أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

عراقيون لا يملكون ترف الاحتماء من الحرّ

العمل رغم قساوة الحرّ ليس خياراً لبعض أصحاب المهن بينما ترزح البلاد تحت فشل وفساد سياسي وانعدام الخدمات، الأمر الذي يفاقم من ضغوط الحياة على المواطنين.

بغداد– الرافدين
يعيش العراق لتأثيرات التغيّر المناخي، تحت وطأة موجة استثنائية من الحرّ. بينما ترزح البلاد تحت فشل وفساد سياسي وانعدام الخدمات، الأمر الذي يفاقم من ضغوط الحياة على المواطنين.
ولا يملك العراقيون ترف الاحتماء من الحرّ، إذ يتعيّن عليهم العمل تحت درجات حرارة حارقة.
ويكافح مولى الطائي يومياً درجات الحرارة المرتفعة التي تغطّي شوارع بغداد، ليسلّم الفلافل والكباب والأطعمة المختلفة إلى السكّان على دراجته النارية الصغيرة.
وحينما تتجاوز درجات الحرارة الخمسين مئوية، كما كان الحال مطلع الأسبوع، يكون مولى من القلائل الذين يخاطرون تحت شمس بغداد الحارقة، ليسلّم الطعام.
يقول الشاب البالغ من العمر 30 عاماً “الحرارة تصل إلى 52، 53، 54، ليس من الطبيعي أن يتحمّل الإنسان هذا الأمر”.
ليحمي نفسه من الشمس، يغطّي مولى فمه وأنفه بقناع، كما غالبية عمّال التسليم الآخرين الذين يوصلون الطعام على متن دراجات نارية.
يُعدّ العراق من الدول الخمس الأكثر تأثّراً ببعض تداعيات التغيّر المناخي وفق الأمم المتحدة. في الصيف، تزداد موجات الحرارة تفاقماً، أمّا الأمطار، فباتت قليلة. وتشهد البلاد موجة جفاف للعام الرابع على التوالي.
ويجهد بائع الغاز الأربعيني، أثير جاسم، في الناصرية في جنوب العراق، حيث بلغت الحرارة 51، ليكمل يومه. يعود إلى بيته للاستراحة، ليجد الكهرباء مقطوعة.
يشكو هذا الأب لثمانية أطفال من لهيب الشمس، ومن التراب. ويقول “حينما أشعر بالتعب، أستريح خمس دقائق أو عشر دقائق، أغسل وجهي ورأسي…لكي أستريح قليلاً وأستأنف نشاطي”.
مغطياً رأسه بقبّعة، يتنقل جاسم بشاحنته الصغيرة من بيت إلى بيت ليوصل قوارير الغاز، حاملاً إياها على ظهره في بعض الأحيان.
يتصبّب عرقاً، لكنّه يواصل العمل رغم ذلك لأنّه يريد أن يبقى أطفاله في المدرسة ويكملوا تعليمهم.
ويعود الرجل إلى بيته في الليل. يروي “أكون متعباً، وممتلئاً بالعرق، أستحمّ ثم أذهب للنوم، فتنقطع الكهرباء”.
وبددت الحكومات المتعاقبة المليارات من الأموال المخصصة لمعالجة ملف الكهرباء، في صفقات فساد ولم يتم توفير الطاقة الكهربائية للمحافظات العراقية.
في هذا البلد الغني بالنفط، يعاني قطاع الكهرباء من التهالك، ولا يوفر سوى ساعات قليلة من التيار خلال اليوم. ويلجأ البعض إلى المولدات الكهربائية، لكن ذلك يكلّف نحو 100 دولار في الشهر لكل أسرة، وقد لا يكون متوفراً للجميع.
وأكثر المتضررين من الحرارة، هم العمال المجبرون على العمل في الخارج تحت الشمس الحارقة، على غرار فالح حسن، الأب لستة أطفال والبالغ من العمر 41 عاماً، ويعمل حمالاً لنقل الأجهزة الكهربائية.
وقال الرجل فيما تصبب عرقاً وهو يقف في ساحة تتجمع فيها الشاحنات في الكرادة في بغداد إن “حرارة الشمس موت، حتى نتمكن من العمل، نشرب الماء طوال النهار”.
وأضاف الرجل الذي غزا الشيب رأسه “الحر لا يوصف لكننا مجبرين على العمل ليس لدينا أي عمل آخر”.
وقال ضابط في شرطة المرور وهو يقف وسط شارع رئيسي في بغداد، مفضلاً عدم كشف اسمه، “أعمل عشر ساعات في اليوم من السادسة صباحاً وحتى الثالثة أو الرابعة عصراً”.
وأضاف “عندما أعود للبيت أستحم ثلاث وأربع وخمس مرات لكن الحر لا يفارقني”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى