حكومة السوداني تزيف الوقائع وتتقاعس عن حماية المختطفين في إيران
أسر المختطفين العراقيين في إيران تدين موقف وزارة الخارجية في حكومة الإطار التنسيقي عقب تعاطيها المخجل مع أزمة أولادهم وإبعاد التهم عن طهران.
البصرة – الرافدين
استغربت عائلات المختطفين العراقيين في إيران من التقاعس الحكومي تجاه قضية أبنائهم وعدم التحرك الجاد لمعرفة مصيرهم بعد دفعهم الفدية المطلوبة للخاطفين وانقطاع التواصل معهم منذ أيام على الرغم من مناشداتهم المتكررة.
وعدت عائلات المختطفين في إيران التصريحات الرسمية لوزارة الخارجية تزييفًا للوقائع على الأرض عقب ادعاء المتحدث باسم الوزارة أحمد الصحاف إطلاق سراح المختطفين في شهر تموز الماضي.
ونقلت وكالة الأنباء الحكومية الرسمية عن المتحدث باسم الوزارة أحمد الصحاف قوله إن “بعض مواقع التواصل الاجتماعي نشرت مقاطع فيديو لعدد من المخطوفين العراقيين في إيران قرب الحدود الإيرانية التركية، وتم إطلاق سراحهم لقاء مبالغ مالية من قبل الخاطفين وأن “مقاطع الفيديو تعود لحالة خطف منذ شهر تموز 2023”.
ويقدر عدد المختطفين بأكثر من 10 أشخاص، من محافظات البصرة وذي قار وواسط وبغداد، ومناطق أخرى من البلاد، وقعوا في يد عصابات إيرانية بعد عبور الحدود مع إيران.
ذوو المختطف الشاب محمد بشار ينفون تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية بخصوص إطلاق سراحه ويطالبون بتدخل دولي لمعرفة مصيره ومصير رفاقه المختطفين في #إيران.
ـــــــــــــ#العراق | #قناة_الرافدين
الموقع الإلكتروني | https://t.co/qjKXou4Djx
قناتنا على تليغرام | https://t.co/KJipI4mEPe pic.twitter.com/3M0m4vD192— قناة الرافدين (@alrafidain_tv) August 24, 2023
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع وصور صادمة لشبان مكبلين بالسلاسل فيما يقوم شخص مجهول بضربهم على رؤوسهم بشكل عنيف لإرغام ذويهم على دفع الفدية المطلوبة”.
وأظهر مقطع آخر بثته قناة “الرافدين” الفضائية في حلقة الأربعاء من برنامج صوتكم، ثلاثة شبان وهم يتواصلون مع ذويهم عبر الهاتف من كهف في مكان مجهول مؤكدين أنهم اختطفوا وتعرضوا إلى التعذيب.
فيما كشف مقطع مصور ثالث عن اثنين من المختطفين مقيدين بسلاسل حديدية وهم شبه عراة، فيما ينهال عليهم أشخاص بالضرب المبرح، ورابع يظهر سحل شاب ثالث على وجهه في منطقة جبلية تبدو نائية ومهجورة.
وقال جواد كاظم شقيق المختطف موسى كاظم، إن “أحد الأشخاص تواصل مع شقيقي وأغراه بالسفر، وبتاريخ 13/8/2023 سافر أخي إلى إيران عن طريق منفذ الشلامجة، وتواصل معنا بعد وصوله إلى داخل إيران”.
وأضاف، أنه “وبتاريخ 15/8/2023 اتصل بنا رقم دولي، فتح معنا كاميرا وأظهر أخي موسى وهو مختطف لديهم، وطلب منا فدية بقيمة 7 آلاف دولار لإطلاق سراح موسى”.
وأشار شقيق المختطف إلى أنه “ذهب إلى أقرب مركز شرطة قبل التوجه للأمن الوطني ومن بعدها إلى قاضي المحكمة، وبعد إجراءات معقدة قالوا ان الرقم دولي ومن الصعوبة الوصول إليه”.
وتابع، “اضطررنا إلى دفع المبلغ المالي إلا أن جميع شركات الصيرفة رفضت التحويل كون رابط التحويل لا يتناسب مع نظام الدفع العراقي قبل أن يفتح الخاطفون اتصالًا مرئيًا معي مجددًا أثناء تعذيب أخي”.
وأكد جواد كاظم موسى أنه جمع الأموال على وجه السرعة وأرسل مبلغًا قدره 7500 دولار الى الشخص الإيراني، 7000 ما طلبه منه و500 دولار ثمن التحويل عقب ذهابه من البصرة إلى بغداد، وتحويل الأموال عن طريق شخص في مكان أشبه بالبيت ليتصل أخي بعدها بيوم مبشرًا بإطلاق سراحه، لكنه إلى الآن لم يعود”.
بدوره قال الشيخ مهدي البو مساعد أحد أقارب المختطف عبد الله صبري هاشم إنه وبعد يومين من انقطاع الاتصال به أرسل أفراد العصابة مقاطع مصورة له وهو تحت التعذيب وطالبوا بفدية مالية مقابل إطلاق سراحه.
وأكد أنه تم تحويل 10 آلاف دولار لصالح العصابة لكن الاتصال انقطع بهم بعد ذلك ومضى 30 يومًا على ذلك ولم يعرف لحد الآن شيئًا عنه.
وأشار إلى أنه قام بإبلاغ السلطات العراقية لكنها لم تحرك ساكنًا ثم ذهب إلى إيران وإلى السفارة العراقية في طهران طلبًا للمساعدة ولم يجد تعاونًا من الجانبين.
شقيق أحد المختطفين في #إيران يتلقى مكالمة فيديو تبين تعرض شقيقه للتعذيب من قبل خاطفيه الذين طالبوهم بفدية مالية.
الحلقة كاملة | https://t.co/7KolDT8RyA
ــــــــــــــــــــــــــــ#صوتكم | #العراق | #قناة_الرافدين
الموقع الإلكتروني | https://t.co/qjKXou4Djx pic.twitter.com/0m7edoJTj4— قناة الرافدين (@alrafidain_tv) August 23, 2023
ووصف مراقبون عدم تحرك حكومة الإطار التنسيقي الموالي لإيران بـ “المعيب” تجاه أبناء شعبها الذي من المفترض أن توفر الحماية لهم في الداخل والخارج.
وقال عضو التحالف الوطني المعارض لبيد الصميدعي إن “موقف الحكومة في بغداد من اختطاف العراقيين في إيران موقف باهت وبارد يعكس عدم مبالاة الحكومة بحياة المواطن العراقي”.
وأضاف الصميدعي في تصريحات لقناة “الرافدين” أن المواطن العراقي وقع بين كماشتي إيران وحكومة السوداني، بينما الأحزاب الولائية تحاول جاهدة دفع التهم ضد إيران وتزييف الوقائع.
وفي موازاة ذلك مارست المنصات الولائية على مواقع التواصل الاجتماعي حملة منظمة على غرار حملتها حول مصفى بيجي مؤخرًا لحرف اهتمام الرأي العام بحادثة الاختطاف وتزييف الحقائق بعد اتهام سلطات كردستان العراق بالضلوع فيها.
وتداول ما يعرف بين أوساط المدونين “الذباب الإلكتروني الولائي” وسمًا يتهم أربيل صراحة بالوقوف خلف عملية الاختطاف في محاولة لرد الشبهات عن التواطؤ الرسمي الإيراني مع العصابات المسؤولة عن اختطاف العراقيين كما يرى مدونون”.
وردًا على هذه “البروباغندا السوداء” كما وصفها ناشطون أطلق مدونون عراقيون وسمًا بعنوان #قاطع_المنتجات_الإيرانية على منصة أكس (تويتر سابقًا) وسط دعوات لتفعيل “سلاح المقاطعة التجارية” لإجبار السلطات الإيرانية على التحرك لمعرفة مصير المختطفين”.

وأثارت الحادثة موجة من الغضب بين الأوساط الشعبية الأمر الذي دفع نوابًا في البرلمان إلى توجيه دعوة للسلطات الحكومية بالتدخل الجاد ومعرفة مصير المختطفين في محاولة منهم للتفاعل مع غضب الشارع.
وقال النائب عن محافظة البصرة عدنان الجابري “يجب على وزارة الخارجية ولجنة العلاقات الخارجية النيابية أن تتحرك تجاه هذا الاعتداء فضلًا عن جميع الجهات والسلطات الحكومية، فالعراق لن يقف مكتوف الأيدي تجاه خطف المواطنين، وعلينا إيجاد الحلول اللازمة لإعادتهم إلى ذويهم”.
وعلق عضو اللجنة القانونية النيابية محمد عنوز بالقول إن “حسن الجوار مسؤولية الحكومة، مؤكدًا متابعته باستغراب ما تعرض له السياح العراقيين في إيران”.
وعبر العنوز في تدوينة عن إدانته لـ “هذا العمل الإجرامي الذي يستدعي من الجانب الإيراني ضمان حياتهم واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المجرمين الذين يسيئون لقواعد حسن الجوار”.
وأضاف “ندعو الحكومة إلى متابعة الموضوع وإنقاذ حياة المواطنين العراقيين المخطوفين والمطالبة بمحاسبة الجُناة، وضمان سلامة جميع السياح العراقيين في المستقبل كما هو واجب علينا حماية جميع السياح في بلدنا”.
وعلى الصعيد الشعبي دعت “تنسيقية جماهير البصرة” إلى تظاهرة حاشدة أمام القنصلية الإيرانية بالمحافظة.
وقالت تنسيقية التظاهرة في بيانها “سوف تنطلق تظاهرة كبرى، تتوجه نحو القنصلية الإيرانية في البصرة ردًا واستنكارًا على تعرض الشباب العراقي في إيران إلى القتل والخطف والتسليب والتنكيل، وسوف تتواجد عائلات الضحايا من المقتولين والمخطوفين في هذه المظاهرة الكبرى”.
وتابعت أنها “تهيب بالشباب البصري الأصيل إلى المشاركة الفاعلة ضد القنصلية ليعرفوا أن من تم خطفه وقتله يقف خلفه مطالب، ولن نهدأ او نستكين حتى تتصل القنصلية الإيرانية بأجهزتها الأمنية لتخليص أبنائنا العراقيين من الخطف”.
وحذّرت الجماهير البصرية طبقًا للبيان، أنه في حال عدم الإفراج عن أبنائنا أو تعرضهم للقتل سوف يكون للجماهير وقفة حقيقية مع القنصلية.
وبينت مصادر مطلعة أن التظاهرة جرى تأجيلها عقب تداول البيان بعد وصول تهديدات للمنظمين من قبل جهات أمنية وميليشيات متنفذة في المدينة بعد مخاوف من تكرار مشهد اقتحام مبنى القنصلية وإحراقها كما حصل في عام 2018.

وتحولت عمليات اختطاف العراقيين في إيران إلى ظاهرة مقلقة في الآونة الأخيرة وﻣﻦ اﻟﺪواﻓﻊ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻟﻬﺬﻩ الظاهرة اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎل؛ إذ ﻳُﺴﺘﻬﺪف العراقيون في إيران ﻣﻦ أﺟﻞ الحصول على اﻟﻔﺪﻳﺔ المالية وأحيانًا بدوافع أخرى قد تكون سياسية.
ويؤكد عاملون بشركة للسياحة والسفر أن الشارع الإيراني ينظر لقدوم العراقيين من زوايا مختلفة والبعض يحمل نظرة سلبية تجاه ذلك من منطلق معادة العرب، بغض النظر عن اشتراك القادمين مع الإيرانيين في المذهب.
ويضيف العاملون في شركة السياحة التي تتخذ من طهران مقرًا لها أن “عصابات الاتجار بالبشر الإيرانية ترى العراقيين في إيران كأثرياء، مقارنة بالوضع في إيران في ظل تراجع سعر العملة الإيرانية المضطرد تزامنًا مع تصاعد عمليات السرقة والاختطاف التي يتعرض لها العراقيون ممن يذهبون لأغراض السياحة الدينية والعلاجية فضلًا عن المقيمين هناك من طلاب ولاعبين وتجار”.
وفي هذا السياق أكد لاعب المنتخب الوطني ونادي الشرطة لكرة السلة، حسين هادي، عبر صفحته بموقع فيسبوك تعرضه للسرقة في إيران، فضلًا عن تعرض أحد أفراد عائلته لمحاولة اختطاف فاشلة، وعلق بالقول “دفع الله ماكان أعظم”.
وفي شهر كانون الأول من العام الماضي اختطفت عصابات إيرانية كل من حامد المعموري وحسين عنازي وبلسم الحلوي من محافظة كربلاء بعد وصولهم إلى مدينة مشهد الإيرانية لتلقي العلاج.
وطلب الخاطفون 7000 دولار من كل شخص لإطلاق سراحه، لكن قبل الدفع، داهمت مقرهم المخابرات الإيرانية، وتمكنت من إطلاق سراح المختطفين.
ولم تعلق السلطات الحكومية في العراق على الحادثة وقتها، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة بين أوساط العراقيين على غرار حالة الغضب الحالية في التعاطي مع أزمة المختطفين.