أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

العراق يصنع المخدرات والحكومة تفشل في معالجة المدمنين

حبة الكبتاغون المصنعة في سوريا ويبلغ ثمنها دولارين منتشرة في المدن العراقية ويمكن الحصول عليها بسهولة.

بغداد – بات العراق ممراً مهماً لتجارة الكبتاغون خاصة لأن جاره الأردن، بلد ممر آخر لهذه التجارة، عزز حدوده ولا يتردد في إطلاق النار على المهربين، كما أفاد دبلوماسي غربي في بغداد لوكالة الصحافة الفرنسية.
وحتى قبل سبع سنوات فقط، كان العراق بلد ممرٍ حصراً. لكن لتمويل حقوق المرور استخدمت المخدرات عوضاً عن المال، ما أدى إلى إعادة بيعها واستهلاكها في السوق المحلية، وفق المصدر نفسه الذي طلب عدم الكشف عن هويته.
وأضاف المصدر أنه “من الممكن أن يشكل العراق سوقاً حقيقياً، في حال حصول نمو اقتصادي وارتفاع القدرة الشرائية”، في بلد يبلغ عدد سكانه 43 مليون نسمة ويضم مجتمعه نسبة كبيرة من الشباب.
ومنتصف تموز أفادت وزارة الداخلية عن اكتشاف غير مسبوق لموقع لتصنيع الكبتاغون في جنوب العراق لتتحول البلاد من مستورد ومعبر للمخدرات إلى مصنع لها.
وعلى مدى سبع سنوات، كان علي يتناول بشكل يومي نحو عشر حبوب من الكبتاغون، لكن الشاب البالغ من العمر 23 عاماً يريد الآن أن يتحرّر من إدمانه على المخدرات، الآفة التي تهدد العراق منذ عام 2003.
وتحوّل العراق، الذي له حدود مع إيران وسوريا والسعودية، إلى ممر لتجارة المخدرات. لكن في السنوات الأخيرة تفاقم فيه استهلاك المواد المخدرة، فيما فشلت الحكومة في إيجاد حلول للأزمة بسبب قيام ميليشيات متنفذة بالمتاجرة بالمخدرات مع سوريا وإيران، مثلما فشلت في معالجة المدمنين.
وأكثر أنواع المخدرات انتشاراً في العراق، هو الميثامفيتامين أو الكريستال، الذي يأتي عموما من أفغانستان أو إيران. ويوجد كذلك الكبتاغون وهو من نوع الأمفيتامين يجري إنتاجه على نطاق صناعي في سوريا، قبل أن يعبر الحدود إلى العراق ويغرق أسواق الدول الخليجية الثرية، لا سيما السعودية التي تعدّ سوق الاستهلاك الرئيسية في الشرق الأوسط.
ويستقبل حالياً مستشفى إعادة تأهيل للمدمنين افتتحته وزارة الصحة في نيسان، حوالى 40 مريضاً جاؤوا بأنفسهم إلى “مركز القناة للتأهيل الاجتماعي”.
من بينهم علي الذي يتعاطى منذ أن كان بعمر 16 عاماً، “10 أو 12” حبة كبتاغون في اليوم، كما يروي تحت اسم مستعار لوكالة الصحافة الفرنسية.
يضيف أنه كان يعمل في متجر للمواد الغذائية ودفعه زملاؤه لبدء تعاطي كبتاغون من نوع “صفر واحد”.
ويتابع الشاب المتحدّر من محافظة الأنبار الواقعة في غرب العراق والحدودية مع سوريا والسعودية “يتعاطونها في المتجر، تعطي نشاطا وقوة وتمنعك من النوم”.
ويضيف أن الحبة التي يبلغ ثمنها دولارين “منتشرة في كل مكان، منتشرة بسهولة”.

الكبتاغون السوري متوفر في كل المدن العراقية
بعدما أمضى للمرة الأولى أسبوعين في المركز عاد إلى منزله. لكنه قرر بعد ذلك الرجوع إلى العيادة خشية الاستسلام للتعاطي من جديد. ويقول إن الكبتاغون يقود المرء “إما إلى السجن أو إلى الموت”.
من حوله وفي أجواء تسودها الراحة في قاعة الرياضة في العيادة، كان رجال من مختلف الأعمار يلعبون كرة الطاولة أو “بايبي فوت”. بعضهم كان مبتسماً فيما بدت ملامح التعب على وجوه آخرين.
تضمّ العيادة قسماً للنساء. ويقضي الشخص فيها شهراً وأحياناً شهرين أو ثلاثة بحسب حالته، فيما يتلقى المرضى دعماً نفسياً أيضاً خلال جلسات فردية يومية أو جماعية أسبوعياً.
وبعد خروجهم من العيادة، يواظب المرضى على زيارات أسبوعية لستة أشهر.
يقول مدير المركز عبد الكريم صادق كريم إن العيادة تستقبل “مختلف الأعمار، تبدأ من الـ14 و15 عاماً، لكن معظمهم بالعشرينات من العمر”.
ويضيف أن نوع المخدر الأكثر انتشاراً هو الكريستال إذ “يسبب الإدمان من أول جرعة”.
من جهته يرى علي عبد الله المعاون الإداري للمركز أن التعاطي “آفة تدمّر البشر نهائياً”، موضحاً أن استهلاك المخدرات تصاعد في العراق بعد العام 2016.
وتعلن القوات الأمنية العراقية حالياً وبشكل شبه يومي عن عمليات مداهمة وتوقيفات مرتبطة بالمخدرات.
وبين تشرين الأول وحزيران 2023، أوقف 10 آلاف شخص “بتهم مرتبطة بجرائم مخدرات، من متاجرين وناقلين ومهربين ومروجين ومتعاطين”، كما قال لوكالة الصحافة الفرنسية حسين التميمي المتحدث باسم المديرية العامة لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية.
كذلك ضُبطت 10 ملايين حبة كبتاغون و500 كيلوغرام من المخدرات، بينها 385 كلغ من الكريستال القادمة من إيران على الأقل خلال الفترة نفسها، وفق الأرقام التي أفصح عنها مسؤولون من مديرية شؤون المخدرات.
ويقول التميمي إن “ملف شؤون المخدرات ملف دولي”.
وفق أرقام رسمية جمعتها وكالة “فرانس برس”، ضُبطت في الشرق الأوسط 110 ملايين حبة كبتاغون على الأقل في العام 2023.
وتدرك الحكومة العراقية خطورة الموضوع. ولذلك فتحت ثلاثة مراكز لإعادة التأهيل في محافظات الأنبار (غرب) وكركوك (شمال) والنجف (جنوب)، لاستقبال المدمنين الذين تم توقيفهم.
وتعتزم السلطات فتح مراكز في مماثلة في كافة المحافظات.
علاج لا يشفي الداء الذي حل بالعراق
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى