أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الجواز الإلكتروني يخفق في تحقيق نقلة بمرتبة العراق في قائمة أفضل الجوازات

شبهات فساد تشوب العقد الخاص بالجوازات الإلكترونية المبرم بين وزارة الداخلية وشركة أجنبية حديثة النشأة.

بغداد – الرافدين

أثار بقاء العراق في المرتبة قبل الأخيرة لتصنيف أفضل جوازات السفر العالمية الخاص بشركة الاستشارات العالمية “هينلي وشركائها Henley & Partner” للربع الثالث من عام 2023 تساؤلات حول مصير الوعود الحكومية بتحسين تصنيف الجواز العراقي بعد إطلاق النسخة الإلكترونية منه قبل نحو 6 أشهر.
وبحسب التقرير فإن أفغانستان جاءت في أسفل المؤشر، بواقع 27 وجهة فقط بدون تأشيرة، وجاء الجواز العراقي في المرتبة ماقبل الأخيرة بعدد 29 وجهة عالمية فقط بدون تأشيرة تليه جوازات سفر كل من سوريا، وباكستان.
وكشف بقاء العراق في مرتبة متأخرة في تصنيف أفضل جوازات السفر، زيف الوعود التي أطلقتها مديرية الأحوال المدنية والجوازات والإقامة في وزارة الداخلية حينما أكدت في بيان سابق أن “الجواز الإلكتروني يعد نقلة نوعية ومن المؤمل أن يحرز تقدمًا في التصنيف العالمي لما يحتويه من معلومات موثوقة ودقيقة وبالإمكان اعتماده كوثيقة رسمية ومسجلة في منظمة الإيكاو العالمية”.
وهو ذات الأمر الذي أكده الوكيل الأقدم في وزارة الداخلية حسين العوادي، قبل أيام من انطلاق خدمة الجواز الإلكتروني مطلع شهر آذار الماضي حينما أكد أن النسخة الإلكترونية من جواز السفر العراقي ستنهي عمليات التزوير وستضع العراق في التصنيفات العالمية.
وانتقد مراقبون البروباغندا الإعلامية لوزارة الداخلية في تسويق جواز السفر الإلكتروني بعد الإخفاق في تحقيق أي نقلة في مرتبة العراق المتأخرة في تصنيفات أفضل جوازات السفر في ظل استمرار العمل بالنسخة القديمة إلى جانب النسخة الجديدة في خطوة أخرى لتكريس الثنائيات في البلاد كما حصل في سعر صرف الدولار الرسمي والموازي.
وقال مدير المركز العراقي الاقتصادي السياسي، وسام حدمل الحلو، إنه “وسط مواصلة التصريحات الفضفاضة من جميع الحكومات المتعاقبة على إدارة البلد، وعمل الجهات والوزارات المختصة بالجواز العراقي، وعلى الرغم من الوعود المتكررة، إلا إنها لم تجد نفعًا من تصنيف جواز السفر العراقي”.
وأضاف أن “قائمة تصنيفات جوازات السفر العالمية، أصبحت أكثر إثارة للاهتمام خاصة لمحبي السفر والترحال”.

هيئة النزاهة تؤكد صعوبة حجز مواعيد إصدار الجواز الإلكتروني في التطبيق الرسمي

وكانت هيئة النزاهة الحكومية قد كشفت منتصف شهر تموز الماضي عن جملة من المؤشرات السلبية لعمل منظومة الجواز الإلكتروني فضلًا عن تشخيصها لمشاكل تقنية وأخرى فنية إلى جانب شبهات فساد في العقد مع الشركة المسؤولة عن عمل المنظومة.
وأوضحت هيئة النزاهة في بيانها أنّ “الحجز على الجواز الإلكتروني يتم من خلال رابط خاص متاح للمكاتب الأهلية إمكانية فتحه، والحجز السريع مقابل مبالغ مالية، فيما يصل موعد المراجع الذي يدخل الرابط دون المرور بتلك المكاتب إلى مدة تزيد على الشهرين”.
وحثت وزارة الداخلية بأن تكون مرحلة تدقيق المدير النهائية قبل مرحلة الصندوق، لـ”تجاوز أي خطأ يحمل المراجع تكاليف إضافية”، مشيرة إلى أنّ “المعمول به حاليًا أن مرحلة تدقيق المدير للمعاملة بعد دفع المبلغ وعند وجود خطأ يقوم المراجع بدفع الرسم مرة ثانية؛ لإتمام تصحيح المعاملة”.
ودعت هيئة النزاهة وزارة الداخلية إلى “زيادة أعداد الحجز اليومي للمراجعين، وفتح أقسام جديدة للإصدار، وإدخال يوم السبت ضمن أيام الحجز الإلكتروني؛ بما يسهم في زيادة عدد المعاملات المنجزة؛ لتلافي الزخم الكبير والتأخير في إصدار الجوازات”.
وأوصت بإلزام الشركة المنفذة للعقد بتطوير “وحدة المعالجة” في مديرية الجوازات، ورفدها بأعداد إضافية من الموظفين بعد رصد وجود تأخير في مرحلة المعالجة بطبع الجواز؛ بسبب قلة عدد موظفي وحدة المعالجة.
وأشار تقرير النزاهة إلى أنّ “مدة عقد إصدار الجواز الإلكتروني تصل إلى 20 سنة، ومدة التنفيذ 18 شهرًا لأقسام الجوازات في العراق كافة، ودخل العقد حيّز التنفيذ في شهر آذار من العام الحالي، وإن التعاقد تم استثناؤه من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية، على أن تلتزم الشركة المنفذة بتوفير الأجهزة والبرامج والتراخيص والجواز الخام مقابل مبلغ خمسين دولارًا عن إنجاز كل جواز بحسب سعر صرف البنك المركزي”.
وشدد التقرير على إلزام الشركة المنفذة لمشروع الجواز الإلكتروني بإنشاء قاعات نظامية لاستقبال المراجعين في أقسام الجوازات، بعد أن لاحظ فريق النزاهة تواجد المراجعين في ساحة قسم جوازات الكاظمية تحت أشعة الشمس اللاهبة، إضافة إلى توفير بطاقات الشحن المسبق بالسعر المحدد في العقد والبالغ 91 ألف دينار”.

10 بالمائة فقط حصة خزينة الدولة من رسوم الجوازات الإلكترونية التي تذهب معظمها لصالح شركة أجنبية

وتتحدث مصادر نيابية عن صفقة فساد كبرى بقيمة (4.5 مليار دولار) لصالح شركة أفق السماء في عقدها مع وزارة الداخلية لإصدار الجواز الإلكتروني الذي تحصل بموجبه على نسبة 90‎ بالمائة من الأرباح مقابل 10‎ بالمائة فقط لصالح وزارة الداخلية وخزينة الدولة.
وبينت المصادر أن الشركة تقبض على إصدار النسخة الواحدة من جواز السفر الإلكتروني رسومًا مقدارها 50 دولارًا تستقطع منها خمسة دولارات للدولة وتذهب 45 دولارًا للشركة حديثة النشأة والتي تأسست عام 2008.
وقال نائب رئيس لجنة الاستثمار النيابية حسين السعبري، في مؤتمر صحفي عقده بمجلس النواب السبت، إن “العقد مع شركة أفق السماء يفتقر للشرعية ولا سند له من القانون وأن قرار مجلس الوزراء رقم 178 لسنة 2021 الذي استندت إليه الوزارة في عقدها المذكور باطل”.
وأضاف “شركة أفق السماء تعاقدت لمدة 20 عامًا مع وزارة الداخلية على مشروع الجواز الإلكتروني والفيزا الإلكترونية، وهو عقد يفتقر للشرعية وغير قانوني وحجم الفساد فيه كبير جدًا وقد وصفناه بـ(سرقة القرن الثانية)”.
وبين أن “كل مواطن عراقي يجدد جواز السفر الخاص به ثلاث مرات خلال 20 عامًا، وإذا افترضنا أن 30 مليون مواطن من أصل 40 مليون هو عدد نفوس العراقيين، يجددون جوازات سفرهم ثلاث مرات خلال المدة المذكورة، فإن قيمة المبلغ الذي ستحصل عليه الشركة يبلغ أربعة مليارات و500 مليون دولار، إذ أن أجور ورسوم التجديد تبلغ 50 دولارًا للجواز الواحد”.
وأوضح “هذا من دون أن نحسب الزيادة السكانية التي تحصل خلال العشرين عاماً مدة العقد، والتي تُقدر بنحو عشرة ملايين نسمة خلال هذه المدة، وكذلك من دون احتساب أجور تجديد الجواز التالف وكذلك لم نحسب أجور الفيزا الإلكترونية البالغة 25 دولارًا”.
وتابع “هناك مبالغ ضخمة ستجمعها الشركة الأجنبية خلال 20 عامًا في إصدار جواز السفر الإلكتروني والتأشيرة الإلكترونية والبوابات الإلكترونية التي لم تنفذ من قبل الشركة المنفذة إذ كان من المفترض إنشاء هذه البوابات قبل إصدار جواز السفر الإلكتروني”.
وأضاف السعبري في لقاء متلفز الثلاثاء أن اعتماد وزارة الداخلية على قرار مجلس الوزراء رقم 178 لسنة 2021 غير صحيح، وفيه مخالفتان دستوريتان الأولى مخالفة للمادة 28 الخاصة بالرسوم والضرائب على المواطنين، حيث لا يحق لمجلس الوزراء فرض ضرائب على المواطنين دون الرجوع إلى مجلس النواب.
وأشار إلى أن هيئة الرقابة المالية أكدت أن احتكار استثمار الجواز يعد مخالفة مالية ولم ينص عليه قانون الاستثمار وأن هيئة الاستثمار أكدت عدم توفر أي معلومات لديها حول عقد الاستثمار.
وشدد على أنه “في حال لم تعيد وزارة الداخلية الحالية تدقيق العقد وكشف المخالفات فيه والتي وردت في تقرير ديوان الرقابة المالية الذي نص على العديد من المخالفات المالية في مسودة العقد التي أعدتها الجهة المنفذة فإنها ستتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا العقد”.
وسبق أن استضاف البرلمان الحالي، وزير الداخلية في حكومة الإطار التنسيقي عبد الأمير الشمري، لتوجيه أسئلة له، تتعلق بعمل وزارة الداخلية في منظومة الجواز الإلكتروني والبطاقة الموحدة والأجور المستوفاة عن ذلك.
وفي رده على أسئلة النواب أوضح وزير الداخلية أن “العقد المبرم بين الوزارة وشركة أفق السماء تم في زمن الحكومة السابقة، وبسند قانوني استنادًا إلى قرار مجلس الوزراء المرقم 178 لسنة 2021، والمتضمن تخويل وزارة الداخلية التعاقد مع شركة أفق السماء لتنفيذ الجواز الالكتروني والفيزا الالكترونية استثناءا من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية وحسب تعليمات الموازنة العامة لسنة 2021، ولغرض تسديد تكاليف المشروع ورفد صندوق شهداء الشرطة بنسبة 10 بالمائة”.
وأشار إلى عدم وجود أية فوائد للوزارة من أرباح الشركة، وأن الوزارة بصدد تقديم إجراءات للتخفيف عن كاهل المواطنين من خلال زيادة مدة صلاحية الجواز من 8 الى 10 سنوات وزيادة مكاتب إصدار الجوازات ومنها وصول أجهزة في سفارات العراق خارج البلد.

مِئذَنتا “أبو دلف” و”الملوية” في الجواز الإلكتروني تكشفان جهل السلطة بتاريخ العراق

وفي وقت سابق، أوقف وزير الداخلية الحالي عبد الأمير الشمري ضباطًا في الوزارة، ووجّه بتشكيل مجلس تحقيقي بحقهم بسبب شكوك بوجود شبهات فساد في عقد الجواز الإلكتروني.
وتزامنت التحقيقات مع تغييرات على مستوى المدراء في مديرية الأحوال المدنية والجوازات والإقامة أواخر شهر تموز الماضي بعد أن كلف الوزير اللواء نشأت إبراهيم الخفاجي، بإدارة مديرية الأحوال المدنية والجوازات والإقامة واللواء صلاح الشمري بإدارة مديرية البطاقة الوطنية، والعميد مؤيد البطاط بإدارة مديرية الإقامة خلفا لضباط سابقين متهمين بالفساد.
ويواجه الجواز الإلكتروني الكثير من الانتقادات والملاحظات الفنية من بينها الخطأ التاريخي الذي رصده رواد مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا.
وأشار مدونون إلى أن الشركة اللبنانية المسؤولة عن طباعة الجواز الإلكتروني وضعت مأذنة جامع ابو دلف وسمتها باسم (المأذنة الملوية) في إحدى صفحات الجواز الالكتروني.
وانتقد مدونون بشدة الخطأ المرتكب والذي يسيء الى مكانة العراق التاريخية، ويدل على جهل السلطات المعنية بتاريخ بلادهم وجهل الشركة المنفذة في ظل غياب الرقابة من قبل وزارة الداخلية بهذا الفارق حيث أن المأذنة الملوية مكونة من 6 طوابق وبطول أكثر من 50 مترًا ومأذنة أبو دلف من 4 طوابق فقط وبطول 19 مترًا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى