أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

أزمة رواتب موظفي كردستان العراق تكشف أن التحالفات تنتهي مع تقاسم المحاصصة

مصدر مسؤول في وزارة المالية والاقتصاد بحكومة كردستان العراق: وزارة المالية في حكومة الإقليم لا تستطيع تأمين حتى ربع رواتب الموظفين لشهر حزيران.

أربيل – الرافدين
يعيش مواطنو كردستان العراق قلقًا متزايدًا نتيجة عدم صرف رواتب موظفي القطاع العام في الإقليم لشهر حزيران فيما يقترب تموز الجاري من نهايته، وسط ضغط متزايد على حكومة كردستان التي لا تملك حتى ربع رواتب الشهر.
وكشفت أزمة رواتب موظفي كردستان العراق عن الاستياء الشعبي المتصاعد من جراء تأخر صرف الرواتب المتكرر بسبب الخلافات على آلية تنفيذ اتفاق الموازنة بين حكومة كردستان العراق وحكومة الإطار التنسيقي في بغداد.
ويعاني الموظفون والمتقاعدون في كردستان العراق من تأخر صرف رواتبهم الشهرية لفترات طويلة، فيما تشهد حكومة كردستان العراق أزمة مالية بسبب تعليق تصدير النفط وتسليمه إلى بغداد، وسط عدم إرسال بغداد مستحقات كردستان من الموازنة.
وكان مصدر مسؤول في وزارة المالية والاقتصاد بحكومة كردستان العراق، قد أكّد على أن “وزارة المالية في حكومة الإقليم لا تستطيع تأمين حتى ربع رواتب الموظفين لشهر حزيران، بسبب عدم وجود السيولة المالية، نتيجة لعدم استئناف تصدير النفط، وعدم إرسال بغداد للتخصيصات المالية”.
وحمّل وزير المالية والاقتصاد في حكومة كردستان العراق، آوات شيخ جناب، حكومة الإطار التنسيقي مسؤولية رواتب موظفي الإقليم، داعيًا إلى عدم سؤاله عن هذا الأمر مجددًا وتوجيه السؤال لوزارة المالية في بغداد.
وقال شيخ جناب، “عندما تضيع الإيرادات السابقة للمنطقة يصبح من المستحيل دفع الرواتب، ومن الآن فصاعدًا يجب توجيه الأسئلة المتعلقة بالرواتب إلى وزارة المالية”.
وأضاف “ليس هناك سبب يمنع بغداد من إرسال أموال إقليم كردستان، ولا أعتقد أنه تم تنفيذ أي شيء في المقابل، لكننا رغم ذلك مستعدون لتنفيذ جميع المطالب بشفافية شديدة”.
وتكشف تصريحات شيخ جناب عن هشاشة التحالفات في العملية السياسية، وسياسة الابتزاز التي ينفذها الإطار التنسيقي ضد شركاءه السياسيين، بعد الوعود التي قدمها الإطار لحكومة كردستان العراق مقابل تشكيل الحكومة وتمرير قانون الموازنة العامة للبلاد.
وهو ما أكده، قيادي بارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني بمدينة أربيل، من أن “صفحة قانون الموازنة أثبتت أن أطرافًا داخل الإطار التنسيقي لا يمكن الثقة بهم، ولا يلتزمون بأي اتفاق إلا بوجود ضامن له”.
ونقلت مصادر صحفية عن القيادي الذي طلب عدم ذكر اسمه، قوله إن “تمرير الموازنة بصيغة الغالب والمغلوب، يؤكد أن ائتلاف إدارة الدولة مجرد غطاء لتشكيل الحكومة الحالية وانتهى مفعوله، لكن يمكن الاتعاظ مستقبلًا في كيفية التعامل مع عدد من أطراف الإطار التنسيقي، كونهم لا يحترمون كلمتهم ووعدهم”.
من جانبه، قال عضو الحزب الشيوعي الكردستاني في أربيل، هيمن علي، إن “التحالفات في العراق تتشكل لمصالح وتنتهي مع تقاسم المحاصصة بالمناصب والوزارات الحكومية، وبعدها يعود كل شيء على حاله، وهذا يؤكد أن الطائفية والصراع المكوناتي في العراق سياسي بالدرجة الأولى، ويُستخدم حسب الحاجة، وللأسف الشارع يكون ضحية له”.
وقال عضو اللجنة المالية النيابية، سوران عمر، إن “حكومة بغداد تشترط تسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية لإقليم كردستان كافة على أن تعيد نصف الإيرادات الاتحادية لنفسها وإعادة النصف الآخر لإقليم كردستان”.
وقال نائب رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب، مريوان قرني، إن “ما تطالب به حكومة بغداد غير قانوني لأنه وفقًا لقانون إدارة المالية العراقية، فإن 50 في المائة فقط من الإيرادات الاتحادية تعود إلى بغداد وليس كل الدخل”.
ويرى رئيس مركز “التفكير السياسي” في بغداد، إحسان الشمري، أن “سبب الإخلال بالاتفاقات هو وجود من يحاول تقويض مكتسبات إقليم كردستان، وهناك من يريد تحقيق انتصار سياسي، وهناك من يريد أن ينطلق بدعاية مبكرة في انتخابات مجالس المحافظة”.
وأكد أن ما جرى يعطي مؤشرًا على أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يجب أن يضع في حساباته أن الاتفاقات السياسية التي وقعها مع زعماء الإطار التنسيقي أصبحت من الماضي، خاصة ما يرتبط بوعود سنّ قانون النفط والغاز وبما يرتبط بالمادة 140 من الدستور، المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وقضايا السيادة على الحدود والجمارك.
وكان مصدر اقتصادي عراقي قد عزا رفض الإطار التنسيقي لفتح حساب مصرفي تودع فيه عائدات بيع نفط إقليم كردستان العراق في بنك سيتي في الإمارات، إلى أنه سيكون خارج مناورات زعماء الإطار في صفقات الفساد.
وقال، إن زعماء الإطار يضغطون على رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، إلى تغيير فتح الحساب من الإمارات إلى بغداد.
وأضاف أن ظاهر المشكلة تبدو فنية، إلا انها في حقيقة الأمر سياسية ومرتبطة بصفقات الفساد التي يديرها كبار زعماء الإطار التنسيقي لذلك يعرقلون عملية تصدير نفط مدن إقليم كردستان العراق قبل الاتفاق على حصتهم.
وكانت حكومة إقليم كردستان قد وافقت على قيام شركة تسويق النفط العراقية المملوكة للدولة “سومو” بتسويق خامها. الا أن عملية التصدير لا زالت متوقفة بعد أن نشب الخلاف على الحساب المصرفي الذي تودع فيه العائدات.
لكن هذه الخلافات التي تبدو في ظاهرها تحمل جوانب لوجستية، إلا أنها تخفي جوانب سياسية وأخرى متعلقة بصفقات الفساد بين كل الأطراف.
وأكد مصدر بالقطاع النفطي العراقي على أن الخلاف متعلق بالحصص وخدمات الفساد المتبادلة بين كل الأطراف سواء داخل حكومة السوداني أو عند الأحزاب الكردية.
وشدد على أن زعماء في الإطار التنسيقي ينتهزون الخلاف لتحويله إلى قضية سياسية وفق تعليمات إيرانية صريحة لتعطيل تصدير نفط الإقليم عبر تركيا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى