الأوقاف العراقية أمام تحدي مواجهة الاستيلاء عليها بغطاء سياسي وتجاري
بحوث اليوم الثاني من المؤتمر الخامس لهيئة علماء المسلمين في العراق تُجمع على الدور الكبير للأوقاف في معالجة الظواهر الاجتماعية وتحقيق التوازن والتكافل بالإسهام في اطمئنان الفقراء والمساكين وأبناء السبيل وحتى الطفل الرضيع.
إسطنبول- الرافدين
ركزت أوراق اليوم الثاني من أعمال المؤتمر الخامس لهيئة علماء المسلمين في العراق “الأوقاف في العراق: تأريخها، وأهميتها، وواقعها”، بمشاركة باحثين عراقيين وعرب بمختلف الاختصاصات، على الأوقاف الإسلامية في المدن العراقية.
وحذر الباحثون من الغطاء السياسي والطائفي الذي يهدد طبيعة هذه الأوقاف وتاريخها.
وعلى مدار بحوث من مشاركين عراقيين وعرب انطلقت جلسة محور واقع الأوقاف ومؤسساتها في العراق صباح الخميس في مدينة إسطنبول، حيث يواصل المؤتمر جلساته لليوم الثاني.
وقال الباحث في الدراسات الإسلامية معاذ البدري “تعد الأوقاف الإسلامية في مدينة سامراء واحدة من أكثر المشكلات المفتعلة بعد الاحتلال والتي يتجاوز تأثيرها حدود المدينة إلى واقع العراق كله، بالنظر لارتباط ملفات سامراء عامة وأوقافها على وجه الخصوص بمشروعات ذات أبعاد سياسية.
وأشار في بحثه الموسوم “الأوقاف الإسلامية في سامراء: واقعها والتحديات التي تواجهها”، إلى أنه لا تقتصر مقاصد الاستيلاء عليها والمصادرة والعبث بالهوية الحضارية للمدينة فحسب، بل تتعدى ذلك إلى جوانب اقتصادية وسياسية وثقافية وديموغرافية وأيديولوجية.
وتناولت الباحثة الجزائرية أحلام لغريب “أوقاف البيمارستانات في بغداد أحوازها خلال العصر الوسيط، راسة في التطور التاريخي ومصدر التمويل”.
وقالت الباحثة الجزائرية “يُعدّ وقف البيمارستان من أجلِّ ما أنجبت الحضارة الإسلامية، والذي اشتهرت به عاصمة الحضارة بغداد، لما له من نتائج وآثار كبيرة على الحياة العامة وخدمات للإنسانية، فهو تعبير عن الشريعة الدينية على أرض الواقع”.
وعرض الدكتور كمال صادق ياسين لَكْ من جامعة صلاح الدين، لموضوع “الأراضي الموقوفة للحرمين الشريفين في شمال العراق وحكمها: دراسة فقهية”.
وقال “توجد العديد من الأراضي الموقوفة للحرمين الشريفين في مدينة دهوك بكردستان العراق، وهي مسجّلة رسميًا في دوائر الأوقاف في المدينة، وكان ريعها سابقًا يذهب إلى إدارة شؤون الحرمين”.
وتناول خطاب عزيز سليمان من جامعة صلاح الدين في الجلسة الأولى من اليوم الثاني لأعمال المؤتمر العلمي الخامس لهيئة علماء المسلمين في العراق “واقع الأوقاف الحالي في العراق دراسة تطبيقية للوقف المشترك في كردستان العراق”.
وقال “تأثر الوقف كثيرًا في كردستان العراق بالمشكلات والتحديات الداخلية؛ بسبب ضياع أصول الأوقاف وبيعها بعضها لأسباب مختلفة منها التدخلات السياسية، واستهداف الوقف بشكل مباشر نتيجة المتغيرات والتقلبات السياسية في البلاد وعلى مدار عقود، وعدم السيطرة الكاملة على الأراضي الموقوفة واستخدامها لتحقيق مصالح أخرى خارج شروط الواقف.
وكشف المستشار القانوني السابق لديوان الوقف السني؛ الدكتور هشام عبد المالك الصميدعي، في بحثه “اعتداء دوائر التسجيل العقاري في بغداد على عقارات الأوقاف دراسة ميدانية لوقف نعمان الباججي” التلاعب في سجلات دوائر التسجيل العقاري في العراق وتسجيل الأراضي الوقفية بأسماء أشخاص، من قبل المسؤولين فيها.
وكانت الجلسة الثالثة التي عقدت مساء الأربعاء قد ناقشت مجموعة من البحوث المتعلقة بواقع الأوقاف في المؤتمر الخامس لهيئة علماء المسلمين في العراق.
وعبر الدكتور فرست مرعي، أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة زاخو، عن أسفه أنّ المؤسسة الوقفية في العراق قد تعرضت خلال مراحل التاريخ الإسلامي الى انتهاكات وتجاوزات في حقب عديدة، لا سيما عندما كان المسلمون يمرون بأزمات بفعل عوامل داخلية وخارجية.
وركز الدكتور مرعي في بحثه على “أملاك الوقف في الموصل بين تزييف التاريخ وظلم الواقع دراسة تقويمية”
والقى في الجلسة نفسها الدكتور إدهام محمد حنش بحثا تحت عنوان “الاستثمار الأمثل للأوقاف العلمية في مدينة الموصل”.
وقال الدكتور محمود عبد الله محمود من جامعة السليمانية، إنّ العراق ما يزال من أكثر البلدان الإسلامية التي انتشر فيها الوقف، فلا تكاد تخلو قرية أو مدينة من وقف أو أوقاف خُصِّصت للمساجد أو للمؤسسات التي تنشر الثقافة الإسلامية، فكان له دور في تعليم العلوم الإسلامية ونشر دعوتها.
جاء ذلك في بحثه الموسوم “دور الوقف في خدمة دور العبادة ونشر الثقافة الدينية: أوقاف أربيل أنموذجًا” ضمن الجلسة الثالثة من اليوم الأول لأعمال المؤتمر العلمي الخامس لهيئة علماء المسلمين في العراق.
والقى الدكتور عباس العبيدي من جامعة ديالى، بحثا بعنوان “دور الوقف في دعم المرابطين في سبيل الله تعالى في العراق في العصر العباسي”.
وقال الدكتور العبيدي “ممّا يؤكد على أهمية الوقف على الجهاد في سبيل الله؛ الدفاع عن الأمة والحفاظ على بلاد المسلمين، وكذلك فك أسرى المسلمين وإعداد تلك الجيوش، ليُظهر أهمية هذه المؤسسة في العمل على حفظ هيبة الأمة، وضمان الاستقرار فيها”.
وتناول الدكتور كامِران أورحمان مجيد من جامعة السليمانية “مساهمات الوقف للتنمية الثقافية في المجتمع الإسلامي: العصر العباسي الثاني في بغداد مثالاً” ضمن الجلسة الثالثة من اليوم الأول لأعمال المؤتمر.
وقال الدكتور كامِران “للأوقاف دور كبير في معالجة الظواهر الاجتماعية، وتحقيق التوازن والتكافل الاجتماعي، بالإسهام في اطمئنان الفقراء، والمساكين، وأبناء السبيل، والأرامل، واليتامى، والشيوخ، والمرضى، وحتى الطفل الرضيع.
وقال الدكتور قتيبة عبد الرحمن العاني الباحث السابق في المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم بدبي، إنّ الوقف ليس مجرّد نظام إسلامي لحلّ مشكلات الفقر والبطالة ومساعدة الفقراء في ديار المسلمين؛ بل يتعدّى ذلك ليصبح ضرورة عصرية في حلّ الكثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية.
جاء ذلك في بحثه الموسوم “أهمية الأوقاف في العراق في العصر الحديث” ضمن الجلسة الثالثة من اليوم الأول لأعمال المؤتمر العلمي الخامس لهيئة علماء المسلمين في العراق.
وكان قسم الثقافة في هيئة علماء المسلمين في العراق، ومؤسسة البصائر للدراسات والنشر؛ قد أقاما معرضًا للكتاب، على هامش المؤتمر العلمي الخامس؛ تتضمّن إصدارات الهيئة والمؤسسة الحديثة والمتنوعة في مجالات معرفية وفقهية وإسلامية وتاريخية.