نهج سياسي أمريكي فرنسي باتجاه إبقاء الوضع عما هو عليه في العراق
هيئة علماء المسلمين في العراق: مثل هذه المؤتمرات تعمل على استجلاب اعتراف وتأييد إقليمي ودولي لحكومة الاحتلال التاسعة، وتغض النظر عن طبيعة النظام السياسي القائم في بغداد.
بغداد- الرافدين
عزا مصدر سياسي مقرب من حكومة محمد شياع السوداني إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن عقد مؤتمر “بغداد للاستقرار الإقليمي” والذي تشارك فرنسا في تنظيمه في أواخر تشرين الثاني المقبل، إلى نهج سياسي أمريكي فرنسي باتجاه إبقاء الوضع عما هو عليه في العراق، بغض النظر عن الفشل والفساد السياسي المستمر في العراق.
وقال المصدر السياسي المطلع في تصريح لقناة “الرافدين” “أن تفاهمات باريس وواشنطن في مؤتمر بغداد 2 الذي عقد في البحر الميت، على دعم حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني دفعت دول الإقليم إلى هذا التوجه، وهو أمر لا يصب في صالح الشعب العراقي التواق للخلاص من الحكومات الفاسدة.
وتتجاهل الدول العربية المشاركة في المؤتمر الفشل السياسي والاقتصادي المستمر في العراق والذي يدفع العراقيون مقابله ثمنا باهظا من حياتهم ومستقبلهم.
وأشار ماكرون إلى أن النسخة الثالثة من مؤتمر بغداد الذي عقد للمرة الاولى في العاصمة العراقية في آب 2021 ثم في الأردن في كانون الاول 2022، ستعقد في بغداد في تشرين الثاني وتهدف إلى “توحيد أجندة إقليمية لدعم سيادة العراق”. من دون أن يشير الى سلطة الميليشيات الولائية المتحكمة في الوضع القائم والتي تعلو على مفهوم السيادة في العراق.
ويهدف المؤتمر إلى جمع كل الدول المجاورة للعراق، من السعودية إلى إيران التي تتمتع بنفوذ إقليمي كبير عبر الميليشيات الموالية لإيران من لبنان إلى سوريا.
وشدد ماكرون على أن “جميع دول المنطقة تحاول استئناف الحوار مع سوريا، وإعادتها الى مختلف منتديات التفاوض والشراكة”.
وأضاف أن “إعادتها الى الهيئات الإقليمية يجب أن تضمن مزيدا من التعاون في مكافحة المنظمات والجماعات الإرهابية والقيام بعملية سياسية تسمح للاجئين السوريين بالعودة إلى بلادهم مع ضمانات الحماية والاعتراف والأمن السياسي والاقتصادي”.
وبشأن إيران رحب إيمانويل ماكرون “بالتقدم الذي تم إحرازه في الأسابيع الأخيرة”. وأضاف “لكن ربما من خلال الخبرة لا يمكنني ان أشعر بحماسة كبيرة لذلك”.
وتجري طهران محادثات غير مباشرة مع الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، وتوصل البلدان إلى اتفاق في آب بشأن إطلاق سراح خمسة أمريكيين محتجزين في إيران.
وأضاف الرئيس الفرنسي “نعلم أن الاتفاقات يمكن أن تكون هشة، وأحياناً يندد بها من يبرمها ومن يوقعها لا يحترمها، وهو ما يجعلنا متواضعين حول طبيعة الاتفاقات التي يمكن توقيعها في هذا الشأن”.
وسبق وأن رحبت هيئة علماء المسلمين في العراق بكل جهد عربي ودولي لمساعدة العراق، والوقوف مع “شعبه” ومساندته في التنمية والتكامل الاقتصادي، وإقرار الحوار سبيلًا لحل الخلافات؛ بشرط أن يكون هذا الجهد محققًا للمصالح العراقية الحقيقية، ومراعيًا لإيجاد حلول شاملة ونهائية لمعاناة العراقيين.
رياض قهوجي: لا يريد الإيراني أن يتنازل عن أي مكتسبات، فهو يتفاوض من منطلق “ما لي هو لي” في العراق وسوريا ولبنان واليمن
وأعلنت هيئة علماء المسلمين في العراق أنها تعلم علم اليقين أن طبيعة العلاقات الدولية والتجاذبات الإقليمية والسعي الحثيث لتخفيف بؤر التوتر في العالم والمنطقة؛ تستدعي عقد مثل هذه المؤتمرات “التطمينية”؛ ولكنها لا نرى جدوى منها في ظل المشاركة الإيرانية، والخطاب المستفز لممثلي النظام الإيراني فيها، ولا سيما في مؤتمر قمة بغداد الثاني، الذي أراد فيه وزير الخارجية الإيراني إظهار صورة نظامه على هيئة المدافع عن الدول العربية والحامي لها، متجاوزًا حقيقة عدم اكتفاء بلاده باحتلال العراق رفقة الولايات المتحدة، وهيمنة أجهزتها وأذرعها عليه، وعبث ميليشياتها فيه؛ بل وتدخلها السافر في عدد من دول المنطقة وعبثها بأمن غيرها، وتواصل استهدافها للأراضي العراقية بالقصف الممنهج والتهديد بالاجتياح العسكري، دون أي رد جاد من حكومة بغداد، التي صار مصطلح “السيادة” بالنسبة لها مجرد تحفة أثرية مركونة على الرف..
ويتفق غالبية المراقبين مع هذا التوجه، ويرون أن أي دعم للحكومات الفاسدة في المنطقة الخضراء يزيد من كمية الضرر على العراقيين ويحول دون إنقاذ البلاد من وضعها المتصدع منذ عشرين عاما.
ويقول مدير معهد الشرق الأدنى والخليج للدراسات العسكرية رياض قهوجي إن للمؤتمر “طموحات كبيرة لكن لا أحد ينتظر معجزات”.
ويرى أن فرنسا هي بمثابة “رأس حربة للغرب في إبقاء شعرة معاوية مع الطرف الإيراني، خصوصاً على وقع الجمود في مفاوضات فيينا” النووية.
ومن الضروري، وفق قهوجي المقيم في دبي، معاينة موقف إيران باعتبارها “العنوان الكبير” ذلك أن يدها “موجودة في كل مكان، من العراق إلى سوريا مروراً بلبنان واليمن”.
ويضيف لا يريد الإيراني أن يتنازل عن أي مكتسبات، فهو يتفاوض من منطلق (ما لي هو لي في هذه الدول)، معتبراً أن السؤال الأبرز يبقى “هل ستظهر إيران ليونة أكثر أو استعداداً أكثر أو تقدم نتائج ملموسة؟”.
لكنه في الوقت ذاته، لا يتوقع أن “تتحلحل الأمور” طالما أن “الموقف الإيراني لا يتغير”.