أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الأداء الحكومي يراقب بلا مبالاة التلوث البيئي في العراق

حكومة السوداني لا تملك المعلومات الكاملة عن الوضع البيئي في العراق، وأنها تتحدث عن مشكلة المناخ في المؤتمرات والملتقيات لكنها لا تتخذ أي إجراءات واقعية.

بغداد ــ الرافدين
تتصاعد التحذيرات الدولية والمحلية من مخاطر ارتفاع معدلات التلوث البيئي في ظل عجز حكومة الإطار التنسيقي عن معالجة التخلف البيئي المتفاقم في العراق.
ويتصدر العراق قائمة الدول الأسوأ في المؤشرات التي ترصدها المراكز المعنية بشؤون البيئة.
واحتل العراق مرتبة متاخرة في مؤشر الأداء البيئي المنجز من طرف جامعتي بيل وكولومبيا الأمريكتين بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي.
واعتمدت النتائج على 40 مؤشرًا لتصنيف 180 دولة من أجل قياس الأداء البيئي لكل دولة فيما يتعلق بتغير المناخ والصحة البيئية وحيوية النظام البيئي.
وكشف المؤشر أن العراق يحتل من حيث حيوية النظام البيئي المرتبة 102 من أصل 180 دولة ومن حيث الصحة البيئة المرتبة 105 بينما جاء في المرتبة الأخيرة في سياسة المناخ.
وذكر أن الأداء البيئي يرتبط بنتائج السياسات الجيدة بالثروة والذي يتيح للدول الاستثمار في السياسات والبرامج التي تؤدي إلى نتائج مرغوبة، حيث أن بناء البنية التحتية اللازمة لتوفير مياه الشرب النظيفة والصرف الصحي والحد من تلوث الهواء المحيط والسيطرة على النفايات الخطرة والاستجابة لأزمات الصحة العامة يحقق عوائد كبيرة لرفاهية المجتمع.
وتتستر حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني على إعلان الإحصاءات الرسمية لحجم التلوث البيئي، إلا أن تصريحات سابقة لوزارة البيئة تؤكد أن الملف البيئي يعد من الملفات الصعبة، حيث إن هناك ملوثات كثيرة داخل المدن وخارجها، ناتجة عن أسباب متعددة مبينة عجز الوزارة عن تحجيم التلوث بسبب قلة التخصيصات المالية.
ويرجع المختصون التلوث البيئي في العراق إلى عدد كبير من العوامل، أبرزها الغاز المنبعث من السيارات ومحطات تكرير النفط، فضلًا عن محطات إنتاج الطاقة الكهربائية والعواصف الترابية ومخلفات الحروب وتراكم مياه الصرف الصحي والنفايات الصحية والفضلات الصناعية.
وانتقدت المراصد المعنية بشؤون البيئة في البلاد، عدم وجود أي تخصيصات مالية خاصة بمعالجة مشاكل البيئة في العراق، ضمن الموازنة المالية لعام 2023، مشيرة إلى أن حكومة السوداني تخالف برنامجها في القضايا البيئية التي لها تأثير مباشر على صحة الناس.
وذكر مرصد “العراق الأخضر”، المعني بدراسة وتشخيص المشاكل والأزمات البيئية، أن الموازنة العامة لم تتضمن وجود أي تخصيص مالي للبيئة، وأنها تخلو من كلمات التصحر أو الجفاف والتلوث البيئي وحتى تغير المناخ.
وهدد المرصد الذي يديره مجموعة من الصحافيين وناشطين في مجالات حقوق الإنسان والبيئة، باللجوء إلى القضاء في حال استمرار إهمال الملف البيئي وعدم توفير التخصيصات الاستثمارية للبيئة ومكافحة تغير المناخ في العراق.
وتدعي وزارة البيئة الحالية بتخصيص 7 مليارات دولار في الموازنة العامة للوزارات القطاعية المعنية بالبيئة في محاولة للتستر على ملفات الفساد والإهمال البيئي، فيما تشير المراصد المعنية إلى أن الأموال المخصصة للبيئة هي ضمن الموازنة التشغيلية، أي رواتب ونفقات لوزارة البيئة وموظفيها وليس للمشاريع التنموية.
وأكد عدد من الناشطين في مجال البيئة بأن حكومة السوداني لا تملك المعلومات الكاملة عن الوضع البيئي في العراق، وأنها تتحدث عن مشكلة المناخ في المؤتمرات والملتقيات لكنها لا تتخذ أي إجراءات واقعية.
وأضافوا أن الأيام القادمة ستفضح الإجراءات الورقية التي تحدثت عنها الحكومة بشأن المعالجات الداخلية لمخاطر أزمة البيئة والمناخ، محذرين من تداعيات الارتفاع الخطير لمعدلات التلوث البيئي بالبلاد.
وقال الناشط في مجال البيئة حسين العراقي، إن الحكومة والمسؤولين فيها يظنون أن الأزمة البيئية تجري معالجتها بالمؤتمرات والاجتماعات فقط، وهذا خطأ كارثي”، مشيرًا إلى أن هناك حاجة لمشاريع مرتبطة بالبنية التحتية، وأخرى على صلة بالقطاع البيئي، منها معالجة مياه الصرف الصحي، ومشاريع المياه، ومشاريع تدوير النفايات والانبعاثات النفطية.
ونقلت مصادر إعلامية عن مسؤول في وزارة العلوم والتكنولوجيا تأكيده على أن الفساد وعدم وجود تخصيصات مالية من الأسباب الرئيسية في تصاعد مؤشرات التلوث في البلاد.
وأكد المسؤول الذي فضل عدم ذكر أسمه، على أن الفساد المستشري يحول دون إنجاز المهام لعمل الفرق المكلفة بمتابعة الملوثات البيئية.
وأضاف أن الإهمال الحكومي وعدم متابعة ملف التلوث البيئي بالشكل الصحيح أدى إلى تزايد مؤشرات التلوث، وأن الملف يعد من الملفات الخطيرة، التي تتطلب اهتمامًا حكوميًا خاصًا وأن يتم العمل على الانتهاء من الملوثات وتحجيم مخاطرها.
وتتصاعد التحذيرات من المخاطر البيئية التي تتسبب بها عمليات حرق النفايات الطبية الناتجة عن المستشفيات والمراكز الصحية بالبلاد، والتي تقدر بعشرات الأطنان اليومية، حيث لا يجري إتلافها بطرق صحية ولا توجد محارق خاصة أو أماكن طمر صحي للنفايات الطبية.

حرق النفايات غير الصحيح وقرب الأحياء السكنية يهدد صحة المواطنين

وأكد مسؤولين في وزارة الصحة على أن الملف مهمل من قبل الحكومات السابقة والحالية، إذ يحتاج إلى محارق خاصة تكون بمسافات بعيدة عن المناطق السكنية، ولا يكون لها أي تأثير صحي على المواطنين”.
وشددوا على أن الحكومات السابقة والحالية لم تول الملف أي اهتمام، ولا توجد له تخصيصات مالية، حتى في الموازنة المالية.
وقال الباحث البيئي جبار العوادي، إن هناك سوء تخطيط بإدارة ملف النفايات وخاصة الطبية منها.
وأضاف أن التعامل مع المخلفات الطبية الخطيرة يجب أن يكون بحذر، إذ إنها تتسبب بنشر السموم والتلوث الخطير وتحتوي على مواد مشعة، مشددًا على الحكومة وضع حلول عاجلة لتلك النفايات، وأن تتحمل مسؤوليتها لإنشاء مكبات ومحارق خاصة مطابقة للشروط الصحية.
ويعاني العراق منذ عام 2003 من مشاكل بيئية متعددة تسببت بمشاكل صحية خطيرة للعراقيين بسبب إهمال الحكومات المتعاقبة لهذا الملف الحيوي والمهم، حتى بلغ التلوث إلى مستويات خطيرة وأثرت على حياة المواطنين.
وسبق أن نظم ناشطون بيئيون ومدونون حملات توعية للتحذير من التلوث البيئي والمخاطر الناجمة عنه عبر وسم “بيئتي هويتي”.
ونالت هذه القضايا اهتمام برنامج صوتكم الذي تبثه قناة “الرافدين”، حيث سلط البرنامج الضوء على تداعيات التدهور البيئي في البلاد.
واستعرض البرنامج مناشدات المواطنين الذين يعانون من الانبعاثات النفطية وانتشار الأمراض السرطانية.
وتحدث الناشط أبو حسن التميمي، عن ارتفاع نسب التلوث البيئي في محافظة البصرة بشكل لافت للنظر من جراء الاستخراج الخاطئ للنفط ما تسبب بانتشار أمراض السرطان والفشل الكلوي وسط صمت الحكومة.
وتشكل الانبعاثات الغازية تهديدًا مضافًا لبيئة العراق، على الرغم من أن المؤشرات الحكومية غالبًا ما تخلو من أية إشارة إلى ملوثات الاستخراج النفطي ومحروقات الغاز المهدورة.
وكشف تحقيق مصور أجرته هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” وجود مستويات عالية من الملوثات المرتبطة بالسرطان في حقل الرميلة النفطي المستثمر من قبل شركة “بريتيش بتروليوم”.
وأضاف التحقيق التلفزيوني أن المجتمعات العراقية التي تعيش بالقرب من حقول النفط، حيث يتم حرق الغاز في الهواء الطلق، معرضة بشكل كبير لخطر الإصابة بسرطان الدم.
وأكد عشرات الأشخاص الذين يعيشون في تجمعات مختلفة بالقرب من حقول نفط، مثل حقل الرميلة، أن لديهم قريبًا أو صديقًا يعاني من مرض السرطان.
وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية في تحقيق سابق، أن تسعة ملايين شخص يموتون سنويًا نتيجة تلوث الهواء المنبعث من حقول النفط.

ديفيد بويد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان والبيئة: ما يحدث في العراق مثال حقيقي للتضحية التجارية، حيث يتم وضع الربح فوق حياة الإنسان والبيئة

وقال ديفيد بويد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان والبيئة، إن ما يحدث في العراق مثال حقيقي للتضحية التجارية، حيث يتم وضع الربح فوق حياة الإنسان والبيئة.
وطالب الخبير البيئي عبد المطلب محمد عبد الرضا بوضع رؤية استراتيجية وبرنامج عمل حقيقي لدراسة وتفكيك مصادر التلوث البيئي، وتطبيق التشريعات والقوانين بحزم لوقف ومنع هذه الملوثات.
وأشار إلى ضرورة تحديث وصيانة المنشآت والمصافي النفطية ووحداتها العاملة ومراقبة انبعاثاتها الغازية بما يضمن عدم تأثيرها على البيئة والصحة العامة.
وشدد على نصب منظومات ثابتة وأخرى متنقلة لمراقبة نوعية الماء والهواء لغرض رسم صورة متكاملة لمصادر التلوث مما يساعد على اتخاذ القرارات المستندة إلى مؤشرات وأدلة علمية وواقعية ويساهم في تحسين نوعية المياه وهواء المدن.
وتعمل حكومة الإطار التنسيقي على نشر ثقافة تدمير البيئة من خلال تجريف البساتين والأحزمة الخضراء واقتلاع الأشجار على جوانب الطرق بذريعة الإعمار.
فيما تتنصل فيه الجهات المعنية على مسؤوليتها في استحداث مناطق لمكب النفايات والعمل على تدويرها للحد من عوامل التلوث البيئي.
وتشير التوقعات المستقبلية إلى اتساع أثر عامل الاختلال البيئي نظرًا لتظافر مؤثرات التلوث المناخي، في ظل عجز الاستجابة الحكومية وغياب أدوات التفكير والتخطيط المسبق لإدارة المخاطر المحدقة بالبلاد.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى