الإخفاء القسري في العراق.. جريمة بذمة الحكومات والميليشيات
أهالي المغيبين قسرا يحملون حكومة السوداني مسؤولية الكشف عن مصير أبنائهم ويطالبون بتشريع قوانين لمكافحة الإخفاء القسري وتعويض ذوي الضحايا
بغداد – الرافدين
نظم ذوو المغيبين قسرا، بمشاركة ناشطين ومنظمات مدنية، وقفة في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات العراقية، للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائهم الذين غيبوا على يد الميليشيات والقوات الأمنية، داعين حكومة السوداني لتشريع قانون لمكافحة الإخفاء القسري وتعويض ذوي الضحايا.
ودعا المئات من ذوي المغيبين في محافظات بغداد ونينوى والتأميم وذي قار، إلى استحداث مركز وطني وتشريع قانون للمختفين قسرا وتأسيس رابطة لذوي الضحايا تتبنى حملات وطنية ودولية للكشف عن مصير المغيبين.
وجاء في البيان الذي أصدره منظمو الوقفة، إن “الذين فقدناهم، واختفوا عنا بمدد زمنية مختلفة، ومن جميع محافظات العراق، نقف من أجلهم، ونطالب بجبر الضرر وضمان الحياة الكريمة لذوي الضحايا وإنشاء مركز متخصص وتشريع قانون وطني للمختفين قسرا والمفقودين وتخليد ذكرى الضحايا من أبنائنا وذوينا”.
ويصنف العراق ضمن الدول الأعلى في عدد المختفين قسرا، إذ غيبت الميليشيات والقوات الأمنية مئات الآلاف من المدنيين بدوافع طائفية وانتقامية وفقا لتقارير دولية.
وتشير تقارير للأمم المتحدة إلى أن ما بين 250 ألفًا ومليون شخص غيبوا في العراق غالبيتهم العظمى من نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى، مع تعتيم حكومي على مصيرهم.
وبين مرصد “أفاد” الحقوقي أن الحكومات المتعاقبة وللعام السابع على التوالي تواصل التكتم على مصير آلاف المغيبين الذين جرى اقتيادهم من قبل ميليشيات منضوية ضمن الحشد، بدوافع طائفية في الأنبار ونينوى وصلاح الدين وضواحي بغداد وشمالي بابل.
وقال المرصد في بيان له، إن ” الوقفة الاحتجاجية التي نظمها أهالي المغيبين في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات الأخرى هي تذكير للمسؤولين الحكوميين بمسؤوليتهم القانونية والأخلاقية، حيال استمرار غموض مصير أبنائهم الذين غيبتهم الميليشيات”.
وأضاف المرصد، أن “تحقيقات سابقة لمرصد أفاد أظهرت تورط ميليشيات بدر وكتائب حزب الله والعصائب وميليشيات أخرى، في غالبية عمليات الخطف التي جرى قسم منها أمام أنظار القوات الأمنية”.
ويرى مرصد “أفاد” أن سكوت الأمم المتحدة ولجان حقوق الإنسان والعدل البرلمانية باعتبارهها في خانة واحدة مع القضاء والحكومات المتعاقبة، تتحمل مسؤولية الكشف عن مصير المغيبين.
وأكد المرصد أن جرائم التغييب القسري لا تسقط بالتقادم ويجب معرفة مصير المغيبين وتقديم زعماء الميليشيات للمساءلة لا سيما أن كثيرا من عمليات الإخفاء تم توثيقها.
ويتهم حقوقيون حكومة السوداني بالتواطؤ مع الميليشيات والتكتم على مصير آلاف المغيبين من غير أي مراعاة لعائلاتهم.
وقال المتحدث باسم مرصد أفاد الحقوقي، حسين دلي، إنه “على جميع المواطنين أن يتشجعوا ويظهروا الرفض لحالات التنصل من المسؤولية فالحكومة عاجزة أو متواطئة مع الجهات التي تقف خلف تغييب الآلاف من المدنيين، ومن الضروري استمرار الضغط من أجل الكشف عن مصير المغيبين”.
ويتهم ناشطون الحكومات المتعاقبة بالتستر على الأعداد الحقيقة للمغيبين قسرا وأنها لا تملك قاعدة بيانات لهم، رغم التقارير التي تشير إلى أعدادهم الضخمة.
وقالت الناشطة الحقوقية تحرير العبيدي في حديث لقناة الرافدين، إن ” الأعداد الحقيقة للمغيبين هي أكبر بكثير من المعلن عنها، والحكومة ليس لديها قاعدة بيانات لمواطنيها المغيبين”.
وأضافت أن ازدواجية الحكومات المتعاقبة في التعامل مع المواطنين وتعطيل القوانين جعل العراق من أكثر الدول التي تشهد حالات اختفاء قسري.
وبينت أنه رغم المطالبات الدولية بمراعاة حقوق الإنسان والكشف عن مصير المغيبين لم تقم الحكومة بأي خطوة تذكر لمعالجة الملف ولا تزال عمليات انتهاك حقوق الإنسان مستمرة.
ورغم الوعود الكثيرة للسوداني في تشريع قانون لمكافحة الإخفاء القسري لم تقدم حكومته شيئا على أرض الواقع، فيما يستمر مصير آلاف المغيبين مجهولا وتستمر معاناة ذويهم.
وسبق أن ندد تقرير خاص لقسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق؛ بالصمت الدولي حيال اعتراف السلطات الحكومية في بغداد بتصفية المغيبين قسرا.
وذكر التقرير، أنه في العراق الجديد لم تكتفِ الحكومات بارتكاب الانتهاكات المروعة بل راحت شخصيات بارزة مشاركة بالعملية السياسية تعترف بها علنًا ورسميًا من دون خجل ولا وجل.
وأكد على أن حكومة محمد شياع السوداني لا يمكنها الخروج عن مسار الحكومات السابقة، وبالتالي سوف تتفاقم ظاهرة إفلات مرتكبي الانتهاكات من العقاب في العراق.
وكان رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي قد اعترف، في كانون الأول الماضي، أن المغيبين تمت تصفيتهم ويجب تغيير اسمهم من “مغيبين” إلى “مغدورين”.
وبين الحلبوسي أن جهات سياسية وميليشيات مسلحة معروفة قامت بتصفية المغيبين جسديًا.
ويعيش ذوو المغيبين ظروفا معيشية صعبة لا سيما أن أغلب العائلات فقدت من يعيلها في ظل الأوضاع الاقتصادية المتأزمة التي يمر بها البلد، واستمرار حكومة السوداني بالمماطلة في تعويضهم أو الكشف عن مصير أبنائهم.