أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة السوداني تصمت أمام تهديد رئيس الأركان الإيراني

مساع إيرانية لإيجاد مبررات لشن عملية عسكرية جديدة شمالي العراق في محاولة لهروب طهران من مشاكلها الداخلية عبر افتعال الأزمات في الخارج.

أربيل – الرافدين
مارست حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني صمتًا مطبقًا تجاه التهديدات الإيرانية بعد إمهال طهران بغداد مهلة تنتهي مع نهاية شهر آب القادم للحد من نشاطات أحزاب المعارضة الإيرانية وتلويحها بشن عملية عسكرية جديدة في كردستان العراق في أحدث انتهاك للسيادة العراقية.
وعبر نشطاء ومراقبون سياسيون عن استغرابهم من عجز حكومة الإطار التنسيقي التي تدين أحزابها بالولاء إلى إيران على الرد على “المهلة الإيرانية الأخيرة” والتهديدات المتجددة التي تتخذ من تواجد جماعات المعارضة في شمالي العراق ذريعة لتهديد سيادة العراق بشن عمليات عسكرية جديدة على غرار الضربات الصاروخية التي نفذت العام الماضي وهذا لعام.
وجاءت أحدث موجة من التهديدات الإيرانية على لسان رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، الجنرال محمد باقري، الأربعاء، حينما حذر حكومة السوداني من مغبة “عدم تنفيذ التزاماتها” بشأن التصدي للمجموعات الكردية الإيرانية المعارضة في شمال العراق، ممهلًا إياها حتى أواخر آب المقبل للقيام بذلك.
وقال باقري، في كلمة في الملتقى السنوي لقادة السلاح البري في “الحرس الثوري” في مدينة مشهد شرقي إيران، إن الحكومة العراقية إذا لم تنفذ التزاماتها بشأن من وصفهم بـ “المجموعات الإرهابية في شمال العراق” حتى 23 آب المقبل وبقيت هذه المجموعات مسلحة، سنستأنف العمليات ضدها بشكل أقوى”.
وأضاف رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية أن القوات البرية لـ “الحرس الثوري” سبق أن نفذت “عمليات مؤثرة بالصواريخ والمسيرات ضد هذه المجموعات، لكن بعدما تعهدت الحكومة العراقية بنزع أسلحتها ومنع تصرفاتها حتى منتصف شهر آب المقبل، توقفت تلك العمليات”.

رئيس الأركان الإيراني يطلق موجة تهديدات جديدة ضد العراق وسيادته

وسبق موجة التهديدات الأخيرة تهديد مماثل للحرس الثوري الإيراني، لحكومة بغداد بإعادة استهداف مواقع الجماعات المسلحة في كردستان العراق إن لم تلتزم بنزع سلاح تلك الجماعات”.
وقال قائد القوات البرية للحرس الثوري الإيراني، محمد باكبور، في حديث مع وكالة “تسنيم” الإيرانية، إنه “تم الاتفاق مع الحكومة العراقية، وتعهدت بالقضاء على الجماعات الإرهابية ونزع سلاحها وطردها من العراق في إشارة إلى الاتفاق الأمني الذي وقعه مستشار الأمن في حكومة السوداني قاسم الأعرجي في شهر آذار الماضي.
وسبق أن وصف مصدر عراقي مطلع زيارة مستشار الأمن في حكومة الإطار التنسيقي قاسم الأعرجي، إلى إيران في شهر آذار الماضي بمثابة “استجداء سياسي” لحث طهران بعدم القيام بأي قصف للأراضي العراقية.
ونقل المصدر عن أحد المرافقين الإعلاميين للوفد العراقي الذي رافق الأعرجي في زيارته إلى طهران، أنه شعر بمهانة، عندما هبطت لغة مستشار الأمن إلى التوسل المعيب بأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان، بغية إيقاف أي عملية عسكرية أو ضربة إيرانية من قبل الحرس الثوري لمناطق عراقية.
وتذرع الأعرجي أمام الجانب الإيراني بأن ضرر أي ضربة إيرانية لمناطق عراقية سينعكس على حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، أكثر مما تلحق أذى بتنظيمات إيرانية معارضة.
وعرض الأعرجي خلال اجتماع مع أحمديان ما أسماه أجواء التهدئة السياسية في المنطقة وتطور العلاقات الإيرانية السعودية وانعكاس ذلك على حكومة الإطار التنسيقي.
وعبر عن أمله ألا تقوم بما أسماه “الشقيقة الجارة المسلمة” بأي عمل عسكري يبدد “الهدوء السياسي” ويؤثر على حكومة السوداني. مطالبًا باستثمار ذلك الهدوء لتثبيت حكومة السوداني.
مقابل ذلك أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وقتها علي أكبر أحمديان، على “ضرورة إنهاء وجود العناصر المسلحة والمناهضة للثورة الإيرانية شمال العراق سريعًا”.
وكانت طهران قد أعلنت في ذات الشهر الذي زار فيه الأعرجي إيران عن شن هجمات ضد مقر من وصفتها بـ”الجماعة الإرهابية الانفصالية”، في محافظة التأميم شمالي العراق.

التهديدات الإيرانية الأخيرة تكشف فشل مخرجات زيارة مستشار الأمن في حكومة السوداني إلى طهران

وتأتي المهلة الأخيرة التي حددها رئيس أركان الجيش الإيراني وطالب فيها العراق بوضع حد لنشاطات جماعات المعارضة الإيرانية في شمال البلاد في توقيت شديد الحساسية يمر به العراق والمنطقة بشكل عام.
ويرى مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الدكتور غازي السكوتي، إن هناك تداعيات خطيرة للتهديد الذي تحدث عنه الجيش الإيراني (المهلة الأخيرة).
وأضاف أن هذا التصريح يحمل الكثير بالنسبة للوضع في العراق، ففي حالة عدم استجابة السلطات في بغداد وأربيل للمطلب الإيراني، يكون لدى طهران مبرر لاستمرار القصف الصاروخي والمدفعي وبالطائرات المسيرة على المناطق الحدودية، وفي بعض الأحيان في العمق العراقي.
وأكد السكوتي على أن أي تطور في المشهد الحدودي بين العراق أو شمال العراق في كردستان، يشكل تهديدًا خطيرًا للأمن والسلام والاستقرار في كردستان أولًا وعلى صعيد العراق ثانيًا، ثم على صعيد تهديد فرص بناء السلام في المنطقة ثالثًا.
وعادت الأجواء المشحونة بين طهران وسلطات كردستان العراق للتوتر مجددًا عقب انسحاب السفير الإيراني من حفل مراسم افتتاح نصب بارزاني في شهر أيار الماضي في كردستان العراق احتجاجًا على تواجد جماعات المعارضة الإيرانية التي وجهت لها دعوة مماثلة لحضور هذا الحفل الأمر الذي دفع الجانب الإيراني لاستدعاء السفير العراقي لدى إيران.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية “إيسنا” أنه “عقب دعوة موجهة إلى أعضاء من وصفتهم ببعض “الزمر الانفصالية” لمراسم رسمية في كردستان العراق واستمرار تحركات بعض “الجماعات الإرهابية” في هذه المنطقة، تم استدعاء السفير العراقي في العاصمة طهران إلى وزارة الخارجية”.
وأعربت طهران في بيان لوزارة الخارجية عن “احتجاجها الشديد” على دعوة أعضاء من وصفتهم بـ “الجماعات الانفصالية”، وهو مصطلح تستخدمه إيران لوصف المجموعات الكردية، معتبرة أنها “تتعارض مع الاتفاقية الأمنية الأخيرة بين إيران والعراق”.
وتزامن هذا التصعيد الدبلوماسي مع إعلان منظمات حقوقية كردية إيرانية عن زيادة دفعات الأسلحة الحربية المتوسطة والثقيلة، التي أصبح الحرس الثوري الإيراني ينقلها إلى المحافظات الثلاث ذات الأغلبية الكردية غرب البلاد، كرمنشاه وكردستان وأذربيجان الغربية، والمتمركزة في المناطق الجبلية المتاخمة لحدود كردستان العراق.
وذكرت المنظمات أنّ الأجهزة الأمنية في تلك المناطق قطعت الإنترنت عن مدن سنندج وأورمية وأشنو، كي لا يتمكن المراقبون من نقل مشاهد وحدات الجيش وهي تعيد انتشارها وتتجهّز للعمليات العسكرية.
وأضافت أنّ الأجهزة الأمنية مارست ضغوطًا على السكان في مُدن آيدانان وسميرم، بغية تغطية التحرّكات العسكرية في المناطق المحيطة بها، فيما استعدت الأجهزة الأمنية لمواجهة العشرات من النشاطات في عموم المناطق ذات الأغلبية الكردية، كخطوة استباقية لردود الفعل، فيما لو بدأت أية عملية عسكرية.
وجاءت التحرّكات الميدانية مترافقة مع تهديدات من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الذي طلب من مستشار الأمن في حكومة السوداني الالتزام بالاتفاق الأمني المُبرم بين الطرفين نهاية شهر آذار الماضي، والمتضمن تعهّدًا بمنع أنشطة الأحزاب الكردية الإيرانية في إقليم كردستان العراق.

إيران تستشيط غضبًا بعد مشاركة شخصيات تمثل المعارضة الإيرانية في حفل رسمي في كردستان العراق

ويربط الباحث الكردي الإيراني مردم عزيزي ارتفاع وتيرة التهديدات الإيرانية لكردستان العراق بثلاثة تطورات إذ يسعى أمين المجلس القومي الإيراني الجديد علي أكبر أحمديان أن يوحي أنّ الاتفاق الأمني الذي خطّه سلفه علي شمخاني مع الجانب العراقي لم يأتِ بنتائج، لذا، فإنّ هذه التحرّكات جزء من الصراع الداخلي الإيراني”.
وتابع عزيزي “شكّلت دعوة كردستان لقادة الأحزاب الكردية الإيرانية لمناسبة افتتاح المتحف القومي الكردي في منطقة بارزان، والترحيب بهم كضيوف بارزين، تحدّيًا للسلطات الإيرانية، ودفعتها إلى التصعيد لمواجهة ذلك. مع الأمرين، فإنّ السلطات الإيرانية تشدّد الضغوط الأمنية والعسكرية على المنطقة الغربية من البلاد مع حلول الصيف، حيث يُتوقع أن تزداد التحرّكات الشعبية بسبب الجفاف”.
وسبق وأن توغلت قوات إيرانية في مناطق عراقية وعبرت قوات من الحرس الإيراني في ناحية سيدكان، في خرق فاضح للمواثيق الدولية ومنها ميثاق الأمم المتحدة.
وشن الحرس الثوري الإيراني هجمات صاروخية العام الماضي على منطقة برادو ست في ناحية سيدكان بمحافظة أربيل، أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين بينهم أطفال ونساء، فضلًا عن إخلاء سبع قرى، ونزوح مئات العائلات عن منازلها.
وأسفر الهجوم الذي تبنته طهران عن “مقتل 13 شخصًا، بينهم سيدة حامل، وإصابة 58 آخرين بجروح، معظمهم من المدنيين وبينهم أطفال”، بحسب بيان لجهاز مكافحة الإرهاب في كردستان العراق.
وتحدث البيان عن “إطلاق أكثر من 70 صاروخًا باليستيًا وقاذفة طائرات بدون طيار من الأراضي الإيرانية على أربع مراحل”.
وبث الحرس الثوري الإيراني صورًا لعمليات القصف على أربيل تضمنت إطلاق العديد من الصواريخ والطائرات “الانتحارية”.
وجاء القصف حينها بعدما اتهمت السلطات الإيرانية معارضين إيرانيين مسلحين من الأكراد بالوقوف وراء الاحتجاجات الأخيرة في البلاد، لا سيما في شمال غربي البلاد، حيث يعيش معظم أكراد إيران البالغ عددهم نحو 10 ملايين نسمة.
وشكك مراقبون بهذه المزاعم في حينها وذكروا بزيف الادعاءات الإيرانية بعد قصف أربيل في شهر آذار من العام الماضي والتي دحضتها لجنة التحقيق الحكومية.

لجنة تقصي الحقائق الحكومية تفند مزاعم إيران حيال قصف أربيل وتؤكد زيف روايتها

وكانت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها البرلمان، عقب الهجوم الذي نفذته إيران على مدينة أربيل بواسطة 12 صاروخًا باليستيًا، في الثاني عشر من آذار من العام الماضي، قد كشفت عن نتائج التحقيق الذي أجراه البرلمان بمشاركة خبراء أمن، تتضمن تفنيدًا للمزاعم الإيرانية بوجود مقرات سرية تتبع الاحتلال الصهيوني في المدينة.
وبحسب التقرير، فإن اللجنة خلصت إلى عدم صحة المزاعم الإيرانية حيال الموقع المستهدف، الذي تبين أنه منزل يعود لرجل أعمال عراقي كردي، كما تم فحص الموقع ولم يتم العثور على أي أدلة في الموقع المستهدف أو أدوات مشبوهة تشير إلى وجود نشاط غير مدني أو تجسسي، أو أي نشاط سياسي.
وأكد التقرير عدم صحة الرواية الإيرانية، استنادًا لإفادات المسؤولين الأمنيين في بغداد وأربيل وأن طهران لم تزود اللجنة بأي تفاصيل تدعم روايتها.
وعد التقرير القصف الإيراني “انتهاكًا للأعراف والقوانين الدولية”، مشددًا على “منع أي محاولة لجعل العراق ساحة لتصفية الحسابات بين الدول المتناحرة”.
ولم يتضمن التقرير أي إشارة أو توصية للحكومة حيال توجه العراق إلى تدويل القصف على أربيل.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى