثة في المجتمع العراقي مع أنها غير خاضعة للدراسة العلمية”.
وقال إن فرق التفتيش على المتاجر التي تبيع الأعشاب الطبية أغلقت عشرة متاجر بسبب وجود مخالفات جسيمة منذ عام 2019، مشيرًا إلى أن معظم المخالفات التي رصدتها فرق التفتيش كانت صحيحة.
وتختلف أماكن بيع الأعشاب الطبيعية اختلافًا كبيرًا، بدءًا من المتاجر التي تبيع المنتجات المعبأة جيدًا والمرخصة في الأحياء الميسورة في بغداد إلى المتاجر التقليدية التي تخلط الأعشاب بعد استخراجها من آنية زجاجية أمام العملاء.
وقال محمد صبحي، الذي سار على خطى شقيقه ويبيع أدوية من الأعشاب الطبيعية في محل له منذ الثمانينيات، إنه ورث هذه المهنة.
وأضاف وهو يضع خطلة علاجية مع بعضها “مجموعة أعشاب، كزبرة وقطب ومعدنوس وشمس الأذرة، تستعمل للكلى وللمثانة، أشياء بسيطة”.
وأشار إلى أن بعض الناس ممن لا يطيقون تحمل تكلفة العلاج التقليدي لا يذهبون أبدًا للأطباء ويفضلون العلاج البديل بالأعشاب.

خدمات طبية متردية
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى