السوداني يسوّق الوهم عن إعادة معدات مصفى بيجي المسروقة من ميليشيا العصائب
صور قص أشرطة افتتاح المشاريع الوهمية لا تقدم منتجات للسوق العراقية، بقدر ما تكون مادة إخبارية للقنوات الفضائية وتنتهي بمجرد انتهاء عرضها.
بغداد- الرافدين
استمر رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني في ترويج الإعلانات الوهمية لإنجازات زائفة، بعد أن زعم مصدر حكومي بأن السوداني سيُعلن خلال زيارته الحالية إلى قضاء بيجي عن إعادة المواد المسروقة من مصفاتها النفطية.
وسيطرة ميليشيا العصائب على مصفى بيجي في العام 2015 وفككت معدات وآليات المصفى وقامت بسرقتها وتهريبها إلى إيران على مدار عام كامل.
وقال مسؤولون إن معدات مصفاة بيجي النفطية، تم نقلها إلى إيران بشكلٍ كامل من قبل ميليشيات منضوية في الحشد الشعبي. وعرضت وسائل إعلام محلية في حينها صوراً لمعدات، قالت إنها “تعود للمصفاة والتُقطت بعد دخولها الأراضي الإيرانية”.
وسيطرت مليشيات الحشد على مدينة بيجي بشكل كامل بضمنها المصفاة نهاية عام 2015، بعد معارك استمرت نحو ثلاثة أشهر مع مقاتلي تنظيم داعش، لتتم بعدها مرحلة من عمليات سرقة ونهب طاولت المصفاة.
ولم يعلن المصدر الحكومي عن آلية إعادة المعدات المسروقة من قبل ميليشيا العصائب بزعامة قيس الخزعلي، والمهربة إلى إيران.
وقوبل تصريح المصدر الحكومي باستهجان شعبي وفني، لأنه يتعمد استغفال الرأي العام عندما يبيع الوهم ويتحدث عن إعادة معدات وأبراج وأوعية ضغط عالي ومراجل ومبادلات حرارية وفلاتر من الحديد المقاوم للصدأ ومكابس، تم تهريبها على مدار أشهر من عناصر ميليشيات الحشد الشعبي إلى إيران.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء الحالي، في بيان، أن “السوداني وصل إلى بيجي على رأس وفد حكومي، لافتتاح ومتابعة عدد من المشاريع الاستراتيجية والخدمية”.
ويرى مهندسون أن صور قص أشرطة افتتاح المشاريع الوهمية لا تقدم منتجات للسوق العراقية، بقدر ما تكون مادة إخبارية للقنوات الفضائية. وتنتهي بمجرد انتهاء عرضها.
وقالوا “إن مسألة إعادة تأهيل المصفى بسبب عمليات السلب والنهب المتعمد التي حدثت أمام أعين المسؤولين من المحلية والمركزية أصبحت مستحيلة”.
وبعد استعادة مدينة بيجي من تنظيم داعش سيطرت ميليشيا العصائب بزعامة قيس الخزعلي على المصفى وأغلقته أمام اللجان الحكومية في كانون الأول عام 2015، وقامت بعدها بتفكيك المعدات وتهريبها إلى إيران.
وقال رئيس مهندسين عمل في إدارة المصفى على مدار ثلاثة عقود “إن المصفى غير قابل لإعادة التأهيل بأي شكل من الأشكال، إذ إنه لم يعد موجوداً من الأساس بسبب عمليات تفكيك الأبراج الحرارية الرئيسية للتكرير والتي كانت سليمة ثم اختفت بحجة أن تنظيم داعش قام بتدميرها”.
وتعتبر مصفاة بيجي الأكبر في العراق، إذ كانت تقدر طاقتها الإنتاجية بمعالجة 310 آلاف برميل يومياً.
وكان النائب السابق مشعان الجبوري، قد كشف أن الضرر في المصفى قبل استعادته من تنظيم داعش كان يقدر بـ 20 بالمائة لكنه أصبح فيما بعد 85 بالمائة. في إشارة لسيطرة ميليشيا العصائب على المصفى وتفكيكه.
وأشار إلى أن المصفاة تعرّضت لعمليات سرقة كبيرة، مشدّداً على أنه “غير قادر على الكشف عن الجهة التي سرقتها بسبب خشيته من عواقب ذلك”.
ولفت إلى أن مواد مصفاة بيجي ومحتوياتها تمّ تحميلها بشاحنات كبيرة، ونُقلت إلى مكان مجهول، وأن السرقات شملت حتى الأنابيب المدفونة تحت الأرض. موضحاً أن الحكومة غير قادرة على فعل شيء.
وتميز السوداني على مدار أشهر بترويج العروض الإعلامية الفارغة من الإنجاز في التأثير على الرأي العام.
وسبق أن وعد بإعادة أموال سرقة القرن بعد أن استحواذ أحزاب مشاركة في حكومته على 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة العامة، لكنه سرعان ما أطلق سراح نور زهير الذي قام بعملية السرقة من دون أن يعيد المبالغ المسروقة.
ولم يعلن المصدر الحكومي عما إذا كان السوداني قد تفاوض مع الخزعلي الذي قامت عناصر من ميليشياته بتفكيك وسرقة معدات المصفى، وهل تمت استعادة المعدات من إيران أم من دول أخرى.
وسبق أن قال مفتش عام وزارة النفط حمدان عويجل راشد، أن قضية سرقة مصفى بيجي جنائية، مشيراً إلى وجود أشخاص “لم يكشف عن هويتهم” كانوا على استعداد لبيع أجزاء من المصفى، مبيناً أن الوزارة رفضت التعامل معهم كون المواد كانت مسروقة.
وأثارت سرقة معدات مصفى بيجي جدلا في الأوساط العراقية، حينما عجزت الحكومات المتعاقبة من التقرب من عناصر ميليشيا العصائب المدانة في عملية تفكيك وتهريب معدات المصفى.
وكشف حينها نائب رئيس الوزراء الراحل سلام الزوبعي خلال حوار تلفزيوني، أن لجنة حكومية كانت تشكلت وحاولت ابتزاز الشخص الذي اشترى معدات مصفى بيجي، لافتاً إلى أن المعدات بعد ذلك تم نقلها إلى إقليم كردستان.
وأوضح أن المصفى تم بيعه بمبلغ 100 مليون دولار، في حين أنه يستحق نحو أربعة مليارات دولار.
وقال إن فتح ملف المصفى قد يتسبب بنزاعات خطيرة تصل إلى الاقتتال بين كيانات سياسية، مطالبا بفتح الملف أمام الرأي العام.
وأكدت النائبة السابقة منار سعد، أن الخلافات السياسية أعاقت فتح تحقيق بسرقة منشآت ومعدات مصفى بيجي.
ونشب صراع وقتها بين تيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم وميليشيا العصائب بزعامة الخزعلي عندما تبادل الطرفان الاتهامات بسرقة معدات مصفى بيجي.
وقامت قناة تلفزيونية تابعة لتيار الحكمة، بعرض تسجيلات عن قيام عناصر في مليشيا العصائب بسرقة معدات مصفاة بيجي.
وقال عضو تيار الحكمة، علي منيف الرفيعي، إن “مصفاة بيجي فُكّكت وسرقت في ليلة سوداء”.
ورد قيادي في ميليشيا العصائب باتهام وزير النفط السابق، جبار اللعيبي، المقرب من تيار الحكمة، بالتورط في اختفاء معدات المصفى.


