العنف الأسري ظاهرة تستهدف استقرار المجتمع العراقي
انتشار المخدرات وتفاقم الأزمات الاقتصادية في البلاد إضافة إلى غياب القوانين الرادعة ضاعف معدلات العنف الأسري خلال النصف الأول من العام 2023
بغداد – الرافدين
كشف ارتفاع معدلات العنف الأسري في العراق خلال العام 2023 مقارنة بالأعوام السابقة، تفاقم الأزمات المتعددة التي تعيشها البلاد وأبرزها الأزمة الاقتصادية وظاهرة تعاطي المخدرات في المجتمع، إضافة إلى البطالة والفقر.
وخلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي سجلت أكثر من 7 آلاف حالة تعنيف أسري، فيما تؤكد منظمات حقوقية أن الأرقام أكبر من ذلك، لكن كثيرا من الحالات لا يبلغ عنها.
وأعلنت وزارة الداخلية الحالية عن تلقي الشرطة المجتمعية 12 ألف تبليغ عن حالات عنف أسري وابتزاز إلكتروني خلال هذا العام.
وسبق أن كشفت الوزارة عن تسجيل 600 حالة تعنيف في الأسبوع الأول من عام 2023.
عضو منظمة “أرض الأمل” الحقوقية، صفاء الغراني، أكد أن غياب القوانين الرادعة أدى إلى تفاقم حالات العنف الأسري.
وقال الغراني، “تسجل يوميا عشرات الحالات من التعنيف وتتركز الحالات في محافظات الوسط والجنوب، تليها مدن كردستان العراق”.
وأضاف أنه بحسب الإحصائيات أكثر المتضررين من العنف هم الأطفال والنساء وكبار السن، وسجلت أكثر من 7 آلاف حالة في النصف الأول من هذا العام.
وأوضح أن “هذه الإحصائيات قد لا تكون دقيقة لأن العدد الأكبر من المعنفين لا يبلغون عن تعرّضهم للتعنيف، وخصوصا النساء. لكن الرقم مؤشر خطير لو قارناه بأرقام العام الماضي الذي سجلت فيه أقل من 15 ألف حالة”.
ويعد تفشي المخدرات والفقر، وغياب القانون من أبرز أسباب تنامي العنف وانتشار الجريمة في المجتمع العراقي، حيث ترتفع معدلات الجريمة في المناطق الفقيرة التي ينشط فيها مروجو المخدرات.
وعزا مدير مكتب حقوق الإنسان في كربلاء، ماجد المسعودي، أسباب الارتفاع في حالات العنف إلى الوضع الاقتصادي المتدهور، والاستخدام الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن انتشار المخدرات بين أفراد المجتمع.
وقال المسعودي، إن “المكتب أشر ارتفاعا ملحوظا في حالات العنف الأسري عام 2023 في كربلاء عند مقارنتها بإحصائية 2022، حيث سجّل العام الماضي نحو 1081 حالة عنف أسري بأنواعه المختلفة”.
وأضاف أنه في الربع الأول من عام 2023 سجلت الجهات الحكومية في كربلاء 372 حالة، وهو ضعف ما سجل في الربع الأول من العام السابق.
وأكد المسعودي أن “مكتب حقوق الإنسان في كربلاء، طالب الجهات المعنية والحكومة ومنظمات المجتمع المدني بضرورة تفعيل قوانين مناهضة للعنف الأسري والذي سيكون له دور إيجابي في خفض حالات العنف والحد منه”.
العضو السابق لمفوضية حقوق الإنسان في العراق، أنس أكرم محمد بين أن انتشار الجريمة المنظمة مثل المخدرات والسلاح المنفلت وأسباب مجتمعية أخرى أدت إلى تفاقم العنف في المجتمع العراقي.
وقال إن هناك حاجة إلى تعديل وتصويب القوانين التي تعاقب الجرائم المجتمعية إضافة إلى منع الإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم تحت أي مسمى سياسي أو حزبي أو حكومي أو عشائري أو مناطقي.
وتزيد حالات التعنيف الأسري من معدلات الطلاق وتفكك المجتمع إذ تسجل البلاد حسب إحصاءات رسمية 9 حالات طلاق في الساعة الواحدة، إضافة إلى الآثار النفسية على المعنفين.
قالت الناشطة وعضو جمعية الأمل في بغداد حوراء الجميلي إن “نسب الطلاق المرتفعة تشير إلى واقع اجتماعي غير طبيعي، ما يستدعي حلولا جذرية لمشاكل المجتمع، فليس من المنطقي محاولة تكوين أسرة سليمة في واقع كامل غير سليم”.
وسبق أن أعلنت منظمات حقوقية عراقية عن تسجيل معدلات غير مسبوقة بالعنف الأسري في عموم البلاد وصلت إلى 15 ألف حالة عام 2022، وسط دعوات لوضع معالجات عاجلة وتشريع قوانين للحد من هذه الظاهرة.
ووفقاً لرئيسة منظمة أور لثقافة المرأة والطفل منى صاحب الهلالي، فإن “العنف الأسري تجاوز كل الحدود في المجتمع العراقي، إذ سجل العراق أكثر من 15 ألف حالة عنف خلال عام 2021″، مبينة أن “نصيب محافظة ذي قار كان 1868 حالة عنف، توزعت بواقع 1299 حالة ضد النساء، و324 حالة ضد كبار السن، و245 حالة ضد الأطفال.