أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مفوضية الانتخابات في العراق: عزوف كبير للناخبين عن تحديث سجلاتهم

المشاركة المتدنّية في تحديث سجلات الناخبين، تعكس حالة الغضب والنقمة الشعبية على الطبقة الحاكمة وما خلفته من فساد وخراب ضرب كل مؤسسات الدولة.

بغداد – الرافدين

كشف مسؤول في المفوضية العليا للانتخابات في العراق عزوف المواطنين عن تحديث سجلاتهم او تسلم بطاقاتهم الانتخابية ما يدل على عدم رغبتهم بالمشاركة بانتخابات مجلس المحافظات المؤمل اجراؤها نهاية العام الحالي.
وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه إن “نحو 4 ملايين عراقي لم يحدثوا بياناتهم وسجلاتهم الانتخابية، ولن يحق لهم المشاركة بالانتخابات والتصويت في حال عدم تحديثها”، مضيفًا أن “الرقم كبير جدًا ويؤشر على عزوف الناخبين عن المشاركة”.
وأشار المسؤول إلى أن “المفوضية اتخذت تسهيلات كبيرة جدًا لإجراء عمليات التحديث، وافتتحت مراكز متعددة ليسهل على الناخب تحديث سجله، لكن مع ذلك هناك ضعف في الإقبال رغم كونها أحد شروط المشاركة في الانتخابات المقبلة بحسب قانون الانتخابات المعدل لعام 2023”.
وكانت المفوضية قد بدأت، منذ مطلع أيار الماضي، استعداداتها الفنية لانتخابات مجالس المحافظات التي تجرى لأول مرة منذ نيسان 2013 وتعتمد نظام الدائرة الانتخابية الواحدة بصيغة “سانت ليغو” بدلاً من الدوائر المتعددة الذي كان معمولاً به خلال الانتخابات التشريعية الماضية، في محاولة لزيادة مقاعد القوى والميليشيات التي منيت بهزيمة في انتخابات مجلس النواب الأخيرة.
وكانت حكومة بغداد قد حددت يوم الثامن عشر من كانون الأول المقبل موعدًا لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، لـ 15 محافظة ماعدا محافظات كردستان العراق.
ويُثار جدل بشأن نسبة المشاركة المتوقعة في الانتخابات، خاصة مع تأكيدات بأن أرقام من لم يحدثوا سجلاتهم أكبر بكثير من العدد المعلن.
وأكد عضو في البرلمان الحالي أن “التوقعات تشير إلى أن نسب المشاركة لن تكون أكثر من متوسطة”.
وأضاف أن “التسريبات تؤكد أن عمليات تحديث السجلات ضعيفة جدًا حتى الآن، وأن ملايين العراقيين ممن تحتاج سجلاتهم إلى تحديث، كالحذف والنقل والتصحيح، فضلاً عن إضافة مواليد 2004 – 2005 ممن بلغوا 18 عاما وتحق لهم المشاركة، لم يحدّثوا سجلاتهم بعد”، موضحًا أن “تلك الأعداد يضاف لها الـ3 ملايين” من أصحاب البطاقات قصيرة الأمد.
وأكد عضو البرلمان أن “هناك إحباطًا لدى الشارع العراقي من المشاركة في الانتخابات، بسبب سوء الواقع العام للبلد والعجز في تقديم الخدمات”.
ويشير مراقبون إلى أن إقرار قانون “سانت ليغو” وإصرار قوى الإطار التنسيقي التي شكلت حكومة محمد شياع السوداني على تمرير مشروع القانون الانتخابي الجديد، أحد أسباب تدني إقبال الناخبين على تحديث سجلاتهم، حيث أن إلغاء القانون كان أحد مطالب ثورة تشرين، وأن تمرير القانون سيكون سببًا في عدم إقبال العراقيين على المشاركة في الانتخابات كحال سابقاتها.
وتوقعت منظمة ديالى لحقوق الإنسان والمعنية بشؤون الانتخابات، عزوفًا شعبيًا كبيرًا بالمشاركة في الانتخابات المقبلة بسبب سطوة مافيات المال السياسي والزعامة الانتخابية.
وبحسب المنظمة، فإن أكثر من 70 بالمائة من السكان في ديالى، عازفون عن المشاركة الانتخابية بسبب نفوذ الأحزاب في المحافظة وهيمنتها على العملية الانتخابية برمتها.
وقالت المنظمة، إن القوى الكبيرة بدأت تزج بعناصر من أفراد أسر زعمائها في الانتخابات القادمة، لحماية المال السياسي ومسك السلطة، وحماية المصالح بشتى السبل.
ولفتت إلى أن محافظة ديالى شهدت بعد انتخابات 2010 تضخمًا كبيرًا لإمبراطوريات مالية ما زالت تستحوذ على الساحة السياسية والانتخابية.
ورجح النائب محمد عثمان الخالدي أن لا تصل نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات إلى 20 بالمائة مع وجود مؤشرات عزوف وحالة عدم ثقة بالعملية السياسية برمتها بسبب أخطاء متكررة للحكومات وتجاهل القوى السياسية لوعودها، فضلًا عن عودة الوجوه التقليدية التي تحاول إعادة تدوير نفسها.
وقال الخالدي، إنه تم إبلاغ الأمم المتحدة بأن انتخابات مجالس المحافظات ستشهد عزوفًا كبيرًا، وستكون الأقل مشاركة على الإطلاق منذ 2003 وحتى الآن.

رفض شعبي لتكرار نفس الوجوه الفاسدة في الانتخابات

ولا يثق الغالبية العظمى من العراقيين بالقوى السياسية والميليشياوية المستحوذة على السلطة منذ احتلال العراق عام 2003، كما ينظرون الى المجاميع التي تقدم نفسها بـ “المستقلة” بانها جزء من كذبة الانتخابات المكشوفة.
ومثلت انتخابات مجلس النواب الأخيرة صفعة سياسية للقوى الحاكمة عندما قاطعها أكثر من 80 بالمائة من الناخبين العراقيين، كما أنها كشفت عن هزالة تأثير الأحزاب والميليشيات الطائفية على الشارع العراقي، بعد هزيمتها في تلك الانتخابات.
وقال مراقبون إن “العزوف الكبير في الانتخابات السابقة لم يكن محرجًا للحكومة فحسب، بل للبعثة الأممية في العراق”.
ووصف مراقبون ترويج رئيسة البعثة الأممية في العراق جنين بلاسخرت للانتخابات بالمبتذلة، بعد أن استبقت المقاطعة بالقول ان المنظمة الدولية ستعترف بنتائجها مهما كان نسب المشاركة.
وأضافوا أن “المشاركة المتدنّية في تحديث سجلات الناخبين، تعكس حالة الغضب والنقمة الشعبية على الطبقة الحاكمة وما خلفته من فساد وخراب ضرب كل مؤسسات الدولة، وانعكس على المواطن في معيشته التي تزاداد سواء يوما بعد آخر، بينما لم ير من النظام سوى الوعود الكاذبة والشعارات الفارغة”.
ولا يبدو الوضع في محافظات كردستان شمال العراق، مختلفًا كثيرًا عن بقية محافظات العراق حيث تشير التوقعات بمقاطعة سكان تلك المحافظات للانتخابات المقبلة.
وقال باحثون في الشأن السياسي الكردي إن “سكان كردستان العراق سيهجرون الانتخابات المقبلة”.
وأشاروا إلى أن المواطن الكردي أصبحت لديه ردة فعل من الانتخابات بسبب كم المشاكل التي يعاني منها في الجوانب الاقتصادية والخدمية وتأخر صرف الرواتب وفشل الطبقة الحاكمة المتصارعة بين الحزبين الرئيسيين.
وأضافوا أن القائمين على تحديث سجلات الناخبين أغلبهم من أنصار الأحزاب التي بدأت بتحشيد جماهيرها، مشيرين الى أن نسبة المقاطعة في الانتخابات المقبلة سواء لمجالس المحافظات أو برلمان كردستان سترتفع بدرجة كبيرة جدًا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى