أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

هل هناك سياحة في بلد الخراب والفساد؟

رغم امتلاك العراق مواقع سياحية وأثرية متنوعة من الجنوب إلى الشمال، يعاني القطاع السياحي ترديا واضحا نتيجة الفساد وغياب الأمن والخدمات العامة.

بغداد – الرافدين
أعلنت وزارة الثقافة والسياحة والآثار تبنيها مشروعا وصفته بالواعد لجذب السياح إلى البلاد، من غير أن تبين ما هو المشروع أو المدة الزمنية للبدء فيه وإنجازه.
وقال وزير الثقافة أحمد فكاك البدراني، إن “المشروع الذي تبنته الوزارة سيدعمه استقرار الوضع الأمني للبلاد وسهولة التنقل بين محافظاتها، إضافة إلى التأشيرة الإلكترونية التي ستطلق خلال الأيام المقبلة”.
ولم يذكر الوزير المشكلات التي يعاني منها قطاع السياحة في العراق وتحول المواقع السياحية والمعالم الأثرية إلى أمكان مهجورة نتيجة الإهمال المتعمد واندثار قسم منها نتيجة التغير المناخي كما في الأهوار جنوبي البلاد.
واكتفى الوزير ببيان أهمية السياحة للبلاد والعائدات المالية التي يمكن تحصيلها من جذب السياح من غير الإشارة إلى افتقار العراق إلى البنى التحتية والخدمات التي يحتاجها البلد لاستقبال السياح.
ولم ينعكس التنوع الكبير في المناطق السياحية والأثرية على واقع السياحة في العراق، إذ يعد البلد من أقل دول المنطقة جذبا للزوار نتيجة استمرار الأنفلات الأمني، وإهمال المعالم الأثرية والتاريخية.
ويمتلك العراق أكثر من 150 ألف موقع أثري بحسب هيئة الآثار والتراث التابعة لوزارة السياحة والثقافة، وتضم تلك المواقع آثارا حية للحضارات الآشورية والبابلية والأكادية والإسلامية، تعاني تخريبا وإهمالا متعمدا منذ 2003.
وتتهم حكومة الإطار برئاسة السوداني بالإعلان عن خطط ومشاريع للاستعراض الإعلامي وتهدئة الشارع العراقي الغاضب من استمرار الفشل في إدارة البلاد على جميع المستويات، وبقاء المشاريع والخطط الحكومية حبيسة الورق.
قال الباحث في الشأن البيئي والسياحي، حيدر المسعودي، إن “الخطط التي تعلن عنها وزارة الثقافة والسياحة، بشأن تطوير أو تمكين القطاع السياحي، غير منطقية، إذ كيف يمكن أن يتم تشجيع الزوار والسياح الأجانب على زيارة مدينة بابل الأثرية مثلا، وهي عبارة عن أنقاض لا علاقة لها بأي شكل من أشكال السياحة، وأن بعض أطرافها عبارة عن مكبات للنفايات”.
وأضاف المسعودي، أن “معظم المعالم السياحية في مناطق العراق مرتبطة بالمياه، وهي حاليا تعاني من حالة جفاف غير مسبوقة، لذلك فإن الحكومة من واجبها حل المشكلات الأساسية التي يعاني منها الشعب العراقي وهي نفسها التي تعاني منها المناطق السياحية، بعد ذلك تجد تلك المناطق متنفسا قد يخدم الواقع السياحي”.
وتعاني البنى التحتية في العراق تدهورا يحول دون استيعابها لأعداد كبيرة من السياح في استمرار للتردي العام الذي يعيشه البلد، إضافة لغياب الخدمات الأساسية مثل وسائل النقل العامة والكهرباء، إذ وصلت ساعات القطع في البلاد إلى أكثر من 16 ساعة خلال اليوم.
ويرى باحثون أن الحكومات المتعاقبة تفتقر إلى وضع خطط فعلية لتطوير قطاع السياحة من خلال إنشاء مطارات جديدة وسكك حديد وإعادة تأهيل الطرق البرية والفنادق السياحية.
تقول الباحثة شذى دلي، إن “العراق يفتقر إلى إستراتيجية واضحة لتطوير القطاع السياحي، فلا توجد بنية تحتية تغري السائح بالبقاء فيه لفترات طويلة”.
وأضافت “كيف يمكن تحويل العراق إلى بلد سياحي دون توفير العديد من الخدمات والمرافق العامة ذات الكفاءة العالية، مثل طرق المواصلات الحديثة والبنية التحتية من ماء وكهرباء وخدمات مصرفية ترتقي إلى مستوى الدول المحيطة به”.
مدير المركز العراقي الاقتصادي السياسي، وسام الحلو، قال ” مع وجود برامج حكومية مرتبطة بدعم السياحة، لكن على أرض الواقع القطاع كان مهملا”.
ويضيف أن البنى التحتية غير جاهزة أو مؤهلة بشكل كاف بسبب عدم دعم الحكومة للقطاع، حتى أنه لا توجد فنادق على مستوى عالي قرب كثير من المواقع الأثرية المهمة، الأمر الذي يجعل السائح يجد صعوبة في البقاء أكثر من يوم في مكان بعينه.
وتعرضت مواقع أثرية وتاريخية لأضرار كبيرة، بسبب العوامل الناجمة عن التغير المناخي، كالعواصف الرملية وتزايد الملوحة ما جعلها مهددة بالاندثار من غير أي تحرك حكومي.
وسبق أن أقرت لجنة الثقافة والسياحة والآثار النيابية بوجود مخاطر باندثار قرابة 10 آلاف موقع أثري في العراق.
وحمل عضو اللجنة النائب رفيق الصالحي، وزارة الثقافة مسؤولية إهمال الآثار في محافظة بابل حيث تركتها عرضتها للسرقات والظروف البيئية القاسية فضلًا عن عدم تخصيصها لموازنة مالية مستقلة لترميمها وصيانتها.
ومع التحديات الكثيرة التي يعانيها قطاع السياحة في البلاد، يعد غياب الأمن أحد أبرز أسباب عزوف كثير من السياح عن القدوم إلى العراق حيث تنتشر عصابات الجريمة المنظمة والميليشيات وعجز القوات الحكومية عن فرض القانون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى