حكومة السوداني تثير الضغينة داخل المجتمع العراقي بإضافة عطلة من تاريخ ملتبس
بعد حفل طائفي لتقسيم المجتمع العراقي أقامته أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي، حكومة السوداني تنصاع لمطالب المالكي والخزعلي وحمودي بإضافة عطلة جديدة تكبل الاقتصاد العراقي.
بغداد- الرافدين
أضافت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني “يومًا” مستلًا من التاريخ الملتبس واعتباره عطلة رسمية في البلاد، في مسعى طائفي لتقسيم المجتمع العراقي وإثارة الخلاف والكراهية والضغينة بين الشعب الواحد.
وصوّت مجلس الوزراء في موقف لا مسؤول على اعتبار “الغدير” من كل عام عطلة رسمية. يأتي ذلك بعد أيام من مهرجان طائفي أقامته أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي وأثيرت فيه خطب ومزاعم طائفية لزعيم حزب الدعوة نوري المالكي وزعيم ميليشيا العصائب قيس الخزعلي وزعيم المجلس الإسلامي همام حمودي.
ويثير القرار الحكومي المزيد من الفرقة بين العراقيين وتقسيمهم بناء على روايات طائفية ملتبسة لا يوجد اتفاق إسلامي عليها، ويكون العراق بذلك البلد الإسلامي الوحيد الذي يشرع عطلة بهذا الموعد وفق مرويات تاريخية تعود إلى أكثر من 1400 سنة.
وتكبل العطلة الجديدة المضافة، فضلًا لدوافعها غير الوطنية، الاقتصاد العراقي المكبل بالأساس بعطل عبثية على مدار السنة.
وأثار إعلان إضافة يوم طائفي يعطل فيه الدوام الرسمي استهجان الشارع العراقي وتذمره، وسط احتفال عناصر الميليشيات الولائية، بينما تكبد العطل الرسمية وغير الرسمية خسائر مالية بملايين الدولارات لخزينة العراق عن كل يوم تتوقف فيه الأعمال، وفقًا لخبراء اقتصاديين، نتيجة عدم تعويض ساعات العمل في دوائرها ومؤسساتها.
وكتبت الناشطة زهراء جمال “أحذية الغزاة بهيئة البشر تركوا المرضى يموتون جراء انعدام الكهرباء في درجة حرارة تصل إلى 55 وفي ثاني بلد منتج للنفط، تركوا جفاف دجلة والفرات وانهيار الدينار وكافة القطاعات الخدمية وجيوش الفقراء والساكنين في العراء، وراحوا يبيعون مخدرات باسم الغدير”.
وتتسم، العطل في العراق بطابع غير منظم، حيث تقرر الحكومات المحلية تعطيل الدوام الرسمي لأية مناسبة مختلف عليها أو لأي ظرف طارئ، بعيدًا عن قرار الحكومة في بغداد.
وتستمر بعض العطل بمحافظات عراقية لأسبوع أو عشرة أيام، بينما محافظات أخرى تمارس دوامها الرسمي بشكل طبيعي، حيث تتخذ العطل في الغالب طابعًا مذهبيًا وقوميًا، بينما أصبحت العطل الوطنية هي الأقل.
وتعدّ، ظاهرة كثرة العطل الرسمية في العراق واحدة من أكبر المخاطر التي تشلّ الحياة العامة لا سيما ما يخصّ تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين، وما يتعلق بالتربية والتعليم، وما يلحق ذلك من أضرار اقتصادية وعامّة، لتأتي الزبائنية السياسية وتدخّل الأحزاب في مقدمة الأسباب التي تمنع تشريع قانون يُقلّص أيام العطل.
وتشير تقارير وإحصائيات رسمية إلى أن العراقيين يتمتعون بنحو 150 يومًا من العطل الرسمية سنويًا، حيث يكون أكثر من 30 بالمائة من هذه العطل لمناسبات تاريخية ودينية مختلفة ومتعدّدة لكل الطوائف التي تضاعفت عطلها كثيرًا بعد الاحتلال الأمريكي للبلاد عام 2003.
ويعد العراق من بين أكثر البلدان في العالم الذي يعلن عن عطل رسمية، الأمر الذي ينم عن عدم مسؤولية حكومية حيال الوضع الاقتصادي للبلاد.
وترى، العضو السابق في البرلمان، ريزان شيخ دلير، أن أغلب العطل حسب المكونات والأحداث اليومية هي لمُجاملات سياسية، وفي كل بلدان العالم تكون العطل محددة لكن العكس يحدث في العراق، والمواطنون لديهم مشاكل ومعاملات في دوائر الدولة وتحديدًا المحاكم، فكثرة العطل تؤخر الكثير منها لأسابيع أو أشهر أحيانًا، فيكون المواطن هو المتضرر.

وقالت “إن العدد الهائل في العطل الرسمية يُصيب المؤسسات الحكومية والتعليمية بالشلل، حيث تُعاني المدارس من عدم قدرتها على إكمال المناهج الدراسية، كما أن ما يتلقاه الطلاب خلال العام الدراسي ضئيل وغير كافٍ لتطوير مهاراتهم.”
وقال مسؤول حكومي إنّ “موضوع العطل هو واحد من المواضيع الشائكة في العراق وتتداخل فيه أمور عدة، وربما هو من أكثر الملفات فوضوية، لأسباب مختلفة، أبرزها ممارسة بعض المكونات والأحزاب السياسية، عملية فرض الهوية، أو ما يعرف بإثبات الوجود عبر قضية العطل”.
ويمثل، الإعلان المتكرر لتعطيل الدوام لأسباب عديدة مثار جدل في الأوساط الاجتماعية في العراق، نتيجة تأثير العطل على الاقتصاد العراقي وإنتاجية الفرد في المجتمع في ظل هروب الحكومة من مسؤولياتها عبر إعلان العطلة دون وضع الحلول الجذرية لمثل هذه الأزمات المتفاقمة.
وتكبد، العطل الرسمية وغير الرسمية، خزينة العراق خسائر مالية بملايين الدولارات عن كل يوم عطلة، وفقًا لخبراء اقتصاديين.
ويرى الخبير الاقتصادي، هيثم العكيلي، أن “العطل هي محطات لراحة العاملين عندما يعملون وتكون هناك نتائج واضحة لعملهم وأن هذا التعطيل يكون محسوبًا من ضمن وقت العمل، إلا أنه عندما لا تكون هناك نتائج واضحة للعمل فإن العطل تعد خسائر تضاف إلى الخسائر الأخرى التي تتكبدها الدولة”.
وأضاف “في اقتصاد مثل اقتصاد العراق الذي لا تعرف معالمه ولا أهدافه بشكل واضح، تعد العطل بكل أنواعها والتي تشكل بحدود 30- 35 بالمائة من ساعات العمل التي يتقاضى العاملون عنها أجرًا، هي هدر للأموال وإضاعة لفرص التقدم التي يعتبر العراق حاليًا بأمس الحاجة لها” مشددًا على ضرورة “إعادة النظر بقوانين العطل من أجل تعويض الفرص الفائتة”.
ويعاني العراق من، بطالة مقنعة تستنزف خزينة الدولة بسبب تراجع إنتاجية الموظف العراقي الذي اعتاد على الكسل والعطل الكثيرة وفقًا لخبراء في علم الاجتماع والنفس.
وسبق وأن توصلت دراسة أجرتها كلية اقتصاديات الأعمال في “جامعة النهرين” إلى أن إنتاجية الموظف العراقي تبلغ 17 دقيقة فقط يوميًا، مشيرة إلى أن الإغلاق التام للدوائر والمؤسسات خلال العامين الأخيرين بسبب جائحة كورونا أدى إلى تراخي الموظفين.
ويرى المختص في الشأن الاقتصادي، حسين شاكر، تأثيرًا سلبيًا لـ “العطل الكثيرة على عمل البنك المركزي والمصارف العراقية لارتباطها بالبنوك العالمية والسياسة التجارية العالمية، وبالخصوص إذا كان هناك عدم توافق بين العطل والمناسبات في العراق مع العطل العالمية”.
وقدرت شبكة المستشارين الميدانيين أن العراق يخسر نحو 2.5 مليار دولار شهريًا بسبب العطل الرسمية.
وقالت الشبكة إن العراق في صدارة البلدان التي تعطل الدوام الرسمي للقطاعين الخاص والعام في مناسبات وطنية ودينية متنوعة ولأسباب مختلفة، وأن هذه العطل باتت تسبب كسادًا واضحًا من جهة، وتراجعًا كبيرًا في المستوى التعليمي من جهة أخرى، إضافة إلى تأخير عدة مشاريع مهمة في الإعمار والتنمية.
