أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الحر اللاهب يرفع منسوب الازدراء للطبقة السياسية الحاكمة في العراق

عراقيون يعملون تحت وطأة خمسين درجة مئوية بينما تنعم الطبقة السياسية برفاهية حياة مسروقة من أعمار وأموال العراقيين.

بغداد- الرافدين
تصاعدت منسوب الازدراء بين العراقيين على الطبقة السياسية والأحزاب الحاكمة في الأسواق والبيوت تحت وطأة ارتفاع درجات الحرارة ووصولها إلى خمسين درجة مئوية، بينما تنعم الطبقة السياسية برفاهية حياة مسروقة من أعمار وأموال العراقيين.
ويشهد العراق موجة حر حيث وصلت درجات الحرارة إلى 50 مئوية في العاصمة بغداد، ما زاد من صعوبة الحياة اليومية لا سيما لمن يعملون في الخارج. فيما بددت الحكومات المتعاقبة المليارات من الأموال المخصصة لمعالجة ملف الكهرباء، في صفقات فساد ولم يتم توفير الطاقة الكهربائية للمحافظات العراقية.
وقال المتحدّث باسم دائرة الأنواء الجوية العراقية عامر الجابري لوكالة الصحافة الفرنسية إن درجات الحرارة بلغت في العاصمة بغداد خمسين درجة مئوية الأحد والاثنين، متحدثاً عن “موجة حرارة”.
أما أعلى درجات الحرارة الاثنين فمن المتوقع أن تسجل “51 في مناطق السماوة والناصرية والديوانية والنجف” في جنوب البلاد، وفق المسؤول.
وألقى ذلك بثقله على حركة السكان، فيما قلّصت بعض المحافظات العراقية لا سيما في الجنوب، مثل ذي قار الدوام الرسمي للموظفين.

نعمل في جحيم من أجل لقمة العيش
وتوقّع المسؤول أن تنخفض درجات الحرارة قليلاً في الأيام المقبلة، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الحرارة ستبقى مرتفعة في العراق حتى نهاية شهر أيلول.
في هذا البلد الغني بالنفط، يعاني قطاع الكهرباء من التهالك، ولا يوفر سوى ساعات قليلة من التيار خلال اليوم. ويلجأ البعض إلى المولدات الكهربائية، لكن ذلك يكلّف نحو 100 دولار في الشهر لكل أسرة، وقد لا يكون متوفراً للجميع.
وأكثر المتضررين من الحرارة، هم العمال المجبرون على العمل في الخارج تحت الشمس الحارقة، على غرار فالح حسن، الأب لستة أطفال والبالغ من العمر 41 عاماً، ويعمل حمالاً لنقل الأجهزة الكهربائية.
وقال الرجل فيما تصبب عرقاً وهو يقف في ساحة تتجمع فيها الشاحنات في الكرادة في بغداد إن “حرارة الشمس موت، حتى نتمكن من العمل، نشرب الماء طوال النهار”.
وأضاف الرجل الذي غزا الشيب رأسه “الحر لا يوصف لكننا مجبرين على العمل ليس لدينا أي عمل آخر”.
وقال ضابط في شرطة المرور وهو يقف وسط شارع رئيسي في بغداد، مفضلاً عدم كشف اسمه، “أعمل عشر ساعات في اليوم من السادسة صباحاً وحتى الثالثة أو الرابعة عصراً”.
وأضاف “عندما أعود للبيت أستحم ثلاث وأربع وخمس مرات لكن الحر لا يفارقني”.
ويعدّ العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً ببعض أوجه التغير المناخي وفق الامم المتحدة، وهو يواجه الجفاف للعام الرابع على التوالي.
وفي زيارة إلى العراق الأسبوع الماضي، حذّر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك من أن ما يشهده العراق من جفاف وارتفاع في درجات الحرارة هو بمثابة “إنذار” للعالم أجمع.
واستعاد تورك تعبيراً استخدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الشهر الماضي، حيث قال إن العالم قد دخل في “عصر الغليان”، مضيفاً أنه “هنا في العراق، نعيش ذلك، ونراه كلّ يوم”.
ولا تقتصر المعاناة على البشر في العراق، حيث تعاني الحيوانات أيضا. حيث تكافح حديقة الزوراء في وسط العاصمة العراقية.
وتضمّ الحديقة التي تبلغ مساحتها 55 ألف متر مربع، نحو 900 حيوان، بينها أسود وطيور جارحة، ودببة وقرود.
لعن الله حكومة وأحزاب الفساد
ولمواجهة درجات الحرارة المرتفعة، وضعت إدارة الحديقة “أحواض مياه للدببة والنمور التي تحتاج للسباحة يومياً، إضافة لمبردات الهواء”، كما يقول مدير الحديقة حيدر الزاملي.
وتجمّعت قردة تحاول الفرار من حرارة الصيف، أمام مبردّ للهواء وُضع أمام أحد أقفاصها.
مع ذلك، فإنّ المياه المخضرّة لا تشجّع النمور فعلاً على السباحة، أما أغلب الأقفاص، فهي قديمة، وبعضها “أنشئ في السبعينات”، وفق الزاملي.
ويقول الطبيب البيطري وسيم صريح إن “الأقفاص الموجودة (في الحديقة) متخلفة جداً مقارنة بالحدائق العالمية… أغلبها تلائم حيوانات المناطق الحارة، ليست لدينا أقفاص لحيوانات المناطق الباردة”.
ويشرح الطبيب أن الحرارة المرتفعة تشكّل “ضغطاً على الحيوان ما يؤدي إلى انخفاض عمره الافتراضي” مقارنة “ببقية الحدائق في العالم”.
ووفقا للطبيب، لا يتعدى أمد حياة النمر السيبيري في الحديقة 17 أو 18 عاماً بسبب الجهد الحراري، مضيفاً أن هذا “الحيوان يعيش عادة في الاقفاص حتى 20 و25 عاما” في حدائق مناطق أخرى.
ويقول إن أربعة دببة وأسود وطيور مختلفة قد نفقت خلال السنوات الماضية، مؤكدا أن “أكثر من 50 بالمئة من حالات النفوق سببها التغير المناخي”.
في غضون ذلك، بدت الحديقة خالية تماما من الزوار، فيما تتردد أصوات طيور وحيوانات بين حين وآخر.
رغم كل ذلك، يواصل عمال ومسؤولون عن الحيوانات العمل رغم أجورهم المتواضعة.
بينهم كرار جاسم (32 عاما)، وهو أب لطفلتين، يعمل منذ 15 سنة في هذه الحديقة لكن راتبه الشهري لا يتخطى 250 ألف دينار (حوالى 165 دولاراً) شهريا.
ويتولى هذا الشاب يوميا منذ الثامنة صباحا حتى الثالثة بعد الظهر تغذية ونظافة أماكن الحيوانات ومتابعتها.
ويقول البيطري وسيم صريح إن أجور العاملين “جداً قليلة ولا تتلاءم مع الخطورة التي يتعاملون معها، كإصابات وأمراض”.
ويضيف أنه على الرغم من المطالبات المتكررة، لا سيما لأمانة بغداد التي تملك الحديقة، “لم نجد أي أذان صاغية”.
وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، يرى الطبيب وسيم صريح أن “الحديقة ستنتهي في المستقبل القريب”، لا سيما في حال غياب “خطة عمل” لإعادة تأهيلها.
ويقول متحسراً إنه في حال حصل ذلك، فإن “المجتمع سيخسر”.
حيوانات حديقة الزوراء تعاني من الفساد الحكومي أيضا
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى