تسريب الأسئلة الوزارية علامة مميزة لفساد مستمر
مراقبون: تكرار حالات تسريب الأسئلة تكشف المستوى المتدني الذي وصلت له العملية التعليمية في العراق.
بغداد – الرافدين
أثارت الأنباء عن تسريب أسئلة مادة الفيزياء للصف السادس الأحيائي حالة من الجدل والاندهاش لدى الكثير من العراقيين.
وانتقد ناشطون الإجراءات الحكومية التي رافقت الامتحانات والوعود بالمحافظة على الأسئلة والتي سرعان ما تلاشت بعد ان تداولوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا لأحدى المجموعات الموجودة على إحدى تطبيقات تلك الوسائل وهي تقوم بنشر أسئلة مادة الفيزياء قبل يوم من الامتحان.
وانتشر وسم “فضيحة تسريب الفيزياء” على إحدى منصات التواصل الاجتماعي وحظي بتفاعل كبير بعدد تغريدات وصلت إلى نحو 200 ألف تغريدة، الأمر الذي دفع وزارة التربية إلى إصدار بيان تنفي فيه مزاعم تسريب أسئلة الامتحانات الخاصة بالصف السادس الإعدادي.
وقالت الوزارة في بيان لها، إنها “تهيب بالمواطنين إلى الانتباه وعدم الانصياع للإشاعات المغرضة التي تبثها بعض الصفحات الصفراء التي تحاول إثارة الفتن والأكاذيب حول سير العملية الامتحانية”.
واستغرب مراقبون من بيان الوزارة الذي يتوعد الصفحات التي تحدثت عن وجود تسريب بالأسئلة بملاحقتها قانونيًا، بدلًا من التحقق من الأمر ومحاسبة الفاعل.
وأشار عدد من الطلبة عبر صور أخذت من المجموعة التي نشرت فيها الأسئلة المسربة أن الأسئلة التي نشرت كمرشحات يوم 11 تموز عبر إحدى القنوات على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد جاءت مطابقة للأسئلة الوزارية في الامتحان الذي كان بتاريخ 12 تموز.
وأكدوا أن تسريب الأسئلة لجهات معينة يعد أمرًا خطيرًا وظلمًا واجحافًا لمن درس وسهر وتعب، متسائلين عن الوعود التي أطلقتها وزارة التربية بالحفاظ على الأسئلة والاهتمام بمصلحة الطالب.
وطالبوا بفتح تحقيق شامل وجدي بخصوص قضية التسريب، وعدم إقناع الرأي العام بتحقيقات وهمية.
وكانت وزارة التربية ووزارة الاتصالات قد أقدمت على قطع الإنترنت عن العراقيين بشكل تام خلال فترة الامتحانات التي انطلقت يوم 31 حزيران الماضي والتي ستستمر الى غاية يوم 17 تموز الحالي، كإجراء للحد من تسريب الأسئلة.
وأثار قرار قطع الإنترنت من قبل وزارة التربية ووزارة الاتصالات خلال فترة الامتحانات، الجدل بين أوساط العراقيين من جدوى هذا القرار.
وبررت وزارة التربية القرار بالحفاظ على سرية الأسئلة وعدم تكرار تسريبها، مؤكدة أن عملية قطع الإنترنت تكون من الساعة الرابعة فجرًا لغاية الثانية عشر ظهرًا، مع استثناء يوم الجمعة من القطع نظرًا لعدم وجود امتحان، وستستمر هذه العملية إلى نهاية الامتحانات.
وعد مراقبون إجراء قطع الإنترنت دليلًا على الفشل الحكومي في حماية العملية التربوية وإجراء امتحانات في أجواء سليمة، فضلًا عن الأضرار الاقتصادية التي يلحقها بالمجتمع العراقي والمؤسسات الأخرى.
ويرى مراقبون أن قرار الحكومة بقطع الإنترنت يؤثر سلبًا على المؤسسات العامة والخاصة، كما يؤثر على الاقتصاد العراقي، حيث يكلف قطع الإنترنت خسارة ملايين الدولارات يوميًا للشركات والبنوك وقطاع الأعمال، فضلًا عن تأثيراته السلبية على التعاملات اليومية للمواطنين.
وأشار الصحفي أحمد الجميلي إلى شكاوى أولياء الأمور للطلبة حول بيئة الامتحانات النهائية، وأنها تجري في مدارس غالبيتها غير مؤهلة لاستمرار العملية التعليمية.
وعزا الجميلي في تصريح لقناة “الرافدين” الدوافع وراء قرار وزارة التربية الحالية بتغيير المراكز الامتحانية للطلبة، إلى ضغوط متنفذين في داخل الوزارة من أجل تسهيل عمليات الغش الجماعي لأبناء المسؤولين وعائلات ذات نفوذ في البلاد.
وتعاني وزارة التربية كحال كل الوزارات منذ احتلال العراق عام 2003 وحتى الآن؛ من فساد ينخر دوائرها، وطالما كان تسريب الأسئلة الوزارية في كل عام واحدًا من أوجه ذلك الفساد.
وكانت وزارة التربية قد تعرّضت لاستهجان شعبي إثر تكرار تسرّب أسئلة الامتحانات العام الماضي، ما دفعها إلى تأجيل موعدها مرات بالتزامن مع تسريب الأسئلة. وأربك ذلك الطلاب، وجعل الوزارة تواجه انتقادات بشأن عدم قدرتها على ضبط ملف الأسئلة.