أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

الهدوء السياسي الخادع في العراق يتبدد بأول اختبار

وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس يلغى زيارة للعراق بسبب مخاوف أمنية.

بغداد- الرافدين
تبددت مزاعم الهدوء السياسي الخادع التي يروج لها زعماء حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، في أول اختبار على الأرض عندما ألغى وزير الدفاع الألماني زيارة مقررة للعراق بسبب مخاوف أمنية.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية الأحد إن وزير الدفاع بوريس بيستوريوس ألغى زيارة كانت مقررة للعراق، مشيرًا إلى مخاوف أمنية بعد إضرام النار في السفارة السويدية ببغداد الأسبوع الماضي احتجاجًا على حرق المصحف.
وأوضح المتحدث أن إلغاء زيارة بيستوريوس، التي كان من المفترض أن تستمر عدة أيام، جاء أيضًا ردًا على احتجاجات عنيفة ضد منظمة دنماركية غير حكومية في العراق.
وأضاف المتحدث أن ذلك، إلى جانب احتمال حدوث مزيد من الاحتجاجات في الأيام المقبلة، دفع قوات الأمن الألمانية للنصح بإلغاء الزيارة.
في غضون ذلك قالت شركة معدات الاتصالات السويدية إريكسون، إنها تستوثق من تقارير عن أن بغداد علقت تصاريح عمل موظفين في العراق وتدرس الآثار المحتملة على العملاء والموظفين هناك.
وطرد العراق، الخميس، السفيرة السويدية احتجاجًا على خطط لحرق نسخة من المصحف في ستوكهولم دفعت مئات المحتجين إلى اقتحام السفارة السويدية في بغداد.
وقال متحدث باسم شركة إريكسون في رسالة بالبريد الإلكتروني إن “الأحداث التي وقعت في السويد، والتي تضمنت حرق نسخة من القرآن الكريم، مسيئة بشدة للمعتقدات والقيم الدينية التي يعتز بها المسلمون في جميع أنحاء العالم”.
وأضاف “هذا العمل لا يعكس قيم الاحترام الأساسية التي تتبناها إريكسون”.
وقالت إريكسون، التي يعمل لديها عشرات الموظفين بدوام كامل في العراق، إن سلامة موظفيها وشركائها وعملائها على رأس أولوياتها.
إلى ذلك أكد المجلس الدنماركي للاجئين، تعرض موقع له في جنوب العراق إلى “هجوم مسلح”، مضيفًا في بيان أن موظفيه “لم يتعرضوا لأذى جسدي”، لكن المبنى قد أحرق.
ووقع الهجوم الذي استهدف موقع المنظمة في البصرة في جنوب العراق، “في ساعات الصباح الأولى من يوم السبت”، كما قال المدير التنفيذي للمنظمة في الشرق الأوسط ليلو تابا في بيان.
وتابع البيان أن “موظفينا الذين كانوا في المكان في تلك اللحظة لم يتعرضوا لأذى جسدي، لكن المباني في الموقع تعرضت لأضرار وبعضها أحرق”، مشيرًا خصوصًا إلى وجود حراس لحظة وقوع الهجوم.
وأضاف البيان أن “الموظفين في المجال الإنساني لا ينبغي أبدًا أن يكونوا هدفًا للعنف”، مؤكدًا أن “المجلس الدنماركي للاجئين يعمل في العراق منذ 20 عامًا، ويقدّم الدعم للسكان المتضررين من النزاعات والنزوح، وينفّذ عمليات نزع للألغام”.
وحاولت حكومة السوداني الإيحاء بأن الأمور تحت سيطرتها، فيما القوات الأمنية الحكومية لا تستطيع الدخول في مواجهات مع الخصوم المتصارعين على المشهد بين ميليشيات الإطار التنسيقي وأنصار التيار الصدري.
يأتي ذلك بعد أن أجمعت دراستان لمركزي أبحاث أمريكي وهولندي على أن الهدوء السياسي الخادع، لا يعني أن حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني قادرة على التقدم خطوات سياسية جادة إلى الأمام.
وذكرت الدراستان اللتان نشرتا في معهد “بروكينغز” الأمريكي، ومعهد أبحاث “كليجنديل” الهولندي أن هدوءًا خادعًا قائمًا في العراق منذ مجيء السوداني إلى الحكم، إلا أن الخصومات والصراعات بين القوى والأحزاب الحاكمة ستؤدي إلى كسر هذا الهدوء.
وأشارت إلى أن مرحلة الشهور الأولى من ولاية السوداني، اتسمت بمحاولة ارضاء الجميع، عبر توزيع المناصب للاستفادة من امتيازات الدولة الثرية بالبترول. لكن كل ذلك على وشك الانتهاء لتقترب العملية السياسية من الصراع المعهود والقائم منذ عام 2003.
وتتفق دراستا المركزين الأمريكي والهولندي مع المؤشرات السياسية التي يذهب لها المتابعون للمشهد العراقي، بأن هناك من “يبيع الغبار على أنه إنجازًا” وهذا أمر لا يمكن أن يستمر طويلًا مع حكومة الإطار التنسيقي ويمنع تأجج الغضب الشعبي العراقي ضد الأحزاب الفاسدة.
وقال الكاتب كرم نعمة “كل الذي حصل يمكن وصفه بالوهم السياسي المتعمد وليس الصبر الاستراتيجي الذي يزعم أن النجاح قائم في دولة تتبوأ أعلى مراتب الفساد في العالم.”
وأوضح “من السهولة بمكان تفنيد المؤشرات التي تزعم بهذا النجاح السياسي، بمجرد الاستماع الى الشارع العراقي، أو بالحصول على إجابات للأسئلة الوجودية الكامنة في العملية السياسية القائمة منذ عشرين عامًا، من فساد المنظومة برمتها، إلى الصراع على المغانم، ثم التوافق الهش، سطوة الميليشيات والسلاح خارج سيطرة الدولة”.
وأضاف “هناك تكاليف باهظة لنجاح العملية السياسية في العراق، ولا أحد من المشاركين فيها يريد تسديدها، لأنه لا أحد أيضًا من سياسيي المنطقة الخضراء يريد التوقف عن حرق المليارات من أموال العراق في الفساد، فبمجرد اختلال المعادلة القائمة: سياسي فاسد مقابل شعب متضرر، سينفجر قدر الضغط الكاتم بوجه المنطقة الخضراء”.


كرم نعمة: من السهولة بمكان تفنيد المؤشرات التي تزعم بالنجاح السياسي، بمجرد الاستماع الى الشارع العراقي، أو بالحصول على إجابات للأسئلة الوجودية الكامنة في العملية السياسية القائمة منذ عشرين عامًا

ويحاول السوداني أن يوحي بأن الصراعات بين القوى والأحزاب انتهت، وحكومته متفرغة حاليًا للمشاريع الاقتصادية والخدمية.
ووصف مايكل نايتس الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج. الهدوء السياسي القائم منذ تشكيل حكومة الإطار التنسيقي في العراق بـ”الخادع” الذي لن يطول قبل أن تحل لحظة الانفجار.
وأكد على أن الإطار التنسيقي يحكم بسلطة مطلقة لم يشهدها العراق ويحرك رئيس الحكومة محمد شياع السوداني كدمية في رئاسة الحكومة.
وكتب نايتس الباحث في معهد واشنطن دراسة مطولة بعنوان “العراق ينهار بهدوء” نشرت في مجلة “فورين آفيرز” الأمريكية ومعهد واشنطن للدراسات، شدد فيها على أن العراق يدخل “مرحلة خطيرة بشكل فريد” حيث حقق حلفاء إيران سيطرة لا سابق لها على البرلمان والقضاء والسلطة التنفيذية، وهم يتلاعبون بسرعة بالنظام السياسي لصالحهم وينهبون ثرواته.
وقال “الهدوء الظاهر في العراق قد يتحول إلى الهدوء الذي يسبق العاصفة”.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد مددت حالة الطوارئ المتعلقة بالأوضاع في العراق، في رسالة عدم ثقة بزعماء العملية السياسية في العراق بما فيهم رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني.
وذكر البيان الذي رافق قرار التمديد ونشره موقع البيت الأبيض “لا تزال هناك عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية”
وجاء قرار التمديد بالتزامن مع تصريحات تلفزيونية للسفيرة الأمريكية في بغداد ألينا رومانوسكي، قالت فيها “إن العراقيين لا يريدون دولة تسيطر عليها ميليشيات، وأن الولايات المتحدة لن ترحل عن المنطقة، وأن العراق يمثل أهمية استراتيجية كبيرة لدى واشنطن”.
ويرى مراقبون أن الرسالة الأمريكية في غاية الوضوح، بأن الهدوء السياسي الخادع الذي تعيشه حكومة الإطار التنسيقي ليس موضع اطمئنان، وأن واشنطن مع بقاء الوضع في العراق على ماهو عليه في الوقت الحاضر، إلا أن ذلك لا يعني أن زعماء العملية السياسية موضع ثقة دائمة.
وسبق أن نصحت وزارة الخارجية البريطانية بعدم السفر إلى جميع محافظات العراق، لضمان سلامة البريطانيين في بلد يعاني من الأوضاع الأمنية والسياسية القلقة.
وحذرت الوزارة في بيان نشر على موقع الحكومة الرسمي، من أن العراق لا يزال عرضة للتوترات السياسية والاحتجاجات الشعبية والتصعيد الإقليمي.
وأشارت إلى تعرض مدن شمال العراق في إقليم كردستان إلى هجمات متقطعة بالمدفعية والطائرات بدون طيار والصواريخ من دول جوار العراق. الأمر الذي يعرض حياة البريطانيين للخطر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى