أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

ميليشيات الحشد تضاعف عدد عناصرها للسيطرة على السلطة

بارعة علم الدين: مضاعفة عناصر الحشد الشعبي إلى 238 ألف فرد وبميزانية تقدر بثلاثة مليارات دولار، هدفه مواجهة ثورة العراقيين المقبلة على الحكومة.

بغداد- الرافدين
ضاعفت ميليشيات الحشد الشعبي المكونة من مجاميع ولائية إلى 238 ألف فرد وبميزانية تقدر بثلاثة مليارات دولار من الميزانية التي أقرت مؤخرًا، وفق اللجنة المالية بالبرلمان الحالي.
ولم تكشف حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني المسوغات الأمنية والاقتصادية التي تستوجب مضاعفة عناصر هذه الميليشيات في وقت يتساءل عراقيون لماذا لا تتم تقوية الجيش الحالي بدلًا من تشجيع السلاح الخارج عن سلطة الدولة.
ويتصاعد السؤال في الأوساط السياسية والعسكرية عن الأسباب التي دفعت السوداني إلى مضاعفة عناصر الحشد في الوقت الذي يزعم أن العراق تجاوز مرحلة القتال مع تنظيم داعش.
ويجمع خبراء عسكريون على أن توسع سلطة وقوة ميليشيات الحشد بنفس حجم الجيش العراقي تقريبًا، يمثل قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار، خصوصًا بعد سيطرتها الشاملة على المجالات السياسية والاقتصادية.
وبينما كان أعضاء البرلمان الحالي يناقشون الميزانية، كان لديهم عين واحدة على تقارير إخبارية عن قوات الدعم السريع في السودان وتمرد فاغنر في روسيا، التي تظهر الكارثة الأمنية عندما يُسمح للميليشيات بالتوسع لتفوق الجيش النظامي. ومع ذلك، لم يبدوا أي اعتراض على هذا الهدر البشع للمال العام.
وقالت المحللة السياسية اللبنانية بارعة علم الدين إن “الحشد الشعبي عزز سيطرته على المؤسسات العراقية على جميع المستويات. ومضاعفة عناصره يعود إلى زيادة حصته من أموال الميزانية”.
وشددت علم الدين في مقال باللغة الإنجليزية في صحيفة “أراب نيوز” التي تصدر في لندن على عدم وجود أي تهديد من تنظيم داعش يستوجب مضاعفة عناصر الحشد الذي شكل بالأساس لمواجهة هذا التنظيم.
وتساءلت علم الدين التي تكتب باللغة الإنجليزية وسبق وأن أصدرت كتابًا عن الحشد الشعبي بعنوان “دولة الميليشيا” عن دار “نوماد” للنشر، ألا يعني أن مضاعفة عناصر هذه الميليشيا يهدف إلى مواجهة العراقيين الناقمين على الحكومة.
وتتمتع ميليشيات الحشد الشعبي بسجل طويل من المذابح والفظائع والتطهير الطائفي، على الرغم من استخدامها في السنوات الأخيرة في لمواجهة الغضب الشعبي لثوار تشرين في مدن وسط وجنوب العراق.
وشددت الكاتبة اللبنانية على أن فشل الحشد الشعبي في انتخابات عام 2018 وتراجع شعبيته، دفع القائمين عليه إلى وضع استراتيجية وحيدة للاحتفاظ بالسلطة عبر استخدام القوة المجردة.
وقالت “لقد سلم السوداني فعليًا حدود العراق بأكملها إلى الحشد الشعبي، حتى بعد أن حذر وزير المالية الأسبق على علاوي من أن 90 بالمائة من عائدات الجمارك العراقية كانت تستحوذ على هذه الميليشيات”.
وأضافت أن استيلاء الحشد الشعبي على مجموعة كبيرة من المقاعد البرلمانية “بلا أدنى خجل” بعد انسحاب التيار الصدري من البرلمان الحالي يؤكد أن عمليات الاستيلاء على مراكز السلطة في المستقبل ستكون أكثر وحشية.
ولا يمكن معرفة الحجم الفعلي للحشد، إلى جانب الفصائل شبه المستقلة والعناصر الإجرامية الكبيرة التابعة له، فإن العديد من ميليشيات ما يسمى “المقاومة” غير معروفة، مثل عصاب أهل الكهف وكتائب كربلاء وكتائب سيف الله، وليست مدرجة على رواتب الحشد. وتظهر مثل هذه الميليشيات وتختفي باستمرار لأغراض دعائية وسياسية محددة.

بارعة علم الدين: عمليات الاستيلاء على مراكز السلطة في العراق ستكون أكثر وحشية بعد سيطرة الحشد الشعبي.
ويتجاوز عدد أفراد الجيش الحكومي 300 ألف فرد، على الرغم من أنه كان لا بد من إعادة بناء الجيش من الصفر بعد الانهيار أمام تنظيم داعش في منتصف عام 2014.
وعدد الألوية العاملة والفعالة في الجيش الحكومي محدودة، عندما يتم أخذ ظاهرة الجنود الأشباح المتفشية في الاعتبار.
وتخضع قطاعات كبيرة من الجيش فعليًا لسيطرة زعماء الحرب من الحشد الشعبي مثل هادي العامري زعيم ميليشيا بدر المنضوية في الحشد؛ ومن خلال هيمنة هذه الميليشيات على وزارة الداخلية بعد عام 2003، فإن نسبة عالية من قوات الأمن هي في الأساس ملحقة بالحشد.
وفرض الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، الأمر الذي جعله يمتلك دمية مرنة، تشرف على ميزانية الدولة البالغة 152 مليار دولار، والتي يمكن أن تمنحهم كل شيء، بينما يغرق العراقيون العاديون في الفقر والبطالة وانقطاع التيار الكهربائي والتلوث البيئي وانعدام الخدمات.
وترى الكاتبة اللبنانية في مقالها بعنوان “الميليشيات في العراق: ضاعفوا العدد، ضاعفوا الأموال، ضاعفوا التهديد” أن إعلان السوداني عن إنشاء معسكرات عسكرية دائمة جديدة للحشد حول أطراف المدن الكبرى يوضح بأن حكومته تحت رحمة ميليشيا قاتلة.
ونفذ السوداني أحد أهم مشاريع الهيمنة الإيرانية على العراق بتأسيس شركة عامة للحشد الشعبي باسم شركة “المهندس” برأسمال قدره مئة مليار دينار عراقي، بما يسمح لميليشيات الحشد بالدخول بشكل أكثر وضوحًا في النشاط الاقتصادي والاستثماري في البلد.
وتسمح الشركة بتغطية صفقات فساد كبرى أدارتها الميليشيات بشكل غير قانوني وبتواطؤ من الحكومات السابقة.
وسهّل السوداني عمل الميليشيات غير المشروع من تهريب النفط إلى المتاجرة بالمخدرات والاستيلاء على الأراضي والعقارات، بتأسيس شركة بواجهة حكومية لتمرير صفقات الفساد الكبرى.
وأكد معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن هناك زيادة غير عادية في عدد قوات ميليشيا الحشد في العراق.
وذكر أنها تنمو بسرعة على الأصعدة كافة، ابتداءً من الميزانية ووصولًا إلى القوى البشرية المعتمدة والتدريب والبرامج الاقتصادية.
وقال المعهد إن هناك زيادة في الموازنة ستشمل نفقات كبيرة لقوات الحشد، مؤكدا أن القوى البشرية المعتمدة في ميليشيا الحشد ازدادت بنسبة 95 في المئة في موازنة عام 2023، وتضاعف تقريبًا عدد عناصرها من 122 ألفًا إلى 238 ألفًا.
وكشف المعهد أنه ستضاف 400 مليار دينار إلى الموازنة الاستثمارية لهيئة الحشد تستخدمها شركة المهندس العامة التابعة لها كما صوّت مجلس الوزراء بالموافقة على إضافة مبلغ 1.5 مليار دينار عراقي كنفقات سرية لهيئة الحشد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى