قانون العفو العام بين المتاجرة والمماطلة
قوى الإطار التنسيقي ترفض إقرار قانون العفو العام واصفة المعتقلين بالإرهابيين على الرغم من أن كثيرا منهم لم يعرضوا على القضاء واعتقلوا بوشاية المخبر السري
بغداد – الرافدين
تستمر قوى الإطار التنسيقي بتعطيل إقرار قانون العفو العام الذي يطالب به عراقيون اعتقل أبنائهم بدوافع طائفية وانتقامية، على الرغم من أنه كان أحد بنود الاتفاق السياسي الذي شُكلت على أساسه حكومة السوداني.
وتنصل رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني من تعهداته بشأن إقرار قانون العفو العام، فيما تجاوزت نسبة اكتظاظ السجون الحكومية 300 بالمائة، بالمعتقلين الذين ينتظرون النظر في قضاياهم.
ومع تأكيد منظمات حقوقية دولية ومحلية أن غالبية المعتقلين لم يحصلوا على محاكمة عادلة وجرى انتزاع اعترافاتهم تحت التعذيب تتذرع أحزاب الإطار التنسيقي بأن القانون يزعزع الأمن في حال إقراره واصفة المعتقلين بالإرهابيين.
وقال النائب عن كتلة صادقون التابعة لميليشيا العصائب، محمد البلداوي، إن “الإطار التنسيقي لن يسمح بتمرير قانون العفو العام، لأنه سيخرج إرهابيين، وسيعمل على زعزعة الوضع الأمني وضرب والاستقرار”.
وأضاف أن مطالبات بعض الكتل السياسية بتنفيذ قانون العفو العام تتصاعد في أوقات محددة خصوصا مع اقتراب الانتخابات سواء كانت نيابية أو محلية، واصفا المطالبات بالمتاجرة السياسية.
وكان طرح تعديل قانون العفو العام قد أثار موجة تحريض ضد المعتقلين من زعماء الميليشيات المتهمة بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين، مطالبة الحكومة بإعدامهم.
وسبق أن كشف عضو ائتلاف دولة القانون أحمد السوداني عن توجه الحكومة إلى إلغاء قانون العفو العام بذريعة اعتراض أغلب الوزراء على تمريره.
وكان مجلس الوزراء قد صوت على تعديل مشروع قانون العفو العام وإحالته للبرلمان، إلا أن اللجنة القانونية أكدت أنه لم يصل للبرلمان إلى الآن.
وقال عضو اللجنة رائد المالكي، إن “مجلس النواب لم يتلق مسودة أو مشروع قانون للعفو العام أو لتعديله منذ تشريعه في عام 2016، وأن ما وصل إلى مجلس النواب هو نسخة من قرار مجلس الوزراء، والذي بموجبه كلف الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بإعداد مسودة قانون للعفو العام”.
ويرى مختصون أن قانون العام يمكن إفراغه من محتواه لكي لا يشمل كثيرا من الأبرياء نتيجة التوافقات السياسية بين الأحزاب.
وقال رئيس جمعية المحامين العرب في لندن صباح المختار إن “أي عملية تشريعية تستند على توافق سياسي هي إساءة للأبرياء ولا تحقق العدالة لجميع المعتقلين”.
وأضاف المختار في تصريح لقناة “الرافدين” الفضائية أن “التعديل على قانون العفو العام وفق اتفاق سياسي يعني أن هناك مجموعة ستحصل على امتيازات دون أخرى وعدم تحقيق العدالة”.
وشدد على أن يكون التعديل الجديد أكثر وضوحًا وأكثر عدالة ويشمل الجميع دون استثناء.
ويقبع مئات الآلاف من الذي اعتقلوا بوشاية المخبر السري وهو النظام الذي عملت به حكومات ما بعد 2003، في السجون الحكومية ويعيشون ظروفا لا إنسانية.
ويرى خبراء قانونيون أن من بين فوائد إقرار قانون العفو تخفيف الاكتظاظ في السجون الحكومية لا سيما بعد تفشي الأمراض بين السجناء.
ويقبع آلاف المعتقلين في السجون الحكومية وبحسب إحصاءات فإن ما يقارب من 80 بالمائة منهم لم يعرضوا على القضاء، فيما تستغل قوى متنفذة هذه الأعداد لسرقة مخصصاتهم المالية.
ومنذ العام 2003 شهد العراق انتهاكات كثيرة ضد المدنيين لا سيما العرب السنة بعد تولي حكومات موالية لإيران إدارة البلاد.
وسبق أن أقرت الوزارة أن نسبة الاكتظاظ في السجون وصلت إلى 300 بالمائة وأن عدد المساجين يصل إلى 60 ألفا بينما لا تتجاوز الطاقة الاستيعابية للسجون 25 ألف سجين.
وتفتك الأمراض بالمعتقلين نتيجة لسوء التغذية والحرمان من الرعاية الطبية في عمليات تعذيب ممنهجة تمارسها السلطات ضدهم، فيما تواصل المماطلة بإطلاق سراحهم، رغم إقرارها بأن أعدادًا كبيرة منهم أبرياء.
ويعتبر حقوقيون أن مشكلة الاكتظاظ بالسجون تظل مشكلة سياسية ولا حل لها إلا بإقرار قانون العفو العام.